عرض مشاركة واحدة
قديم 09-02-2013, 04:43 AM
المشاركة 21
أحمد سليم بكر
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي الحلقة الثانية عشر
الحلقة الثانية عشر
زهرة جالسه على الأريكة فى الحديقة الخاصة بالمنزل ، و صديقنا قادم من غرفته فى الدور العلوى فيراها غريبة بعض الشئ ، لكنه يذهب لها بصورة طبيعية فيجد فى يدها كتاب ، ينظر لها و يقترب ، يجلس على مقعد بجوارها ، فلا تفعل أى ردة فعل و كأن شئيا لم يكن ، حاول أن يبدأ معها الحوار ، فأبدى السلام عليها ، فلم تجبه كذلك ، فعندها شعر بأنه قد يعانى بعض الشئ ، فى ظل هذا الحدث ، تأتى الطبيبة المعالجة لها فى المصحة النفسية الخاصة بمرض التوحد ، و تدعى هند ، فتدخلها مديرة المنزل إلى حيث يجلسا فتصل الطبيبة فتجده جالس على المقعد ناظرا لها و تجدها تقرأ ، فتلقى السلام ثم بعد ذلك تبدأ فى الحديث معها ، و يستعجب عندما يجدها ترد السلام عليها و بدأت تتلاقى الحديث بصورة طبيعية من هذه المرأة ، فإذن لماذا لم تبدى هذا الأمر معى ؟ سؤال أبداه بداخل قرارة نفسه ، بعد أن هب واقفا من جلسته سار عنهما حتى يتركهما وحيدتين ، و لكن فى نفس الوقت طلب من الطبيبة أن يقابلها حينما تنهى مقابلتها مع زهرة ، و بالطبع حدث هذا كله بعد أن تعرفا و لكن الغريب انه لم يعرف نفسه على إنه أخوها و لكن أكتفى بذكر أسمه منفردا فقط ، و كأنه توقع أن يصدر رد فعل من تلك الفتاة مغاير لما يسير عليه الموقف من هدوءو سكينه ، و أكتفى بأنه يطلق أسمه فقط ، ذهب فتناول طعام الفطور و أرتدى بذلته السوداء بدون رابطة عنق ، حيث أنه أبدى أنه يشعر بإستحسان عندما لا يربطها حول عنقه ، أخذ ينظر إلى نفسه متبسا بسمة فتورية ، ها أنا ا واقف أرى نفسى هل أعلم عن هذا الذى يجلس أمامى أى شئ ، لا يعلم أى شئ و لكن السؤال هل كل من يرونه و يسيرون بين أورقنا بمشاهد هم أبطال لها ، لا يعملون كذلك من هو ، فإن نفوسنا تحمل بداخلنا أمور لا نفقدها فهل هذا الشاب الذى فقد واقع حياته الذى عاشه لا محاله من قبل ، يتمنى أن يعود به الزمن إلى حيث كان أم أن جانب ما فى داخل رأسه يبيح له حياته الجديدة على أنها الحياة التى عاش فيها من قبل دون أن يعلم أنه بداخلها ، أعتقد أن فى نفوسنا التى قد يبدو ضعفها أحيانا ما يجعلنا نهرب كثيرا من الواقع الذى نعيشه لنرتمى بين أحضان الخيال الذى قد نصنعه بداخل خيال نفوسنا الواهم .
علياء أستيقظت منذ قليل و ذهبت لإعداد كوبا من الشاى ، و عندها سمعت صوت هاتفها الجوال فذهبت له حيث يرقد على سطح مكتبها المرتكن أحد أركان حجرتها الخاصة ، فنظرت إلى الشاشة ... فوجدته رقما غريبا عنها ... فأجابت ... إذ أنه شخصا ما ... و تحدث مباشرة ... و لكن لا أعلم ماذا قال ؟ ... فالصوت ليس واضح لى ... و لكن أعتقد أنها قد سمعت بصورة جيدة لما قد قيل من قبل هذا المتصل الغامض ... و بالطبع سنعلم لاحقا من هو ؟ ... و كذلك ماذا قال ؟ ... و لكن أنتظروا لحظة لماذا أقفلت الهاتف مسرعة بعد دقيقة على الأغلب من الأستماع ؟ ... و كذلك لما تكتفى بإنهاء المكالمة فقط بل و أغلقت الهاتف تماما ... هناك أمرا ما إذن ... ما هذا الذى يحدث دعينا نرى يجب أن أتحرك من مجلسى لأرى ما الذى تفعله ... إنها أخرجت حقيبة جلدية سوداء اللون من مكتبها ... و فتحت أقفالها بمفناح صغير من ميدالية مفاتيحا الخاصة ... و أخرجت منها مجموعها من المستندات و كأنها تتأكد من وجودها جميعا ... ما هذه المستندات و من المتصل و ماذا الذى قد قيل ... كل هذا يغيب عنا الأن و لكن لربما نبدأ فى فك طالسمه الشديدة غموضها بعد .
