عرض مشاركة واحدة
قديم 06-24-2016, 04:38 PM
المشاركة 51
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عند المقتصد رجعت في اليوم التّالي في غفلة من محمّد ، ذكّرته أنه يعرفني جيّدا ، و يعرف أن لا علاقة لي بتلك السّرقة التي تعرّضت لها دار الطالب نهاية الموسم الماضي ، حتّى تلك الحالة من العصيان التي شهدتها المؤسسة كان فيها الطّلبة على حقّ ، و من حقّهم أن يستفيدوا من خدمات دار الطالب رغم أنهم يستعدّون للامتحانات خارج الثانوية ، وعدني المقتصد بتسجيلي لكن ليس الآن ، بل في الأسبوع المقبل ، فالمدير الآن يريد أن يسترجع هيبته ، و أنت تعرف أنه سيتراجع عن هذا القرار . قدمت له المساهمة السنوية و قلت : " في الأسبوع المقبل سألتحق بالثانوية " شكرته على حسن ظنه بي ، وعند خروجي عرفت أنها مجرّد مسرحية ، كان أبي ضحيتها ، منذ ذلك الحين ، أخذت قرارا أن لا أشرك أبي في معالجة مشاكلي ، فالمسؤولون يستغلون وجود الأب ، و الوقار الذي يجمع الآباء بأبنائهم ، ليظهروا بمظهر القوي ، بمظهر المسؤول الحقيقي الذي يراقب كلّ صغيرة و كبيرة .
في القسم وجدت نفسي غريبا ، ماذا فعلت يا نور الدين ، فاتك جيلك ، جيل آخر التحق بك ، أصبحت شيخا يا رجل ، كانت الحصص الأولى قاتلة جدّا ، ما كان عليك أن تفعل بنفسك هذا ، من حسن حظّي أن علاقتي بالأساتذة ممتازة جدّا ، فوج آخر ، لكأن القدر وضعه في طريقي لأسترجع ألقي ، فقط أستاذ اللغة الفرنسية ، رغم أنه جدّي ، فيحب بين الحين والآخر أن يسخر من بعض التلاميذ ، عندما يقف المتعلّم عند السبورة و قد استشكل عليه أمر ما ، يبدأ في إطلاق ألفاظ سخرية ، انظروا إليه ، إنه لا يستحيي ، أذناه حمراوان ، إن وجهه يحمر ، انظروا إليه إنه يرتعش ، البعض يضحك ، البعض يفتعل التجاهل ، أمّا أنا فأرتجف غيظا ، أكاد أقوم من مقامي لأسكته ، أخيرا جاء دوري ، من حسن حظك يا أستاذ أن فعلت هذا مبكرا ، وقفت عند السّبورة وقوف حمار الشيخ في العقبة ، تذكرت حين تكلّلت بأذني الحمار عند المعلمة ، الأستاذ بدأ تعليقه ، روحي اجتمعت عند أنفي ، انطلق لساني :" سوايي ساج موسيو ، سيسي دونتغيتي دو سات فسون ، ميغد " لكمتى طبعت على السّبورة ، و رجلاي تغادران الفصل .
تعقّل الأستاذ و لم يقدم شكاية ضدّي إلى الإدارة ، حتى لم يسجّلني غائبا ، منذ ذلك اليوم ، ارتاح الجميع من سخريته ، لكنه عمل ما بوسعه لتقزيم نقطي .
لم تكن الأمور سهلة على الدوام ، فطباعي لم تتغير ، بين الفينة والفينة أتغيب ، و المثابرة شيء لا أستطيعه ، لكنني أحضر الموادّ الأساسية بانتظام ، و كان للطف الأساتذة فضل عليّ ، يقربونني منهم أكثر ، أحصد نقاطا جيدة في الفزياء ، في الطبيعيات ، في الرياضيات .
أستاذ الرياضيات يقترح أن يقدم تلميذ درسا ، تطوعت بأريحية ، أحسست فخرا وأنا أشرح المعادلات و أملأ السبورة ، أطوف بين الصفوف منتظرا أن ينجز الآخرون التمارين التطبيقية ، ساعتان أمضيتهما في أعلى علّيين .
أستاذة الطبيعيات تسأل عنّي ، أين هذا الجنّي ، إنه غائب يا أستاذة ، الأسبوع الأول بعد العطلة لا ألتحق فيه بالمدرسة ، أحبّ أن أمضيه في الوادي ، كان امتحان الطّبيعيات صخرة حقيقيّة ، كانت نقطتي هائلة ، ثلاثة فقط من حصّلوا بعدي على المعدّل ، و الآخرون كانت نقطهم ضئيلة جدّا ، تريد أن تهنّئني ، لكن أنا لا أبالي .