عرض مشاركة واحدة
قديم 02-25-2011, 10:44 AM
المشاركة 18
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


من روائع الأدب الإيطالي




ماتيلدي سيراو والاحتضار بين زهور الفل



تشكل إبداعات (ماتيلدي سيراو)* مساحة مضيئة في الأدب الإيطالي، واعتبرت تلك الكاتبة الموهوبة عبقرية أدبية في تاريخ الأدب الإيطالي، لما امتلكته من موهبة متفردة في التصوير الفني لنصوصها القصصية، وعكسها الفئات المهمشة في المجتمع الإيطالي، عبر فنيات إبداعية، تتشكل في التقاط الحياة في جزيئاتها بصورة مؤثرة مدهشة، وعذوبة مشوقة في السرد، حتى اعتلت عرش الإجادة الفريدة في التقاط النفس الشعبية، ومن جملة العقد الفريد لإبداعاتها، بائعة الزهور(1)، التي تعكس من خلالها لوحة فنية أدبية لمتسولة صغيرة، برعت الكاتبة في التقاط أنفاسها المتحشرجة، وتعابير المعاناة في محياها، ومساحات الخوف التي تترصدها وهي ابنة السابعة، وصور الألم التي تتضور في جسدها عند مصانع البسكويت ورائجة الخبز المنتشرة من المخابز، وملامح اندهاشاتها من العالم الآخر فيما وراء (سانتا باربرا) ورمزت له الكاتبة بتعبيرها من فوق.




فترصد الكاتبة استهلالة قصها بمشي الصغيرة بتمهل على حافة الجدار لسوق التجار الضيقة والمعوجة وعيناها ترمق الأماكن العالية، من البقعة السفلى التي ترزخ تحت نير جوعها وبؤسها، في أزقة مظلمة تدور فيها يمنة وشمالاً مع الفئات المهمشة الفقيرة في المجتمع الإيطالي طلباً لثمن رغيف خبز هي غاية مناها في الحياة.


وتتشكل أيدلوجية الكاتبة بالسخرية من اعتبارات دينية واعتبارات اجتماعية في أنصاف تلك المتسولة الصغيرة؛ التي فقدت أمها ولم تبكِ وتصرخ ومضت في أزقة الظلمات طلباً لرغيف خبر في معترك الحياة وصراع البؤساء في الحياة، إذ تتشكل في النص رؤية الكاتبة لوهمية تلك الرموز الدينية في مساحاتها القصصية، وإنها تبقى تماثيل جامدة لاتملك حياة لتلك البائسة الفقيرة، تطالعها الفتاة الصغيرة، وتمضي إلى طريق فقرها اللامتناهي.




وفي الوقت ذاته تتشكل العذابات من تلك الفئات المترفة في المجتمع، والفئات المتنفذة في المجتمع؛ التي تزيد من بؤس المعاناة وتجريد الفتاة الصغيرة من إنسانيتها؛ من خلال الرؤية الفوقية لآفة التسول وضرورة سجنها دون نظرة حانية رقيقة لاحتضان تلك الفتاة الصغيرة وإنقاذها من ظلمات مدلهمة؛ تتكدس ألماً ومعاناة في حياتها الشقية البائسة، حيث تغفى الضمائر ولا تستيقظ.



وتبرع الكاتبة في رمزية مفردة (من فوق) في لغتها القصصية؛ لتخترق تلك الطبقة الأرستقراطية في ذهنية تلك المتسولة البائسة، حيث تترصد مساحات الخوف والفضول في رحلة مؤلمة؛ تنكشف دقائقها عبر تقنيات القص المبدعة لدى الكاتبة: "كانت تتبع طريقها حتى (سيريليو) وتعود أدراجها دائماً في خطى حذرة كي لا تتعثر على طول الجدران، أو بين أقدام السابلة، تلك الأزقة السوداء، ذلك العار، ذلك البؤس، الدهانات ذات الأطياف، انعدام الشمس، سحنات المرابين، والبائعين ووجوه سماسمرتهم المتشككة، والملامح المتوحشة للمومسات، تلك البضاعة التافهة الزاخرة بالغبار، والفاسدة .. كانت كل عالمها، كانت بالتسكع تشعر أنه في ما وراء سانتا باربرا ... في نهاية شارع الأميرة مارغريدا، كان يوجد عالم آخر، لكنها كانت تخشى أن تواجهه، كان لديها منه خوف وحشي، كانت تطلب صدقة، لكن مراراً كثيرة، ما كانوا يعطونها جميع أولئك الناس المسرعين ليربحوا المعاش القاسي ...."







هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)