عرض مشاركة واحدة
قديم 05-10-2015, 12:41 AM
المشاركة 9
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أهلا ومرحبا بك أخى الحبيب
مرحباً بك مرة أخرى أخونا الفاضل الأستاذ محمد جاد .. والذي يذكرني دائماً بأمثال محمد جلال كشك والعلامة محمود شاكر ..
فمصر ولادة كما يقولون .. ولم تعدم أمثال هؤلاء ..
هو تشريف كبير يا صديقي ولكن يبقي الفضل لأصحاب الفضل والفكر ممن تفوقوا رغم انعدام الوسائل
أبدأ من مشاركتك الأخيرة وأقول :
هذه ثمرة الخلط بين التقليد والتجديد ..
فالذي يدعوك لتجديد الفكر والاستنارة ثم تجده يقدم لك فكراً منحلاً ومنحولاً من الغرب والشرق على أنه تجديد
هو مخلط لايعرف الفرق بين التجديد والتقليد .. يحارب الجمود وهو راسخ في الجمود الفكري .. يتصور الجمود
جموداً على تراثه العريق وفقط .. ثم تجده حجرياً متحجراً مع فكرأساطين اليونان والرومان ربما أبعد في حجريته
من هؤلاء الذين كانوا يرقصون في الكهوف
حول النيران .. ومالفرق بين ان يرقص أحدهم عارياً أمام صنم في كهف وبين أن يفعلها بالروب والبايب!!
صدقت ..
وانتشار وتردى مستوى الأسئة بل والشبهات يبعث على الأسي حقا

بالنسبة لموضوع الفراعنة ..
لاشك أن الواحد منا يفرح إذا ما وجد ما يثبت بالدليل أن أسلافه كانوا موحدين ..
لكن بشرط الدليل الساطع والبرهان القاطع.. لا بمجرد العصبيات العرقية وإلا صرنا مثل الصوفية الذين صادموا الحديث
الصحيح الذي فيه إثبات موت والد النبي عليه السلام على الشرك .. لمجرد العصبية والعاطفة ..
لا أظننى دفعتنى العصبية هنا ولا فى أى موطن ولعلك تذكر ما قلته لك فى نقاشنا أن أول مبدأ تعلمته الإنطلاق حرا من كل قيد أو إنتماء بخلاف العلم ذاته وبيان الحقيقة , لا سيما إن كنا فى صدد موضوعات الإجتهاد فيها مفتوح على آخره


وانا أحسبك يا أستاذ جاد من أولئك المناصرين للمبدا القرأني : قل هاتو برهانكم .. ومن أبعد الناس كذلك عن العصبيات
الحزبية وغيرها .. لذا انتظر منك زيادة بحث في تلك
المسألة والإفادة بمعلومات أكثر وأكثر .. مع التنبيه على المردود العملي على المواطن المصري من إثارة ذلك البحث ..
اسمح لى فقط ببيان نقطة هامة كى لا يتشعب النقاش فى نقاط أخرى
فالموضوع أخى الحبيب ليس اجتهادا أو بحثا فى مسألة تشريعية أو عقائدية بل هو محض حديث فى التاريخ
ولا شك أن كل قول يلزمه دليل فى أى مجال ..
لكن ــ حتى فى أمور الشرع نفسه ــ هناك موضوعات تتقاصر عنها الأدلة وبالتالى تنسحب قاعدة البرهان اللازم لكل قول وتحل قاعدة أصولية أخرى لها نفس الأهمية وهى ( لا إنكار فى أمور الإجتهاد )
والحكم أو العلم لا يتم إثباته بالدليل الساطع وحده وإلا ضاع العلم كله , فهناك الإجتهاد المقترن بأسبابه ومعظمها من القرائن والقياس العقلي ودراسة المتشابه
والقرائن فى الأمور الخفية تقوم مقام الدليل ..
وإن كان هذا يسري على الشريعة فهو فى بحوث العلوم الإنسانية أولى بالإتباع لا سيما وأن صفحة التاريخ الإنسانى المكتوب المبرهن لا تتعدى عشرة فى المائة من تاريخ الإنسان على الأرض
فهذا مجال مفتوح لمتعة العقل والمعرفة وليس فيه قول مقطوع به إلا الإشارات القطعية الواردة فى القرآن والسنة ..
ولهذا اجتهد علماء السنة فى التاريخ القديم ولم يقتصروا على ما ذكره القرآن والسنة لأنها مجالات تحفز البحث وتفيده
وخرجت من كبار الأئمة أقوال ونظريات مصادمة للشائع ورغم هذا لم يخضعوا الأقوال للتمحيص والتحرى لأن مصدر المعلومات الأكيد غير متوافر
ولعلك تعلم أن الإمام الطبري قال بقول لم يقله أحد قبله وهو أن الذبيح ابن إبراهيم عليه السلام كان اسحق وليس إسماعيل وأمثال هذه الأمور الكثيرة خاصة فى عصر ابن خلدون عندما اتخذ منهج الإجتماع كطريق لمعرفة تاريخ الشعوب وفند كثيرا من الوقائع المروية فى التاريخ القديم
فكرة اندثار العلم وعبادة الصالحين من دون الله لا يمار فيها أحد وهى مسطورة من زمن نوح وإلى يومنا هذا في المشاهد والحسينيات ..
ولا يستبعد أن تكون المعبودات الفرعونية كانت لبعض الصالحين لكن هناك جزء متفق عليه وهو أن
الشرك طرأ على التوحيد عند المصريين القدماء .. متى؟ وفي أي مرحلة من التاريخ ؟ المهم أن النهاية ختمت
بالشرك
القول الأول لا خلاف فيه قطعا
أما القول الثانى بأن النهاية ختمت بالشرك للفراعنة فهذا ما يقوم عليه دليل
وقولى أن الشرك طرأ فى عصور ما بعد التوحيد عدة مرات ولكن فى كل مرة كانت هناك طائفة موحدة وسبق أن أوضحت دليلي على ذلك وهو أن مصر بعمومها وبعموم شعبها لم يذكرها القرآن مطبقة على الشرك أبدا ولا عمها بعذاب شامل كما هو الحال مع أقوام المرسلين الذين كانت نهايتهم الفناء
وأقوى الأدلة على صحة وجهة نظرى أن مصر غيرت لغتها ثلاث مرات فى التاريخ المكتوب وغيرت دينها ثلاث مرات , واستجابت تقريبا لكل وحى جاء لها
وظل ميراث التوحيد باقيا حتى لو كان فيه دخن ولا يوجد أى دليل يؤكد أن مصر فى أى عهد من عهودها أطبقت بعمومها على التوحيد أو كذبت بعمومها نبيا من الأنبياء
والأمر الأخير
مصر كانت الحضارة الوحيدة التى قدست البعث وآمنت به عبر تواتر عصورها وهذا ينافي قطعا دعوى وثنية شعبها بعمومه

