عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
15

المشاهدات
8064
 
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي


محمد جاد الزغبي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,179

+التقييم
0.18

تاريخ التسجيل
Jan 2006

الاقامة

رقم العضوية
780
08-10-2010, 06:33 AM
المشاركة 1
08-10-2010, 06:33 AM
المشاركة 1
افتراضي محاورات اليأس والمقاومة
محاورات اليأس والمقاومة

( هى محاورات بعضها من الواقع الفعلى وبعضها من حديث الخاطر .. إلا أنها فى كافة الأحوال عبارة عن تجربة تستحق أن تـُروى )

مكانه ومكانى :
لم يفتح هذا الشاب فمه ليتحدث مع أحد إلا مع الكاتب والسبب مجهول .. بالرغم من أن هذا الشاب أشقي أباه وأمه فى محاولة دفعه للحديث عما يشقيه ويدفعه لهذا التعامل الغريب مع من حوله
قال للكاتب فى حسد ..
" كم أتمنى لو نمت مثلك آمنا مطمئنا خاليا من الخوف "
فابتسم الكاتب قائلا :
" ولماذا تنتقي النوم أليس من العدل أن تتمنى مكانى كله .."
فقال الشاب
" نعم ولم لا .. أتمنى أن أكون مكانك ليهدأ بالى ويستقر عقلي "
ضحك الكاتب مجيبا :
" صدقنى .. لو أنك اتخذت مكانى لتمنيت من أعماقك ساعة واحدة من مكانك القديم بكل القلق والخوف الذى تعيشه لأنه سيبدو لك أرحم كثيرا من بقية تفاصيل حياتى التى تجهلها يا صاحبي "
فقال الشاب فى دهشة .. " ماذا تعنى .. ؟!"
مال الكاتب إلى الأمام قائلا ..
" أعنى ببساطة أن كل امرئ ميسر لما خلق له .. والحكمة الإلهية تكمن فى أن الله تعالى يعطى المقاومة بقدر الإبتلاء وهو الذى يجب أن تضعه بذهنك كمبدأ ثابت .. فما أنت فيه من هموم وتظن أنها أقوى البلايا هى فى مقاييس البعض لا تعد من زمرة الهموم لتفاهتها وعند البعض الآخر كوارث ليس لها رد من قوتها .. والنظرة تختلف بحسب القوة الموجودة بداخلك .. ولكن يجب أن تثق أن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها بمعنى أن القدرة المتوافرة بأعماق كل إنسان كفيلة بنجاته فالإختبار هنا عادل تماما والفشل أو النجاح حسب الصمود وتلونه صعودا وهبوطا عملا بقول الله تعالى ( ولا يظلم ربك أحدا .......... ) "
فقال الشاب مبتئسا :
" مشكلتى الكبري فى التفكير بالموت الذى يسيطر على ويفسد على حياتى ولا أعرف كيف أتخلص منه "
فعقب الكاتب :
" مشكلتك ليست فى التفكير بل بالعكس .. إنها فى انعدام التفكير لأن ما أنت فيه هواجس ومخاوف والخوف ضد العقل كما أنه ضد الإيمان طالما كان خوفا لغير الله .. وسل نفسك سؤالا منطقيا لماذا تخشي الموت ؟! .. وعندما تضع يدك على الأسباب سيكون هذا أول طريق العلاج .."
فهتف الشاب بعد لحظات :
" أخشاه لأنى لا أريد أن أموت الآن وأخشي أن يحزن أبي وأمى ومن الممكن أن يموتا أيضا بسببي "
ضحك الكاتب بصوت عال رغما عنه ثم قال ..
" تفسير فى منتهى الغرابة فى الواقع .. وعليك أن تتسم بالمنطق قليلا وطالما أن الموت أمر لا شك فى حدوثه لأجل معلوم فهل يفيد خوفك منه فى دفعه عنك .. ؟! وإن كانت الإجابة معروفة فعلام تضيع حياتك فى انتظاره؟!
والأهم .. بفرض أن مخاوفك تحققت ومت فعلا فهل تظن أنك ساعتها ستكون خالى البال لدرجة التفكير بأبيك وأمك .. الأكثر عقلانية أن تفكر فى أعمالك التى ستحاسب عليها بين يدى الله وتترك الأب والأم لمن خلقهم وقدر لهم فهو أدرى وأرحم بهم منك ألف مرة
ثم من أدراك أساسا بموعد موتك .. إنك تعانى من هذا الخوف كل ليلة منذ أكثر من شهرين فهل لك أن تخبرنى لماذا لم تتحقق تلك المخاوف إلى الآن ؟! .. ألا يثبت لك هذا أن ما تعانيه مجرد وساوس شيطانية والعياذ بالله تسربت إليك وأحكمت على عقلك ولن تتخلص منها إلا بإدراكها لأن الخوف من المجهول ينتهى بمجرد إدراك أصل هذا المجهول .. "
فقال الشاب ..
" كيف أدرك هذه المخاوف وكيف أقاومها وأثبت أنها مخاوف وبأننى لن أموت كما تقول تلك الخواطر ..؟!! "
قلَب الكاتب كفيه فى دهشة وهو يقول :
" وهل تظن نفسك حيا يا صديقي .. إنك ميت فعليا لموت الإرادة بأعماقك وكما يقول المفكر د. مصطفي محمود أن الحياة تتميز بعدة أوصاف أولها مقاومة التغيير الخارجى وإرادة البقاء وهى إن انتفت من شخص فهو ميت حتى لو كان على قيد الحياة .. ولن تدرك مخاوفك وتقاومها إلا إذا توافرت لديك إرادة المقاومة وهى ليست بمجرد القول بل تأتى بالتصرف الفعلى بالمواجهة .. واجه خوفك فإن انتصرت ستنجو وإن هزمك هذا الخوف فقد عجلت بنهايتك وهو أفضل من أن تظل رهنا للإنتظار .."
تساءل الشاب فى اهتمام ..
" كيف .. ؟!"
أجابه الكاتب :
" أمر بسيط سل نفسك عن الأشياء التى تخاف أن تفعلها بسبب تلك الهواجس واذهب فتحدى نفسك وافعلها وانتظر النتيجة .. ما دمت تخاف البقاء منفردا فى مكان مظلم تعمد أن تواجه هذا الظلام .. وما دمت تخاف أن تنام فى حجرة منفردة .. جرَب هذا النوم وانظر نتيجة التجربة ثم أبلغنى بها .. وإن كانت هى نتيجة مؤكدة مسبقا لأن كل ما حدثت به نفسك عن أشياء تتوهمها تخرج لك فى الظلام لن تجدها واقعا بالتجربة وكل ما تخافه من النوم لن يأتيك فعليا عند مواجهته ..
هذا بالطبع لو كانت لديك الإرادة .. "


