عرض مشاركة واحدة
قديم 10-27-2010, 06:30 PM
المشاركة 14
عبدالسلام حمزة
كاتب وأديب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


كما يجب على الناقد الأدبي أن يصدر أحكامه باتزان وتعقل ورويّة , وأن يبتعد ما أمكنه الابتعاد عن الانفعال وفورة الإعجاب وهو يصدر أحكامه .

ولن تقبل أبدا ً - في عرف العلماء والنقاد - من ناقد أدبي أحكام جزافية مغرقة في المبالغة , كتلك التي تطالعنا بها الصحف والمجلات ,

من مبالغات غير مقبولة في خلع صفات الثناء والحمد على بعض الأعمال الأدبية أو على بعض الأدباء .. فمثل هذه الأحكام توصف بأنها جزافية

تحسب من باب المديح والمجاملة إن أحسنا الظن بمصدريها , وهي في الحقيقة لون رخيص من ألوان الملق والنفاق والرياء ,

لا تمت إلى النقد الأدبي البنّاء الهادف بأدنى صلة .

وبحسبنا أن نتصور نتيجة هذا الملق في نفوس الأدباء المنتجين , إنه سوف يفسدهم بنشوة الإتقان والتفوق , ويحول بالتالي بينهم وبين التطلع

إلى الكمال أو محاولة التجديد , لأنهم خُدعوا عن أنفسهم بهذا النقد المنافق الرخيص .

وكذلك لا تقبل - في عرف العلماء والنقاد - في مجال النقد تلك الأحكام الأدبية المجازِفة في الزراية بإنتاج أدبي ما , أو الحط من شأن أديب

بتلك الصورة الحاقدة الهدامة التي تحركها الضغائن , ويوجهها المرض النفسي في أغلب الأحيان , لأنها والحالة هذه لا تخرج عن كونها

شتائم وسبابا ً لا تمت إلى النقد الأدبي بصلة .

ولقد وقع في هذا المأزق عدد عديد من الكتاب والشعراء والنقاد في عصرنا هذا , ولم تكن تلك معارك أدبية بين الأدباء تثري الأدب وتنمي أجناسه

كما يتوهم بعضهم لأنها لم تستهدف الحق والعدالة ولم تلتزم منهج النقد الأدبي البناء الراغب في التطوير والتنمية لفنون الأدب ,

وإنما أسف فيها أصحابها وغمسوا أقلامهم في أعراض إخوانهم وخاضوا فيما لا يجوز أن يخوضوا فيه ,

ولا هو مما يتصل بعملية النقد الأدبي من قريب أو بعيد .

كما يعد من الضرورة أن يكون الناقد الأدبي على علم تام ووعي كامل بوظيفة الناقد الأدبي وطبيعة عمله النقدي , وهي وظيفة أو طبيعة لا تجعل

من هذا العمل النقدي تسلطا ً أو تجبرا ً على الأدباء أصحاب الإنتاج - كما يحلو لبعض قصار النظر أن يتصوروا -

وإنما وظيفة النقد الأدبي هي التعاون والتآزر بين الناقد والأديب للوصول إلى صورة جيدة في نقد الحياة وتوجيه الأحياء نحو ما يصلحهم ويدفعهم

بأعمالهم الأدبية نحو الخير لأنفسهم ولغيرهم من الناس .


وليس صحيحا ً بحال من الأحوال قول بعض قصار النظر في وظيفة النقد :

( أن المؤلف قد جاء أمام الناقد بحبل على عنقه , وأن الناقد قد عفا عنه , فلم يشأ أن يشنقه بهذا الحبل )

وبعد .. فتلك هي الصورة المتكاملة - كما أفهمها وأراها - لشخصية الناقد الأدبي الذي يتخذ من النص الأدبي مجالا ً لعمله وتطبيقا ًلعلمه .

تم بحمد الله .