نعود لحسام هذا المسكين فى هذا الزمان ، الذى لازال يعيش بين أحاجيه ، أين ذهب الفتى ؟ ، من الذى أرتكب تلك الجريمة الشنعاء ؟ ، أين خطيبة صديقه التى يعقتد ولا زال أنها هاربة لحين استحسان الظروف ؟ ، و من هذا الذى أستطاع أن يدخل منزله و يقتل أخاه فى حضور والدته و خرج أن يستوقفه أحد ؟ ، و فوق كل هذا ترتيب أفكاره التى ترمى به على هذا الشاطئ برهة و هناك على شواطئ أخرى برهة أخرى ، أعتدل فى جلسته و أخذ نفسا عميق ، و قام من جلسته ثم سار بضع خطوات ليصل إلى النافذه لينظر على هؤلاء الذين تعصف بهم هموم الحياه ، سائررون فى الشوارع أمام قسم الشرطة الذى يعمل به ، رغم أن هناك أمرا ما لم أذكره ... أن خوف الناس العاديين فى مصر من دخول قسم الشرطة قد يكون أكبر من خوفهم من الشيطان ذاته ، أو قد يكون فى بعض الأحيان أكبر من خوفهم من اللقاء بالرجل الذئب فى رومانيا ، أو الوقوف أمام عينيى ميدوسا اللعينه فى أحدى جزر البحر المتوسط ، لأن فى مخيلتهم أن ما سيلاقونه فيه أكثر من العذاب الذى يتلقاه بروميثوس المعلق بين جبلين ليتلقى العذاب كل يوم ، إن الخوف من دخول هذا المكان أمر ليس فيه الكثير من التعنت فى الوصف بل الواقع عند بعض العامة أشد ، إن الفكرة التى بين العقول لازالت فكرة أن من يدخل هذا المكان له من الأمر ما قد يشينه ، و لكن بنظرة موضوعيه ، فى أعتقادى أن الشخص السوى الذى يدخل لهذا المكان ، لأن أغلبنا بالطبع يتعرض لمشكلة ما كل يوم منها البسيط و منها ما هو معقد و لا نستطيع ادراك حلوله بأنفسنا فإن لم نذهب للشرطة التى أعتقد بأنها الحامى الوحيد من أجهزة الدوله للحقوق ، فكيف نستطيع حل هذه المشاكل ، إذن سنلجأ بأمرا ما إلى حلها بأنفسنا ، لنتحول فى تلك اللحظة إلى مجموعة من الحيوانات لا يحكم بينهم إلا قانون الغاب ، فأنت على سبيل المثال أخى المواطن إن اللجوء إلى هذا المكان ليس عن قلة أبدا بل لتترفع عن المهاترات التى قد تؤدى بك إلى الانسياق نحو ما لا تقبل من أخلاق مهدورة مع من يبدو عليه حماقة الشر المكتبسة من المجتمع ذاته ، نعود لهذا المستند بكفه على حافة النافذه السفليه ، و كأن أمرا ما قاده إلى حيث الهلاك بأفكاره بعيدا عنا ، نعم أستطيع أن أستطرد و أبدى أرائى مثل هولمز فى مغامرته التى لا أعرف حلها إلا معه ، و لكن الأمر أبسط ، عاد إلى مقعد مكتبه مسرعا و أخذ و رقة بيضاء من القابعه تحت هذا الشئ الأسود بعد أن رفعه بكل تأكيد و أخرج قلمه الخاص الجميل شكله ، من الجيب الداخلى لسترته ، ثم أخذ يخط به و يكتب و لكن للأسف لم يتثنى لى رؤية ما قد كتب و لكن لحظة ، الباب أنه الرجل الواقف أمام المكتب فى هذا الزى المدنى الغريب المتهالك ، و ها هو ذا حسام يسمح له بالدخول ، فدخل و أخبره بأن هناك سيده واقفه فى الخارج ، الأن تدق الساعة الرابعه عصرا .
