عرض مشاركة واحدة
قديم 02-25-2011, 10:50 AM
المشاركة 19
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

وتتواكب الإضاءات الخافتة للنص في عكس معاناة تلك الصغيرة البائسة، والتعبير عن انكساراتها اللاشعورية " كانت تطلب بصوت مرتفع (صولدو ... رغيف) وبعدها كان الصوت ينحدر برنته ويعود متوسلاً، ويختنق باكياً، بينما بعض دموع باردة كانت تنحدر على خديها، وبالرغم من كل هذا كانت تتابع الذهاب والمجيء كل ذلك يتم بإلهام، مدندنة بكلمات مبهمة، حتى إذا جف الصوت في حنجرتها المحترقة، عندئذ كانت تطلب صدقة بتنبيه النظر .. وفي نهاية النهار .. تترنح بدوار ثم تجرجر نفسها حتى درجات كنيسة "بورتانوفا" وهناك تظل بلا حراك، منكمشة كثوب مهترئ تخرج منه حشرجة مخنوقة ".




وتتشكل المفاجآت القصصية في إضاءة بنفسجية في النص تتدفق حيوية في النص، في يوماً ما من حياة تلك الصغيرة البائسة، من خلال تجمع جماهيري وهم يتدافعون، وتندفع معهم تلك الصغيرة بين تناثرات الورد وامرأة جميلة بين الحرير والورود، والرعب ينال الصغيرة من هول ومفاجأة المشهد وبمحاذاتها امرأة أنيقة بملابس سوداء تحمل سلة صغيرة من الأزهار، والنقود تتكدس في قعر السلة الصغيرة، فيقع عود وفلة بين يدي الصغيرة، فتتوزع ابتسامتها عليه، وتزرع الفلة بفتحة قميصها، لكن سرعان ما تنهال الصرخات وأصوات الشتم لها في عز أمنياتها بأن تكون مثل هذه البائعة، وامتعاضات من وجودها، إذ يجب أن تسوقها الشرطة على السجن للتخلص من ظاهرة التسول المقيتة في المدينة.


فعند تلك اللحظات المؤلمة وعند إسدال النص نهاياته المؤثرة، في فنياتها التعبيرية العالية، وهي تبيع الزهور بصورة آلية في تنهيدة بطيئة تنهض لها الصدر، كان الفرج بشراء جندي فلة منها، ونيل "صولدوا" لتشتري بها رغيف خبر، ومشهد السيارات التي تسبب الدوار ومشاعر الخوف لديها، وعبورها مضطرة خائفة الشارع إلى الجانب الآخر ليسدل النص على صرخة امرأة في سيارة عابرة نالها الإغماء" وبمحاذاة الرصيف كائن بريء يحتضر وساقه مدعوسة، كانت تحتضر بين زهور الفل التي انتشرت حولها، ضاغطة بيدها على صدرها وقابضة باليد الأخرى على رغيفها الصغير بوجه أبيض وصارم. وكان فمها نصف مطبق، وعيناها الكبيرتان المندهشتان والمتألقتان في السماء ".




وهناك تبرز رؤى الكاتبة المبدعة التي اختارت الفئات المهمشة نبضاً لولادة نصوصها الإبداعية، في التعبير عن معاناتهم وفقرهم، في ظل لوحة اجتماعية منكسرة مؤثرة، ترصد الواقع آنذاك بكل تجلياته، وبكل عفوية ومصداقية مرهفة، وشفافية نازكة ذات نفس طويل في السرد والتصوير، مما مكن الكاتبة من اعتلاء عرش القصة الإيطالية في زمنها العريق، واعتبارها عبقرية قصصية في الأدب الإيطالي.



وعند انحناءات أغصان الفل الناعمة، وتراقصات فلة الإبداع أودعك أيها القارئ العزيز بالحب والسلام، وعليهما ألقاك عبر تفتحات بنفسج الإبداع وألق زنابق القص العالمي.



- - - - - -


*
ماتيلدي سيراو من أفضل كاتبات إيطاليا وأكثرهن آثراً في الحياة الفكرية، ولدت في باتراس باليونان عام 1856، وبدأت منذ نعومة إظفارها المساهمة في صحف نابولي ككاتبة، وكثير من الصحف الإيطالية مدينة بوجودها لماتيلدي سيراو، وافتها المنية عام 1927 تاركة وراءها إرثاً فنياً ضخماً يناهز الأربعين مجلداً منها (القلب القاسي عام 1881) و(خيالات عام 1883 ) و( جيوفانا 1887)و (اللامميز 1894) و(المخادع 1898)


(1) ترجمة: عوض شعبان






هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)