موضوع اخناتون .. لو صح ما نقل عنه ومن صراعه مع الكهنة هذا يؤكد وجود الشرك وتغلبه في البلاد ولا ينفيه
كما أن الدعوة لنبوة اخناتون دونها خرط القتاد .. لأسباب .. النبوة مصدرها الوحي ولسنا مطالبين بالتفتيش
عن انبياء لم يخبرنا بهم الشرع ( والشرع هو المصدر هنا فالأمر عقيدة )ولو كان في معرفتهم خير لنا لأخبرنا بهم الرب جل وعلا ..
أولا : ليس تحت أيدينا ترجمة صحيحة لأخناتون بعد أن شكك المحققون فى صحة تراجم الفراعنة الأولى وقد ذكرت فى البحث أمثلة للخلط فى دلالات الألفاظ وانا لم اسع لاثبات نبوة اخناتون ولا اصر عليه اصلا فلس هو موضع البحث انما فقط نشير إلى أنه دعا للتوحيد واختلف مع الكهنة
ثانيا : أما قولك لسنا مطالبين بالتفتيش عن بقية الأنبياء ويكفينا من ذكروا فى القرآن ولو كان فيه خيرا لجاء به القرآن !!
هذا قول غريب أخى الحبيب لأن اقتصار القرآن على 25 نبيا ورسولا ليس أمرا من ثوابت العقيدة بحيث ينغلق الإجتهاد دونه كما هو الحال مع صفات الله عز وجل
بل البحث فيما لم يذكره القرآن ونوه عنه فقط هو واجب من أفضل الواجبات وما أمرت به آياته من التفكر والسير فى الأرض للعبرة والبحث
كذلك لم يقتصر أئمة السلف أبدا على ما ذكره القرآن حصرا فى غير أبواب العقيدة والأصول تطبيقا لدعوة النبي عليه السلام بالبحث والتفتيش والتحرى وقد قال النبي عليه السلام عن القرآن أنه لا يشبع منه العلماء ولا يخلق من كثرة الرد
بالاضافة إلى أن النبي عليه السلام حكى وأخبر عن أنبياء ورسل لم يرد ذكرهم فى القرآن واجتهد أئمة التاريخ فى فهم تاريخ أممهم
فأنت هنا جعلت أمر التاريخ من العقيدة وهو قول خطير !

ويبقى الإيمان العام بكل الانبياء والرسل هو عقيدتنا .. سواء عرفناهم أم لم نعرفهم..
وما دخل البحث بعقيدة الإيمان بكافة الرسل وهل فى البحث ما يدعو لغير هذا عياذا بالله
ثانياً .. لو صح ما نقل إلينا عن اخناتون فهو دعا لعبادة أله واحد وهو الشمس .. فيكون قد وحد الشرك وجعله
شركاً في إله واحد باطل .. ولا يقنعني ما يقال ان ذلك تحريف من الكهنة لديانة اخناتون .. للتضليل .. أقول الصراع
بينه وبين الكهنة ليس من أجل طبيعة الإله .. بل من أجل الكساد الذي سيحل عليهم بتعطيل عبادة بقية الأله وإلا فالشمس
هي الإله الرئيس عند معظم الوثنيين قديماً وحديثاً .. فراعنة .. يونان .. فرس .. رومان .. فما الذي سيجنونه من تحريف
اسم إله اخناتون للشمس .. وهم يعبدون الشمس أيضاً كإله كبير ومعه أيضاً ألهة معاونة ..
ليس اخناتون تحديدا هو مقصود البحث بالدفاع وانما عموم المصريين