كل هذا الوقت تجرى مقابلة معها ، بلا شك أنها قد أنهت تلك المقابلة دون أن تقابله ، هذا الجالس فى حجرته بعد أرتدى ملابسه الأنيقة الجديده كاملة قد مر أكثر من ستة ساعات منذ أن تركها ، من بعدها ذهب ليرتدى ملابسه ، و قد تمت مقابلته مع هدى و بعدها ذهب معها إلى الشركة و قد عاد بعد ذلك فى حوالى الساعة الواحدة و النصف ظهرا و عاد لسلتقى بخالد ثم من بعده نزل الدرج و عاد ليرى ما إذا قد أنتهت من مقابلتها أم لا ، و لكن مديرة المنزل أخبرته بأنهما قد ذهبا إلى حجرتها فى الأعلى بعد أن أسدلت الشمس ضوءها الكاسح و حراراتها العالية درجتها على أرجاء المكان ، فأخبرها بأنه ينتظر فى حجرته ، فعندما تنتهى هذه الجلسه الطويلة أخبرنى و أجعليها تنتظرنى ، هذا ما أبداه مندهشا لكل هذه الفترة التى جلسها سويا، و من بعد ذلك عاد إلى الحجرة و ما هى إلى دقائق قد خلع فيها سترته و حتى أتت مديرة المنزل و طلبت منه أن يأتى لمقابلة السيدة فى الأسفل ، و حدث و جلسا فى أحد الصالونات التى تملأ أرجاء الساحة التى توجد فى مدخل هذا القصر ، و بدأ بالتحدث بأنه قد طلب هذه المقابلة حتى يتسنى له معرفة كيفية معاملة زهرة ، و عندها نظرت له السيدة و بدأت الحديث ، بدأت الحديث بسؤال أتعلم ما لديها من أزمه ، فأجاب بأنهم أخبروه بأنها مريضة بالتوحد ، فردته بسؤال و هل تعلم عن هذا أى شئ و لو الأمر اليسير ، فتبسم بسمة البلاهة ، مع تأرجح كتفه فى أشارة بأنه لا يعلم ، و لكنه داخل قرارة نفسه قد أطلق هذا التعبير و هو يحدث نفسه بأنه ربما يكون لى من العلم فى هذا الأمر و لكن كيف أتذكر هذا و أنسى من أنا ، فأجابته إذن فسحاول أن أعرفك به أولا ، مرض التوحد ، يعد من الأمراض النفسية الغريبة بعض الشئ فهو غالبا ما يصيب المء فى الطفولة المبكرة أو حتى حين فترة الرضاعه ، و هو مرض أيضا يعد من الأمراض التى ليس لها علاج الأن ، و أكملت كلامها يعانى مريض التوحد من مشاكل ما فى التواصل الأجتماعى و كذلك تلقى المصطلحات اللغوية ، و المهارات السلوكية ، و لكن تختلف خطورة المرض من شخص لأخر ، فسألها كيف ؟ ، فأكملت بردها على سؤاله الغير مبرر من وجهة نظرى و لكن فقط كان يريدنى أن أزيد كلماتى بما قد أبداه ، أى أن منهم من يرفض الأتصال الإجتماعى نهائيا و منهم من قد يوافق عليه و منهم من يتميز بما قد يجعله خارق بالنسبة للأشخاص العاديين ، و زهرة ليست من مرضى التوحد الذين أصيبوا به مبكرا لا بل أصبها بعد فترة قد تتجاوز الثالثة أو الأربعة أعوام ، و هذا قد جعل لديها قدرة على أن تختزن ما علمته من مهارات إتصال إجتماعى قبل هذه الفترة ، و لهذا السبب فإن التواصل معها سيكون أمرا سهلا لكن بعد فترة ، أى تراك كثيرا أمامها كل يوم تعطيها هدية ما تفضلها و تحبها ، و أيضا تطور لديها الجانب العلمى بالمتابعة الدقيقة حيث أنها أحبت الأدب و خصوصا الأدب الروائى و حفظت كثيرا من سير هؤلاء الأدباء ، و بدأت فى تلقى دروس التاريخ منذ فترة وجيزة و ميلها العالى للحفظ جعل منها ألة لحفظ تواريخ عجيبة و غريبة فإذا ذكرت أمامها و هى تركز فى كلماتك أى أمر يتعلق بأحداث قديمة قد قرأتها فستجدها تعلق و من الممكن أن تستطرد لسرد بضع سطور من كتاب ما ، فهى غالبا ما تقرأ ، كانت من أمهر من دربت فى حياتى على الأطلاق ، و هذا ليس نتاج تدربى وحدى بل نتاج عملنا جميعا ، فأهلها وفروا لها المال الوفير ، و المركز مدها بما تحب حتى تتقنه ، و عند هذا توقفت و نظرة إلى الفتى فكان واضع كل تركيزه فى كلامها و منسجما معه بكل حواسه ، و عندها أعتدلت فى جلستها و ركنت ظهرها فى أخر هذا المقعد الكبير و قالت ، المرء منا يتخيل له أنه قوى ، و لكننا أضعف من أن نكون أقوياء ، فمن منا ينكر الذبابة التى إذا دخلت أنفك أماتتك و لم تكتفى بمرضك فقط ، و من منا ينكر هذا النفس الذى يشعر به إذا دخل و لم يخرج ، و منا منا ينكر العقل الذى إن ذهب صرت حيوانا بكل معنى الكلمة ، و من منا ينكر العيون التى إن فقدنها سرنا بلا ضوء ، و من و من و من ، لا أحد ينكر و لكننا نتخيل فى أنفسنا القوة ، فنهلك بها دون غيرها ، ثم نظرت له ألا تريد أى شئيا أخر ، قال لها بعد أن هز رأسه بعنف و كأنه ذهب إلى وادى النسيان مع هذه الكلمات البراقه ، و قال لا و كأنه لا يعلم عما تتحدث لأنه كان ينتظر منها كلاما أكثر ، فهبت واقفه و أبدات شكرها على هذه الأسئله ، فبعدها بفترة تذكر أنه يجب عليه أن يقف ليسير معها إلى حيث الباب و سيرتها التى تقبع خارج القصر فى حديقته مع باقى السيارات ، فشكرها و سار معها إلى حيث السيارة رغم أنها طلبت منه أنها تعرف الطريق فعليه ألا يتعب نفسه ، فتركها و عاد و دخلت هى إلى السيارة ، ثم ما هى إلا برهة فجرت بعد أن وضعت قدميها من السيارة و قامت بالنداء عليه ، فنظر لها مسرعا بنظرة إنتباه عالية ، فقالت له بصوت عال قليلا حيث كانت المسافة بينهما تتطلب ذلك ، قالت ، عاملها كإنسان .. إنسان له من المشاعر ما يكفيه ليحب كل من حوله دون أدنى رفض لأى فرد .. و كررت عاملها كإنسان ، و نظرت للأعلى فإذ بزهرة تنظر لها من الأعلى و تلوح لها بيدها ، حيث أننى نسيت أنها أخبرتها بأنها سترها من الأسفل فهى وقفت كل هذه الفترة التى جلستها مع الشاب فى الأسفل ، دون أن تكل و لا تمل ....
أما عن السيدة التى ذهبت لحسام فى مكتبه ، فهى .........
لا الحلقة القادمة ستأتى لتكشف الستار عما هو مختبا ، لا يعلم عنه أى منا أى شئ ، سوى أصحابه الذين تدور بهم دوائرهم لترغمهم على أحداث قد يكرهها أحدهم ، و قد يقبلها أخر ، و لكنها أقدارنا فى هذه الدنيا ، نفعل ما نريد و ما لا نريد قفى بعض الأحيان ، و نقابل من نحب و من لا نحب كذلك ، إنها طريقنا لا عودة ، و لكن قد تأتى لنا فرصه فى منتصف الطريق لنعرج إلى أحى طرقها الجانبية لنغير واقع و ضعنا أنسفنا فيه بأيدنا ، فإن الزمن لا يعود إلى الخلف و لكن فى مستقبله ما قد يصحح من سوء ماضيه أو العكس ....