عرض مشاركة واحدة
قديم 11-01-2010, 07:31 PM
المشاركة 39
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (33)



للقدس نحن مهاجرون




حلُمٌ على الشُّرفاتِ أُغلقَ دونَه
بابُ الضياءِ وأُسدِلتْ أستارُ

وصحتْ شياطينٌ توسوسُ في الدجى
فبكى على فَقْدِ الضياءِ نهارُ

ما بين تهويدٍ ورفعِ تظلُّمٍ
يقضي السلامُ ويولدُ الأشرارُ

ويُهرولونَ إلى جدارِ بكائهمْ
يتناطحونَ كأنَّهم أبقارُ

حتَّى إذا اكتملَ النصابُ تحلَّقوا
حول الجدارِ وأُطفِئتْ أنوارُ

وتلمَّسَ الضعفاءُ دربَ خلاصِهم
فإذا الطَّريقُ طويلةٌ وعَثارُ

حملوا المعاولَ والفؤوسَ وأوغلوا
رُغمَ الظلامِ يشدُّهم إصرارُ

يتسابقونَ وما وهتْ أقدامُهم
ومنَ الجراحِ تدفَّقَ التيار

لبسوا عباءاتٍ تشدُّ خيوطَها
نُهُرُ الضياءِ فينهضُ الإعصارُ

وتلوحُ بارقةٌ ويولدُ مأملٌ
ويصولُ في كبدِ اللظى أحرارُ

ويثورُ بركان وتسقطُ قمَّةٌ
ويهيجُ بحرٌ موجُه زخَّارُ

تتبعثرُ الأوراقُ وهي وثائقٌ
لا الرفضُ يمسكُها ولا الإقرارُ

سقطتْ على بُركِ الدماءِ وورِيتْ
وطغى عليها العاصفُ الهدَّارُ

لغة الحجارة أعجَزَتْ آياتُها
توراتَهم فتساقطَ الفُجَّارُ

قلبتْ موازينَ اللغاتِ حروفُها
فعلامَ يرغبُ طمسَها التُّجارُ ؟

بورِكتََ يا سجِّيلُ تختصرُ المَدى
خَرِسَ الرصاصُ ودمدمتْ أحجارُ

* * *
يا قدسُ عفوَ الأنبياءِ إذا بكى
مُضرٌ وأردفَ بالدموعِ نزارُ

ما بين مِعراجِ النبيِّ ومكةٍ
تغفو النعاجُ وينهضُ الجزَّارُ

وبنو قريظةَ والنضيرِ مجالسٌ
للأمنِ " بالفيتو" البغيضِ تُدارُ

يتفيَّاُ الإرهابُ تحت ذقونِهم
وكنيسُهم رغمَ الرِّياءِ يُزارُ

يتقوَّلون على الإلهِ سفاهةً
" نحن الهُداةُ وشعبُه المختارُ "

