عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
6

المشاهدات
6261
 
د. زياد الحكيم
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


د. زياد الحكيم is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
380

+التقييم
0.07

تاريخ التسجيل
Jul 2008

الاقامة
لندن - بريطانيا - عضو اتحاد الصحفيين البريطانيين

رقم العضوية
5315
06-03-2011, 07:14 PM
المشاركة 1
06-03-2011, 07:14 PM
المشاركة 1
افتراضي الحداثة وما بعد الحداثة في الادب - د. زياد الحكيم
كل حقبة ادبية هي حقبة حديثة في نظر اتباعها. فالكتاب الاغريق القدامى في القرن الخامس قبل الميلاد كانوا يعتقدون انهم محدثون. والادباء الرومانتيكيون اعتقدوا ان حركتهم حديثة. واعتقد الواقعيون انهم محدثون في رفضهم للرومانتيكيين. وليس لدينا كلمة تصف الحقبة الادبية التي نعيشها اليوم. ولكننا نسمي الاعمال الادبية التي بدأت بالظهور بعد الحرب العالمية الاولى بالاعمال الحديثة.

تتميز المرحلة الحديثة في الادب تاريخيا وثقافيا واجتماعيا بما يلي:

-وقوع حربين عالميتين مدمرتين: الحرب العالمية الاولى (1914-1918) والحرب العالمية الثانية (1941-1945).

-تقدم هائل في الصناعة والتكنولوجيا بالمقارنة بما حدث في القرن التاسع عشر.

-انشاء شركات دولية وصلت الى قمة التأثير والسلطة.

-اتساع دائرة الاتصالات بين الثقافات المختلفة وتطور وسائل المواصلات.

-تأثر كثير من المجتمعات التقليدية في مختلف انحاء العالم بالغرب وقيمه وثقافته. ونقصد بالغرب هنا اوربة والولايات المتحدة. فاطلعت هذه المجتمعات على القيم الحديثة التي يرفع رايتها الغرب بما في ذلك اهمية التصنيع، وحق الفرد في التعلم والرعاية الصحية وحرية الرأي والتملك والديمقراطية، وتحرر المرأة، والجرأة في طرح اسئلة لم يكن احد يجرؤ على طرحها من قبل.

وتعود جذور الادب الحديث الى الادب الاوربي، وقد نما وتطور كرد على الواقعية والطبيعية. ويرى بعض النقاد في الحداثة اربع حركات ادبية تشكل الادب الحديث وهو الانطباعية والتعبيرية والسيريالية والعبثية.

-في حين ان الواقعية تصور الاشياء والاحداث الخارجية كما يراها الرجل العادي في حياته اليومية، تصور الانطباعية ما تتركه هذه الاشياء والاحداث من انطباعات على الاشخاص، وتؤكد اهمية دور التخيل وتكشف عن طبيعة الشعور واللاشعور.

-في الوقت الذي تركز فيه الواقعية على الاشياء والاحداث الخارجية ، تحاول التعبيرية التعبير عن الرؤى الداخلية والمشاعر الدفينة والواقعية النفسية التي تبدو اكثر اهمية من الواقعية المرئية.

-في حين ان الواقعية تركز على ما هو خارجي، تحاول السيريالية اعتاق اللاشعور من قيوده والوصول الى العلاقات التي يتجاهلها العقل الواعي، وتنفي سلطة العقل. فهي لذلك تصور الاشياء والاحداث كما تبدو وليس كما هي.

-في الوقت الذي تحاول الواقعية التعبير عن الاهمية المطلقة لما هو عقلاني، تحاول العبثية ان تصور في الادب انعدام المعنى في الحياة المعاصرة: ملايين القتلى في الحروب، خلو العالم من القيم الروحية، الظروف العبثية التي يجد الانسان المعاصر نفسه فيها.

بعض خصائص الحداثة في الادب:

-تستعمل الصور البيانية والرموز بكثرة كادوات ادبية.

-تستعمل اللغة القريبة من العامية.

-تستعمل اللغة بوعي نافذ لان اللغة في الادب الحداثي تعتبر تقنية من تقنيات صناعة الادب.

-تستعمل اللغة كأداة خاصة لها اثرها في جعل القطعة الادبية قادرة على ان تكون شيئا او تفعل شيئا.

-تنظر الى القطعة الادبية بوصفها قطعة صنعها فنان بتقنيات خاصة. ولذلك يصبح الشكل والاسلوب والتقنية بنفس اهمية المحتوى ان لم يكن اكثر اهمية.

في الاغلب الاعم يريد الكاتب الحداثي ان يغير الطريقة التي يرى بها القارىء العالم وان يغير فهمنا لما يمكن للغة ان تفعله او ان تكونه.

"مابعد الحداثة" عبارة تصف الادب في النصف الثاني من القرن العشرين. وهي تختلف عن الحداثة بعدة نواح:

-في الوقت الذي تركز فيه الحداثة على الافكار والقيم والمعتقدات والثقافة، ترفض ما بعد الحداثة القيم والمعتقدات الغربية وتعتبرها جزءا صغيرا فقط من الخبرة الانسانية.

-في الوقت الذي تحاول الحداثة الكشف عن الحقائق العميقة للخبرة البشرية وللحياة، تشكك ما بعد الحداثة بهذه الحقائق لانها تقوم على نظام قيمي غربي واحد.

-في الوقت الذي تحاول فيه الحداثة البحث عن المعاني العميقة تحت السطح في الاشياء والاحداث، تفضل ما بعد الحداثة التركيز على الصورة الخارجية للاشياء والاحداث وتتجنب التوصل الى استنتاجات او اقتراح معان ترتبط بما هو تحت سطح الاشياء والاحداث.

-في الوقت الذي تركز فيه الحداثة على افكار مركزية في العمل الادبي ورؤى متحدة ، تنظر ما بعد الحداثة الى الخبرة الانسانية على انها غير مستقرة، ومتناقضة في حد ذاتها وطموحة وغير نهائية ومتشظية، وليس فيها واقع محدد ممكن.

-في الوقت الذي يوجه الاديب الحداثي القارىء وموقفه من العمل، يخلق اديب ما بعد الحداثة عملا مفتوحا، على القارىء ان يشارك في صنعه وان يكتشف معانيه الخاصة البديلة وان يقدم تفسيره الخاص به.