النــــــــــــار
يتقاتلُ الفانون كي ما يجمعوا = من كلّ فانٍ فانيًا ويوسّعوا
وإذا هُمُ ملكوا الأزمّة والغنى = حتّى مقاليدَ السما لن يقنعوا
يتسابقون إلى الذنوب كأنّهم = لجبال تبرٍ بالمعاولِ أسرعوا
قالوا المهيمنُ للخطايا غافرٌ = يومًا نتوب إذا يشاءُ ونركعُ
ينسَون أنّ الله يملأُ ناره = بالعالمَيْن بما عصَوا وتمتّعوا
فاسْتُحضِروا حول الجحيم بما جَنَوا = مَن ذا يَرَى نارًا ولا يَتَضَرَّعُ؟
الله يسألُ هلْ مُلئتِ؟ تجيبه = هل من مزيدٍ للحرائق يُجمعُ
أبوابها سبعٌ عليها خازنٌ = ملَكٌ عبوسٌ مالكٌ متربّعُ
ولها زبانيةٌ غلاظٌ جهّمٌ = لله لم يعصوا ولم يتمنّعوا
زَقومُها المَلعونُ صـــــابٌ عَلْقَمٌ = وثيابهم نارٌ عليهم تطبعُ
تُشوى الجلودُ وحين تنضجُ صاغها = خلقًا جديدًا للتألّمِ تصنعُ
صوت التأوّه فاق صوتَ أجيجها = وبها النصيصُ مع التغيّظ يُسمعُ
الناسُ فيها والحِجارُ وقودها = والمُهلُ فيها للوجوه مسفِّعُ
لا نوم فيها والنعاسُ مغالب = وغطاؤهم نارٌ ومنها المضجعُ
وإذا أعدّوا للخروج من اللظى = فلهم مقامع من حديدٍ تردعُ
سألوا الملائكَ أن يخفّفَ عنهُمُ = مقدارَ يومٍ من عذابٍ يوجعُ
أو يقضيَ الباري عليهم رحمةً = فلعلّ ذاك به الخلاصُ الأسرعُ
رُدّ الدعاء ففي الضلالِ دعاؤهم = ومكوثهم أبدٌ مخيفٌ مجزعُ
وإذا هُمُ سألوا الرحيمَ ليخرجوا = خسئوا بها ولظلمهمْ لم يطلُعوا
لا موت فيها لا حياة لماكثٍ = ومصيرُ داخلها الخلودُ المُفزعُ
من يظلمون وجندهم حصبٌ لها = وبقعرها يُلقَى المُنافِقُ، يَقبعُ
الملحدون إذا رأَوها آمنوا = أنّ العذاب بما أقرّوا الأبشعُ
وإذا رآها الكافرون تيقّنوا = أنّ السعير لمن عصاه الأوجعُ
زمرًا أتَوها والأصابعُ قُضّمت = ندمًا لدرء مصيرها، هل ينفعُ؟
في الحشر لا يستعتبون لكفرهم = لا فِديَةٌ تَلقى القَبولَ، فَتُرجَعُ
الكلّ واردها وينجو رحمةً = من كان ذا حظّ عظيم يشفعُ
فلِمَ التزاحم والجحيمُ بوسعها = ضمّ الخلائق كلِّهم بل أوسعُ