عرض مشاركة واحدة
قديم 11-18-2013, 12:47 AM
المشاركة 12
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نظرية التعلم السلوكية

السلوكية مدرسة من مدارس علم النفس ، تعتقد أن الظاهرة النفسية سلوكات وأفعال ، فتصرفات الطفل وأفعاله مؤشرات على حالته الداخلية ، و السلوك هو فعل و تصرف ، حيث تفصل هذه المدرسة فصلا قاطعا بين السلوك والشعور فالأول مادي والثاني ميتافيزيقي . يقول واطسون زعيم المدرسة السلوكية الأمريكية : " لقد انتهى السلوكيون إلى أنه لا يمكن أن يقتنعوا بالعمل في اللامحسوسات ، والأشياء الغامضة ، و قد صمموا ، إما أن يتخلوا عن علم النفس ، أو يحيلوه علما طبيعيا " يقصد بالعلم الطبيعي كالفزياء والبيولوجيا و الجيولوجيا ، التي تعمل في الظاهر والملموس . يرى ثورندايك التعلم بأنه عملية إنشاء روابط و علاقات في الجهاز العصبي بين الأعصاب الداخلية التي يثيرها المنبه المثير ، والأعصاب الحركية التي تنبه العضلات ، فتعطي بذلك استجابة الحركة . و يرى التعلم يقوم على قانونين : قانون المران أو التدريب بمعنى أن الروابط تقوى بالاستعمال و تضعف بالإغفال . و قانون الأثر أي أن هذه الروابط تقوى وتكتسب ميزة على غيرها و تؤدي إلى صدور رضى عن الموقف ، إذا كانت نتائجه إيجابية .

السلوك عند السلوكين مهما كان جزئيا يتكون من وحدة المثير و الاستجابة مما يقود إلى أن جميع الأفعال التي يقوم بها الفرد ما هي إلا استجابات لمثيرات معينة . يقول واطسون " إن المقياس الذي يضعه السلوكي أمامه هو كالتالي ، هل أستطيع أن أصف هذا الجزء الصغير من السلوك بلغة الحافز والاستجابة "

استفادت السلوكية من الأبحاث التي أجراها بافلوف العالم الروسي حول المنعكسات الغددية و الباطنية و فزيولوجيا الهضم و التغذية ، إذ أجرى تجربية ناجحة على كلب وضعه في جهاز لجمع لعابه مباشرة من احدى الغدد اللعابية ، حيث كان يقدم لحما للكلب فيسيل لعابه ، ، لكن بافلوف لاحظ أن الكلب يسيل لعابه أحيانا قبل الأكل ، أي عندما يسمع خطواته أو يرى الصحن ، هكذا استنتج أن وجود الطعام في الفم منبه طبيعي لسيلان اللعاب كاستجابة ، لكن سماع الخطوات أو رؤية الصحن هي مثير شرطي . هكذا سمى بافلوف المنكس الشرطي ذلك الفعل المنعكس الذي يصدر عن الكائن الحي و الذي ترتربط فيه الاستجابة بعلامة مبدئية بديلة عن المنبه الطبيعي الأصلي .

تعلم الاستجابة عند بافلوف قد تبنى شرطيا بمجرد اقتران مثيرين شرطيين أو أكثر لا علاقة لهما بمنبه طبيعي بيولوجي ، و هذا ما سماه بافلوف بالإشراط من درجة أعلى و هذا ما يفسر حسب منظور الإشراط في السلوكية الكلاسيكية تمظهرات السلوك في بعده اللفظي التداولي ، أي اللغة و الرموز وأنساق التواصل .

درس بافلوف أيضا انبناء الاستجابات الإشراطية في بعدها الانفعالي ، سواء تعلق الأمر بإشراطات الإغراء و بناء الميل ، أو بإشراطات التنفير وبناء موقف الرفض . وأكد أنه كلما اقترن المثير الشرطي بالدافع السكولوجي تكونت بالضرورة استجابة شرطية انفعالية ، علما أن المثير الشرطي الذي يحمل مؤشرات الألم بالنسبة للمتعلم غالبا ما ينتهي بعجز الكائن عن اكتساب استجابة شرطية . فالمثير الشرطي المنفر عائق للتعلم .

إذا كان الإشراط الاستجابي يقوم على وجود علاقة السبب بالنتيجة بين المثير والاستجابة إذ تكون الاستجابة نتيجة حتمية للمثير ، فإن سكينر في إشراطه الإجرائي يرى أن الاستجابة يمكن أن تصدر دون مثير واضح ، بل يعتقد أن الكائن الحي يتفاعل مع محيطه بشكل تبادلي ، إذ أنه يتأثر و يتغير من خلال التأثير والفعل في المحيط وتغييره . و يؤكد أن السلوكية الإجرائية جعلت من السلوك ظاهرة علمية موضوعية منفصلة عن أي إفراز غددي أو تفاعل عصبي كيماوي يمكن أن يندرج تحت إطار فزيولوجيا الجهاز العصبي ، أو علم وظائف الأعضاء . لأن هذا المنظور يختزل السلوك إلى سببية تفاعلية بين مركبات مادية جزئية ، تلغي الأثر المادي للسلوك كإجراء فاعل في البيئة ، و ناتج عن مثيراتها .


