عرض مشاركة واحدة
قديم 06-18-2016, 06:01 PM
المشاركة 38
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
لم نتجاوز عن البعض و لا نصفح عن الآخرين ؟ بل تبقى غصتهم في ذهننا على مرّ الأيام ، لماذا نقبل الإذلال من البعض ؟ و نرفضه من الآخرين ؟ هل يكفي أن تقول جماعة أن فلانا جميل ليكون كذلك ؟ تجاوزت عنك لأنك أستاذ جيّد ، تقوم بواجبك أحسن قيام ، تجاوزت عنك لأنك ما لفظت يوما ولو همسا لفظ إهانة ، تجاوزت عنك لأن عينيك لا تنفثان الحقد ، رغم ذلك لا تنتظر منّي أن أحبّك ، هذا عام يا رجل و أنت تمتحنني دون غيري ، هل في الأمر منطق ؟ بالتّأكيد لن يوافقك أحد ، حتى الذين يحبّونك لابدّ يشعرون ببعض تمييز تمارسه ، الكل يحبّ أن يمارس التمييز ، رغم ذلك نحن لا نحبّ أن نكون الطبقة المغبونة ، الطبقة التي يمارس عليها التمييز ، الطبقة المهانة ، فمثلا طوال عمري ، و أنا أبحث عن التميز كما أنت ، في مجال ما ، في شيء ما ، و لو في كفيّة ارتداء طاقية ، و كل منّا يحس بتلك النّشوة عندما يرى نفسه يتفوق على الآخر ، ألم أقل لكم أنّني أغتبط كلما حققت المرتبة الثالثة ، طبعا فأنا أطمح إلى الأولى ، لكن قدراتي ما أهّلتني يوما إلى الأولى ، لذلك أحسّ بعض غبن ، لكن يمسحه أنّي تميّزت على الكثيرين . أضغيغ هو موطنه هو قريب من جبل سيروا ، هذا أوّل أصدقائي ، سيصفع الأمر الكثيرين لو قدّر لهذه المذكرات أن تكون في متناول الوسط الذّي أعيش فيه ، هو أيضا كان يختبره أستاذ الطبيعيات العام كلّه ، هو أيضا يسكن دار الطالب ، مظهره ليس جذابا ، و هناك شيء ما في شكله يجعله غير متناسق ، لكنه إنسان حقا ، تحمّل أستاذ الطبيعيات ، و تحمّل إهانات رئيس دار الطالب ، لا يحبّ هذا المسؤول أن يشمّه ، كلما رآه انطلق لسانه :" يا مجرم ، ياحرامي ، اغرب عن وجهي " كاد لقب المجرم يلتصق بظهره بين النزلاء ، لكن أنا يا صديقي ، سأكون معك ، ستكون صديقي و رفيقي ، هو ذكيّ رغم ذلك ، فليس سهلا أن أعترف بالذكاء لشخص بيسر ، إنسان خيّر جدّا ، تتدفق الطّيبة من كيانه ، يحسّ اعتزازا بالنفس ، حيّ المشاعر ، قوي رغم أن الوسط يحب أن يجعله منبوذا ، الأمر ليس فيه تعاطف ، فلو كانت الصّداقات تبنى على التعاطف، لكان لي من الأصدقاء الآلاف ، الصداقة نهر فياض من المشاعر لا ينضب ، هي الإحساس بالأمن ، هي الإحساس بوجود الآخر المختلف عنك ، فلن تشيّد صداقة مع إمّعة يفعل كل تفعله ، هي روح عظيمة ، و في احيان كثيرة ، هي أقوى من الحب نفسه ، إذ تتميز عنه بالإضافة إلى المشاعر بكثمان الأسرار ، والمشاركة في المغامرات .
ربما سأترك "عبد المومن" هنا رغم أنّه يستحق أكثر من إشارة .
دار الطالب تنظم نشاطا ثقافيا ، مسابقة بين الثالثة إعدادي والرابعة إعدادي ، مجرد أسئلة في المقرر ، أضف إلى ذلك أسئلة في الثقافة العامة ، اختير المشاركون حسب المعدّلات المحصلة في الدورة الأولى ، إبراهيم على يميني و لحسن على يساري ، نحن إذن ثلاثة ، مقابل ثلاثة من هؤلاء المتعجرفين ، نحسّ منهم نفخة كبيرة ، لكن لا تصل إلى درجة تبعث على الكراهية ، لكنها تدفعنا إلى المنافسة ، سحقناهم سحقا جميلا ، لا تستهينوا بنا و لو أنكم تعتبرون أنفسكم العلماء ، إبراهيم مثابر ، و لحسن أيضا ، لحسن تذكرونه هو الحاصل على الرتبة الأولى في تاركا ، إبراهيم لا أتذكر أنه درس معي في قسم ، لكنه يحتل المرتبة الأولى في قسمه تلك السنة و ربما في السّنة المواليّة ، نحن رفاق على أية حال ، كنّا أصحابا جيّدين ، ابراهيم رفيق جيّد ، لحسن يفلسف الأمور أكثر ، هو جليسي في الفصل ، كنّا ضيفين في تاركا و ها نحن أيضا في تالوين ، طباع دواره قريبة من طباعنا ، نقع على نفس الوادي ، و يمرّون على قريتنا كلّما توجّهوا إلى أساكي ، أخوه الحسين متفتح أكثر منه ، بل فنّان ، لحسن أيضا فنّان ، يحب العزف ، وأخوه يحبّ الرّسم ، لنعد من هناك . إبراهيم قوي البنية ، أتعارك معه مازحا كل يوم ، لكن الغلبة تكون له على الدوام ، نتمازح مع آخرين ، نغلبهم ويغلبوننا ، إبراهيم فيه جرعة أنانية ، رغم أنه لطيف جدّا ، في مزاحه ، وحتى وأنت تعلن انهزامك ، يزيد في خنقك ولا يريد أن يتوقف ، شيء لا يمكن أن يقبل بين الأصحاب ، لذلك أعود لمصارعته مرة أخرى عساني أصل إلى أن ألقنه ذلك الدّرس ، تمنيت يوما أن أوفق في ضم رقبته ، ولن أطلقه ولو أحس بالإجهاد والاختناق . لكن ما العمل ، لا تكون الأجساد دوما على قدر الأحلام