لكن نأتي لمسالة أثار الفراعنة .. لاشك ان لكل حكم علة .. ويترتب عليه حكمة ..ونحن لا نتعبد الله بالعلل والحكم لكن
نتعبده بالطاعة فيما أمر وإن لم تنكشف لنا العلل ثم الحكم ..
لكن يظهر الكلام في العلل كلما ظهر من يطعن في الحكم لعدم توفر العلة .. أو تحريفها او الاقتصار على علة دون النظر لباقي العلل..
لقد حرم ربنا التصوير ( لا أقصد الفوتوجرافي طبعا فهو أمر حادث ومختلف فيه )وصناعة التماثيل لذوات الأرواح بنصوص قاطعة ..
والحكم الشرعي في الصور الطمس .. يبقى التنزيل على الواقع وفقه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بضوابطه
وهذا باب أخر ..
لكن يظهر لك ( من التغريبيين بأصنافهم عالمانيين وإسلاميين) من لا يقنع بالفتوى التي مؤداها:
( أن هذا ليس أوانه - أو تركه أولى للصالح العام - أو غير ذلك .. )
بل يريد الاعتداء على الحكم ذاته .. يقول لك علة تحريم الصور والمجسمات هى أنها تعبد من دون الله ونحن لا نعبد
أثار الفراعنة .. إذن عمل الصور والمجسمات لذوات الأرواح حلال لأنها لاتعبد !.. وكأن لسان الشرع قد قصر عن إستدراك
تلك الحقيقة المدعاة ..
وأين نحن من قصة قوم نوح مع صور صالحيهم .. هم لم يصوروا صالحيهم ليعبدوهم من دون الله أصلاً ..
بل الشرك طرأ عليهم بعد ذلك باتباع خطوات الشيطان .. وأول خطوة كانت .. صناعة الصور للتذكر والتفكر والتدبر ..الخ
ثم أن المتكلم بتلك العلل كأنه يتصور الشرك وعبادة الصور والتماثيل وحتى أثار الفراعنة ومعبوداتها قد انمحى من على ظهر البسيطة ..
الجماعات السرية الباطنية ماتزال تتعبد عند الأهرامات وتقيم الاحتفالات لذلك ..
ثم من قال أن علة التصوير لذوات الأرواح هو الوقوع في الشرك وفقط .. هناك نصوص واضحة في حرمة التصوير بعلة
المضاهاة لخلق الله .. وأين نحن من أثر ابن عباس مع صانع الصور ونهيه إياه حتى تغير وجه الرجل من الرعب
لما سمع الوعيد .. أنهم أشد الناس عذاباً يوم القيامة ..هنا نصحه ابن عباس بالبعد عن تصوير ذوات الاوراح وفقط ..
الأن الحكم ثابت .. نأتي هنا لمسألة ...
هل ترك بعض الصحابة والتابعين لتلك التماثيل والصور إن كانوا رأوها أصلاً بمصر لما فتحت .. يعد دليلاً لترك الحكم بالنص الشرعي ؟!..

أولا : ترك التماثيل والمعبد لم يتركه بعض الصحابة فقط
بل هو مسألة إجماع من الصحابة لسبب بسيط جدا وهو أن عمر كان على رأس الخلافة ولو كان موضوع هدم التماثيل مطروحا لما سكت عنه قط خاصة أن عمرو ابن العاص كان يرسل له يستشيرهفى مسائل أقل حجما بكثير كمسألة عيد وفاء النيل مثلا
وبالتالى فسكوت عمر والصحابة عن هذه المسألة ينفي طرحها للنقاش أصلا
هذه واحدة ..
أجيال العلماء فى الأمويين والعباسيين التى تتابعت على مصر وجاء منهم أئمة كبار فى السنة كالشافعى والبيهقي وابن تيمية نفسه , هل وجدنا ما يدلنا على أنهم أثاروا تلك القضية ..
فى علمى المحدود لا يوجد لها أثر وربما كنت مخطئا لكن تلك المسألة ليست سهلة حتى يتم تجاهلها لهذا الحد ولا تشتهر اشتهار النار على العلم
وكيف لأئمة السنة فى مصر أن ينكروا القباب والمقابر ولا ينكروا المعابد والتماثيل ؟!
فالقصة أخى الحبيب ليست فى الإستدلال الشرعى وإنما مناط قولى هو أن اثارة القضية حول المعابد الغابرة لم تكن مطروحة لأنه لا يوجد فى السلف من فهم بفهم السلفيين اليوم على أنها أصنام تعبد من دون الله !
أليس كذلك ؟