عرض مشاركة واحدة
قديم 12-14-2017, 08:03 PM
المشاركة 49
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
القصص المشاركة في مسابقة القصة لمنابر ثقافية اصدار 2017 :
الكرسي الكسير
القاص محمد أبو الفضل سحبان

أسند "برهان" كرسيا خشبيا باليا كانت تنقصه رجل مبتورة منذ سنين إلى جذع شجرة جوز مهملة توجد في الحديقة الخلفية للبيت، ثم جلس يتأمل سطوة ذلك الخريف الذي هشم أوراق الشجر، وخطف لون الحياة بالمدينة البيضاء التي غزا الاسمنت المسلح والزفت ترابها، وطوقت المداخن سماءها ....أخرج من جيبه قلما وفتح مسودته على صفحة مبقعة وكتب على الهامش الأبيض فيها بحروف سوداء غليظة : هل من نفس بعد !!!!!!!
كان السكون الرتيب سيد الحال قبل أن يحط عصفور غريب كاسرا جناحيه على رأس برهان- الذي كان يبدو كعرش من العروش المتداعية - جاعلا يغرد ويتنقل بين الأغصان العارية يداعبها... أشرق وجهه و لعلع بريق أمل في عينيه المسترخيتين فأغمض جفنيه في لحظات خاطفة للأنفاس... لعله نذير خير جاء يبلغ البشارة بقرب حلول شتاء يغسل كآبة الوجوه وصدأ القلوب . وبينما هو سارح ينتشي بأصدق الألحان وبالسعد الذي حل به فجأة بعد طول انتظار تحرك المقعد من تحته وهوى به على الأرض محدثا ضجة وضوضاء بالمكان. فطار طائره في الحال واختفى عن الأنظار. تذمر وتحسر....ثم تساءل ساخطا :
لم لم يخطر ببال أحد من عميان هذا البيت أن يفكر يوما بإصلاح هذا العطب. وقال باستخفاف : دار عجزة .... يا للبخل والكسل !!!!!
حمل الكرسي الأعوج وأسنده مجددا لساق الشجرة ثم عاد للجلوس عليه... ومضى به الوقت ساعات يقلب صفحات الأمس الكئيب في كتاب الشروق القادم حتى غربت عنده الشمس وآذنت بالمغيب... فانتصب واقفا وقد سما فيه الشوق لرؤية السماء في حلة المساء ثم قال مازحا: إذا حدث وأغناني الله فسأعوض الرجل الخشبية
بذراع من ذهب....

بقلم القاص محمد أبو الفضل سحبان