مفاهيم النظرية الإجرائية في التعلم

السلوك : السلوك حسب سكينر هو مجموعة استجابات ناتجة عن مثيرات المحيط الخارجي طبيعيا كان أم اجتماعيا ، و يميز سكينر بين ردود الفعل الاعتباطية ، وبين السلوك الذي تتبعه وبناؤه عن طريق التعزيزات

المثير والاستجابة : المثير في الأصل هو منبه خارج العضوية البيولوجية من مصدر مادي أو اجتماعي ، والاستجابة هو كل ما ينتج عن العضوية كنتاج للإثارة . إلا أن سكينر لاحظ أن استجابة العضوية تصدر عنها نتيجة تشكل معززا ( تعزيزا إيجابيا أو سلبيا ) لذلك فالاستجابة تنتج مثيرا معززا يؤثر على مسار انبنائها أو انطفائها .

الإجراء : استحدث سكينر مهوم الإجراء كتعويض لمفهوم الفعل المنعكس ، للتعبير عن السلوك الذي يبنى بنتائجه و يتحدد بها ، إنه سلوك يؤثر في الكائن نفسه من جهة وكذا في البيئة . فهو إذن استجابة مقترنة بمعزز و ليس بالمثير الذي يصحبها .

الإشراط الإجرائي : إن الإشراط الكلاسيكي عند بافلوف يعتبر إشراطا استجابيا لأنه مبني على تعاقب المثيرات ، و الإشراط الإجرائي يبنى على أساس انتاج الاستجابة لمثير آخر .

مفهوم التعزيز والعقاب : لاحظ ثورندايك أن الأثر الإيجابي الناتج عن السلوك يبعث على الرضى ، أما الأثر السلبي فيؤدي إلى القلق . و كلا الأثرين يؤثران بعمق في بناء السلوك . و لقد زكى سكينر هذا التوجه ، فالرضى و الإشباع سيزيد من عدد المعاودة الاستجابية ، إذن فهو مثير معزز كنتيجة . أما القلق و الألم فسيشكل مثيرا مطفئا وبالتالي سيؤدي إلى تناقص الاستجابة و عدم انبنائها .
مفهوم التعلم يؤكد سكينر أن التعلم هو انبناء الاستجابات السلوكية كأنماط تغير طارئة على سلوك الفرد و التي يمكن أن تدوم بفعل الإشراط الإجرائي ، إنه نتاج التفاعل مع المحيط .

مبادئ التعلم في النظرية الإجرائية

التعلم نتاج للعلاقة بين تجارب المتعلم و التغير في استجاباته : التجربة تحدث تغيرا في استجابات الكائن فهي تبني العادة والسلوك المراد بناؤه ، فهو إذن ثمرة للعلاقة الجدلية بين التجربة و التغير في الاستجابات .
التعلم يقترن بالنتائج : التعزيز عند سكينر نوعان إيجابي وسلبي ، فالمثيرات التي تحملها الاستجابة كنتيجة إيجابية تسمى معززات إيجابية ، لأن الستجابة تتقوى كلما توفرت هذه المثيرات الإيجابية ، أما المثيرات السلبية التي تمنع استجابة الكائن فهي معززات سلبية . إذن فالتعزيز يقترن بالاستجابة و ليس بالمتعلم كعضوية بيولوجية .
التعلم يقترن بالسلوك الإجرائي المراد بناؤه : إن سلوكات العملية التعليمية التعلمية هي فئات إجرائية ، وذلك لكونها تركز على مقاطع معينة من سلوكات الطفل المتعلم .
التعلم ينبني بتعزيز الأداءات القريبة من السلوك النمطي إن تشكيل السلوك النمطي يقتضي تعزيز الأداءات السلوكية بشكل تقاربي وتعاقبي ، لأنه كلما تقاربت سلسلة الاستجابات من الإجراء النمطي المرغوب فيه تم تعزيز المقاطع التي تتقارب و تتدرج في مستويات التشابه مع السلوك الإجرائي الهدف .
التعلم المقترن بالعقاب تعلم سلبي : لاحظ سكينر أن اقتران العقاب باستجابة الكائن المتعلم يقلل من نسبة تكرار تلك الاستجابة ، فإما ينسف انبناءها ، وإما يبني المتعلم مواقف هروبية أو سلوكات عدوانية .

ساكتفي بهذا القدر في موضوع المدرسة السلوكية لننتقل إلى المدرسة الجشطلتية .