الموضوع
:
شاعر الوجد والحرمان : الأمير عبد الله الفيصل
عرض مشاركة واحدة
02-10-2011, 01:06 PM
المشاركة
8
ايوب صابر
مراقب عام سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7857
المشاركات:
12,766
- هل كان شعرالامير الشاعر الفذ عبد الله الفيصل نتاج اشتعال لحظات من الوجد في ذهنه ?
- ومن أين جاء ذلك الوجد الذي هو أشبه بالاشتعال يطل من العيون فيكون له وقع السحر؟
- هل عرف الأمير الشاعر سر الوجد ؟ أم أنها تجليات شاعر؟
يقول الشاعر الفذ عبد الله الفيصل في قصيدته " من اجل
عينيك عشــــقت
الهوى
":
شعر الأمير عبد الله الفيصل
من اجل
عينيك عشق الهوى بعد زمان كنت فيه
الخلي
وأصبحت عيني بعد الكرا تقول للتسهيد لا ترحلي
يا فاتنا لولاه ما هزني
وجد ولا طعم الهوى طاب لي
هذا
فؤادي فامتلك أمره فاظلمه إن أحببت أو فاعدل
من بريق الوجد في عينيك
..
أشعلت
حنيني
وعلى دربك أنى رحت .. أرسلت عيوني
والرؤى حولي غامت .. بين شكي ويقيني
والمنى ترقص في قلبي .. على لحن شجوني
استشف الوجد في صوتك ..آهات دفينة
تتوارى بين أنفاسك .. كي لا استبينه
لست أدرى أهو الحب .. الذي خفت شجونه
أم تخوفت من اللوم .. فآثرت السكينة
فرشت لي درب
الهوى زاهيا كالنور في
جنة صبح ندى
وكنت إن أحسست بي شقوة تبكي كطفل خائف مجهد
وبعد ما أغريتني لم
أجد إلا سرابا عالقا في يدي
أهوى على قلبي يغتاله في قسوة أعنف من حسدي
لا
تقل أين ليالينا وقد كانت سرابا
لا تسلني عن أمانينا وقد كانت سرابا
إنني
أسدلت فوق الأمس سترا وحجابا
فتحمل مر هجرانك واستبق العتابا
-----------------------
لا يقول مثل هذه القصيدة العاطفية الملتهبة إلا يتيم وفي الأغلب يتيم الأم حيث يكون الشعر غارق في العاطفية والمشاعر الملتهبة.
وهو حتما يتيم الحبيبية في زمن لاحق او انه اختبر الموت من جديد حيث يتجدد الألم الدفين في ثنايا الدماغ من فقده المتأخر فيحدث الاشتعال الذهني في أعلى حالاته والذي يسمى عند الصوفية (لحظة الوجد) فيكون مصدرا لهذا الإبداع والإلهام المتدفق شعرا جميلا عاطفيا ملتهب المشاعر والأحاسيس.
وهنا نجد الشاعر يتحدث عن الوجد وهو لحظة الاشتعال الذهني التي تحدث في الذهن كنتيجة لفجائع الموت حيث تتدفق طاقة البوزيترون فتولد القصيدة عند الشاعر بل القصائد والمشاعر الملتهبة فيقول:
يا فاتنا لولاه ما هزني
وجد ولا طعم الهوى طاب لي
ثم يقول :
من بريق الوجد في عينيك
..
أشعلت
حنيني
وعلى دربك أنى رحت .. أرسلت عيوني
ثم يقول:
استشف الوجد في صوتك ..آهات دفينة
تتوارى بين أنفاسك .. كي لا استبينه
فها هو الشاعر هنا يرى بريق ذلك الوجد في عيون من أحب فيهتز قلبه ووجدانه من اثر تلك الطاقة المهولة اللامحدودة المشتعلة والمنبعة بقوة من عيون الحبيب، فيشتعل حنينه لكل من أحب ويقع أسيرا مسحورا لسحر تلك العيون فتتحرك عيونه هو في الاتجاه الذي يتحرك فيه الحبيب وكأنه مسلوب الإرادة لا حول ولا قوة له.
لكنه يستشف الوجد في آهات الحبيب أيضا رغم أنها مخبؤه دفينة وهو ما يشير إلى ذلك الإحساس المرهف الذي كان يتمتع به الشاعر، وهو حتما ناتج عن اثر ما خلفته صدمة مريعة في نفسه في طفولته المبكرة، كباقي من يتقمصهم وحي الشعر، والتي تكون اشد وقعا وألما وأثرا إذا ما وقعت في بواكير الطفولة فيتحول الإنسان العادي إلى إنسان ما ورائي أو انه يصبح مملوكا لوحيه الشعري.
ونجد الشاعر هنا ينهل من طاقة وجد لا محدودة حتما في قوتها واشتعالها، ويبدو وكأنه يستشعر تلك الطاقة المهولة التي تعتمل في ثنايا ذهنه ويدرك وجودها وهو يرى بريقها في عيون من احب. تلك الطاقة التي هي حتما نتيجة لحالة الفقدان والحرمان الذي عاناه الشاعر كما يقول هو في قصيدته "الحرمان " ونراه ملتهب العاطفة يهزه الوجد المتجدد في ثنايا الدماغ كلما مر بتجربة حركت فيه جراحة العميقة والتي تسببت اصلا في دفق غير محدود من طاقة البزويترون.
فيرى الوجد في عيون من أحب تطبيقا لقول شاعر آخر (كن جميلا ترى الوجود جميلا) فالذي يراه الشاعر هنا في عيون من أحب ما هو إلا انعكاس لمشاعر وجدانية داخلية ملتهبة تولدت لديه كنتيجة لما تركه اليتم من حالة وجد في ذهنه أشعلت كيانه كله وحولته إلى كائن ما ورائي أو على الأقل إنسان يتملكه وحي الشعر في لحظات الوجد الملتهبة، وربما ان حبيبته هي ايضا كانت تمتلك مثل طاقة الوجد اللامحدودة تلك فظهرت على شكل بريق آسر وساحر من عيونها الجميلة، حيث يكون الحب في مثل حالة الالتقاء هذه ملتهبا ويكون لقاء الاحبة وكأنه لقاء بين كائنات ما ورائية.
وان كان هذا هو سر شاعرية الأمير الشاعر عبد الله الفيصل فلا غرابة إذا أن يكون شعره جميلا، مشتعلا، متدفقا، يملؤه الحزن، والألم، والأسى، وكأنه براكين من المشاعر الملتهبة وهو حتما يترك أثرا مهولا لدى المتلقي...
ذلك لان مصدره هو تلك الطاقة البوزوترونية التي يظنها البعض ما ورائية وهي في الواقع عبارة عن حالة اشتعال تحدث في الذهن كنتيجة لما أصاب كل شاعر يمر في تجربة الفقد، لكنها تتفاوت من شاعر إلى آخر وهي هنا عند عبد الله الفيصل تبدو في أعلى حالاتها ولا بد أن لذلك مبررات سنحاول استكشافها هنا.
رد مع الإقتباس