شحَذوا على الحقدِ القديمِ قلوبَهم
وتدرَّعوا بالغدرِ ثمَّ أغاروا

وأتوا بعِجلِ السامرِيِّ ضلالةً
جسداً له باسمِ السلامِ خُوارُ

والخائفونَ على العروشِ تجرَّعوا
غُصَصَ الهزيمةِ فانتشى الغدَّارُ

صبغوا لِحاهم بالدماءِ ومشَّطوا
شَعْرَ الخنوعِ وأوعزوا وأشاروا

هذي مشاريعُ السلامِ فوقِّعوا
إنَّ السلامَ لشرقنا استقرارُ

* * *
واليومَ يُختَرَقُ السلامُ وتنطفي
شُعلُ الرِّياءِ وتنجلي أسرارُ

تتساقطُ الأبراجُ وهي شوامخٌ
وتنامُ تحت رُكامِها أوضارُ

حاخامُ أمْريكا يثورُ مُعربِداً
وبمقلتيْهِ حرائقٌ ودمارُ

يخشى الحجارةَ والدماءَ وطفلةً
نقلتْ مشاهدَ قتلِها أقمارُ

والكونُ كلُّ الكونِ يخطِبُ ودَّهُ
إلَّا الشآمُ وصِبيةٌ أبرارُ

* * *
يا قدسُ يا جُرحَ السماءِ بأرضِنا
لا تقنطي مهما عدلتِ وجاروا

أبتِ الحجارةُ والطفولةُ والدِّما
أنْ لا يبلسِمَ جرحكَ الأحرارُ

ها هم براعمُكِ الذين تشبَّثوا
بالموتِ في سِفْرِ الخلودِ كبارُ

إنِّي لأقسمُ بالدماءِ زكيَّةً
تروي الجُّذورَ ليورقَ الصبَّارُ

لن يستحيلَ دمُ الشهيدِ وثائقاً
تُطوى وتنشَرُ والردى دوَّارُ

* * *
يا قدسُ ملحمةُ الدماءِ قديمةٌ
ودمُ المسيحِ لمنْ وعى إنذارُ

صلبوا المسيحَ ضُحىً لعاشِرِ مرةٍ
وشيوخُ أمْريكا لهم أسوارُ

لم يشجبوا الإرهابَ لا .. بل باركوا
إرهابَهم وتكلَّمَ الدُّولارُ

في كلِّ يومٍ للصليبِ حكايةٌ
تُروى يُديرُ فصولَها الأحبارُ

والصِّلُّ ينفثُ في العروقِ سمومَه
والكونُ لا سمْعٌ ولا إبصارُ

ومُقامرون يفتِّشون جيوبَهم
أوراقُهم نَفِدتْ فشبَّ شِجارُ

فعلى الموائدِ كلُّ يومٍ زُمرةٌ
أرقامُهم بحسابِنا أصفارُ

* * *
يا قدسُ ملحمةُ الكفاحِ طويلةٌ
لا الطبلُ يكتبِها ولا المِزمارُ

السلمُ تخترقُ النُّفوسَ نصالُه
وبكلِّ نصلٍ ذِلةٌ وصَغارُ

والقائمونَ القاعدونَ تزلُّفاً
وقيامُهم وقعودُهم أوزارُ

سجدوا لربِّ الغاصبين وسبَّحوا
والذلُّ تاجُ رؤوسِهم والعارُ

واستسلموا باسمِ السلامِ وأعلنوا
أنَّ السلامَ تميمةٌ وشِعارُ

* * *
يا صاحبَ المعراجِ ما عقِمَ الهدى
أقِمِ الصلاةَ فكلُّنا أطهارُ

للقدسِ نحن مهاجرون يشدُّنا
أطفالُ ملحمةٍ هُمُ الأنصارُ

رفعَ الأذانَ دمُ الشهيدِ فهلَّلتْ
بِركُ الدماءِ وكبَّرَ الثوَّارُ

وبضفَّةِ اليرموكِ زمجرَ خالدٌ
وأطلَّ من بينِ الصفوفِ ضِرارُ

وزهتْ بلوحاتِ الجهادِ شقائقٌ
وقَرنفلٌ وتمايلتْ أزهارُ

ونَضَتْ ثيابَ العُرسِ باسمكَ خولةٌ
ولها بعُرسِ المَكرُماتِ فخارُ

ومشتْ سرايا النصرِ تغرسُ غارَها
ودمُ الطفولةِ والجراحُ قرارُ

ما جفَّ ثديُ القدسِ أو عقِمَ الضحى
فهيَ الولود وثديُها درَّارُ

فيها مدارسُ للشهادةِ أُنشِئتْ
الوردُ ملءُ فصولِها والغارُ

يتسابقُ الأطفالُ في أحضانِها
والنُّورُ سَكْبُ جراحِهم والنارُ

حزموا حقائبَهم بشريانِ اللظى
وَمَضَوا وحبلُ دمائهم جرَّارُ

فترسَّموا دربَ الطفولةِ إنَّها
شرفُ العروبةِ والغدُ المِعطارُ

حتَّى تخطَّ الشمسُ آياتِ الضحى
ويشقَّ ليلَ سمائنا " بشَّارُ "



8/3/2002