حق الـكِـبـْـر

" أريد أن أسألك عن شيئ هام .. "
فالتفت الكاتب إليه فى هدوء قائلا ..
" تفضل .. "
فقال :
" ألسنا كبشر من الممكن أن نُوصف أو نسبغ على بعضنا البعض صفات كالكرم والرحمة والحلم مع أنها بعض من صفات الله عز وجل .."
فقال الكاتب :
" نعم ولكنها فى الله تعالى صفات مطلقة بينما فى البشر صفات نسبية ممنوحة من جلاله سبحانه وتعالى .."
فعقب الشاب قائلا فى اهتمام ..
" وما دام الأمر كذلك لماذا حرم الله علينا صفة الكبر نهائيا ولماذا لم يمنحنا جزء منها لنصف بها العباقرة من البشر باعتبارهم يتمتعون بالتفرد والتميز .."
تأمله الكاتب فى صمت ثم سأله
" من أين أتيت بهذا السؤال ؟!"
فقال الشاب فى ارتباك
" سألنى إياه أحد زملائي بالجامعة .. "
أطرق الكاتب برأسه أسفا .. قبل أن يقول :
" الأمر بسيط .. هل لك أن تخبرنى لماذا لم يحصل البشر على أى منحة من صفة الله تعالى كخالق "
فقال الشاب " لأن البشر لا تستطيع الخلق أبدا .. "
فقال الكاتب ..
" أى أن صفة الخلق مطلقة لله تعالى وحده .. وبالمثل صفة الكبر .. وقبل أن تقول لى أن العبقريات لها بعض الحق أن تغتر وتعتز بما لها من تفرد بين الناس سأقول لك تعالى لنعرف ما هو الكبر ولماذا يقصم الله من يشاركه تلك الصفة من عباده لأنه هو وحده المتكبر .. فالكبر معناه ببساطة أن تأتى بما لا يستطيع غيرك أن يأتى به أو يضيف عليه فى المطلق .. وكذلك هو أن تمتلك أمرك فلا يكون هناك لكائن من كان فضلا عليك ..
فأين هو المخلوق الذى أتى بما لم يأت به غيره فى الدنيا ولم يضف إليه أحد بعده .. ثم أين هو المخلوق الذى تفرد بأمره فلا يوجد لأحد فضل عليه وهو فى الأصل مخلوق وطبيعة المخلوق تركن بالفضل لخالقه .. هل فهمت ؟.. "

وما زال نهر الحوار جاريا