عرض مشاركة واحدة
قديم 08-05-2010, 03:20 PM
المشاركة 9
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: يبلغ لمن يهمه الأمر
ستار أكاديمي .. ثقافة مرفوضة


د . لطفي زغلول


www.lutfi-zaghlul.com




ستار أكاديمي واحد من برامج تلفزيون الواقع الذي لاقى رواجا في الغرب ، واصبح له

شعبية واسعة ، كونه يعكس صورة عن مخرجات الثقافة الغربية المتحررة ، وفي احيان

كثيرة تلك الخارجة عن الحدود باسم العصرنة والحداثة والحرية . وكالعادة فان كثيرا من "

الصرعات والتقليعات " الفنية والثقافية والاجتماعية الغربية قد وجدت لها بين ظهرانينا من

يروج لها ويسوقها ، وحجتهم في هذه الايام انه عصر العولمة ، وان كانت هذه العولمة

لها مسار واحد واتجاه واحد فقط صوب العالم العربي الاسلامي .

وستار أكاديمي الذي تعرضه حاليا احدى الفضائيات الناطقة بالعربية من لبنان للسنة

السابعة على التوالي هو " نسخة معربة " عن الاصل الفرنسي . وهو برنامج ربحي يعتمد

اعتمادا كليا على مصدرين تمويليين هما نصيبه من ريع المكالمات الهاتفية والرسائل

القصيرة " ٍ" sms ، وما تدفعه الشركات الراعية للبرنامج لقاء الدعاية الاعلانية لمنتجاتها

، وقد يكون هناك مصدر ثالث له غاياته واهدافه . وقد خصصت لهذا البرنامج قناة فضائية

تبث على مدار اربع وعشرين ساعة في اليوم .

وبداية ، فقد وجد هذا البرنامج له سوقا رائجة في العالم العربي ، وبخاصة بين الفئات

الشبابية ، كونه موجها في الدرجة الاولى لها ، وكون العالم العربي يعيش فراغا ثقافيا

انتمائيا جراء " سياسات " تربوية واجتماعية وثقافية مفروضة عليه فرضا ، وكونه

مستباحا من قبل عشرات القنوات الفضائية التي انتهكت مساحة شاسعة من محرماته

ومحظوراته الاخلاقية والقيمية ، واستهدفت عاداته وتقاليده واصالته وتراثه .

إنه برنامج لا يمت إلى واقع الفئات الشبابية العربية بصلة . هذه الفئات الساعية الى

تأمين لقمة عيشها بكدها وشقائها . انه يختار شبابا تتجسد هواياتهم بجمع السيارات

الجديدة ، وارتداء الملابس الموديرن ، واختيار العطور الفرنسية الأحدث ، وإحياء السهرات

المختلطة القائمة على الرقص والغناء الغربي .

أما الفتيات اللواتي يختارهن هذا البرنامج فإنهن متحررات ، ويبدو هذا جليا في نوعية

الملابس شبه العارية والضيقة جدا والقصيرة الفاضحة التي ترتديهن ، مضافا إلى هذا

تبرجهن ، ونزولهن إلى المسبح وهن ترتدين ملابس السباحة ، وجرأتهن في التعامل مع

الشبان داخل الأكاديمية والتي تصل إلى حد المعانقة والمخاصرة والتقبيل .

وبكل بساطة ، فما سبق ان شاهدناه ونشاهده في هذا البرنامج يدفعنا للتأكيد بانه

ينتمي الى ثقافة دخيلة مفروضة على العالم العربي الاسلامي ، وبالتالي فهي مرفوضة

حفاظا على ابنائنا وبناتنا الذين يفترض بهم ان يكونوا متسلحين بقدر معقول من ثقافة

امتهم واصالتها بهدف تعزيز هويتهم الانتمائية لها ، دون فرض أي انغلاق عليهم او

تقوقع . وثمة فرق هائل بين التأثر بالتيارات الثقافية الرزينة والرصينة البناءة والهادفة

والمربية وبين التيارات الاباحية الماجنة التي تقتلع من الجذور وتعري من الجلد .

ولسنا في هذا الصدد نتجنى على هذا البرنامج ، او اننا نصفه بما ليس فيه ، او اننا

ننطلق من تعصب اعمى ضد الثقافة الغربية التي يمثلها ، او اننا نعارض " التلقيح

الثقافي " شريطة ان لا يكون " سفاحا " ثقافيا . وهنا فاننا ننوه الى ان هذا البرنامج قد

ووجه بانتقادات شعبية في كثير من الاقطار العربية وآخرها الجمهورية الجزائرية رغم انها

هي الاقرب الى الثقافة الغربية ، والاوسع انفتاحا عليها من أي قطر عربي آخر .

لقد اقدمت الحكومة الجزائرية في حينه على ايقاف بث هذا البرنامج بتدخل من رئاسة

الجمهورية الجزائرية نظرا – وهنا اقتبس – " لكونه يخدش الحياء ، وما ظهر جليا في ردود

افعال المواطنين الذين اطلقوا نداءات استغاثة لكل الغيورين على حرمة المجتمع

الجزائري .

وحقيقة الامر ان ستار أكاديمي يخالف سلوك المجتمعات العربية وعاداتها ، وينقل ثقافة

لا تعبر عن الثقافة العربية الاسلامية . وثمة الكثير الكثير من التجاوزات السلوكية

والتعديات الاخلاقية في ستار اكاديمي التي تفرض توجيه النقد الصارخ لها وعدم السكوت

عنها . ومثالا لا حصرا الملابس وطريقة اللباس التي تظهر بها الشابات ، فهي شبه عارية ،

ضيقة تبرز معالم اجسامهن بشكل فاضح ومستهتر .

واضافة الى هذا فان طريقة التعامل بين الشبان والشابات لا تخضع على ما يبدو لاية قيود

او حدود . فما يشاهد من عناق وتقبيل ومخاصرة ورقص وطريقة مخاطبة مائعة هي امور لا

يصدق انها تعرض علنا بهذا الشكل الفاضح السافر على اسر المجتمعات العربية المحافظة

بطبيعتها ، الا ان هذا هو الواقع الاليم .

والسؤال العريض المتعدد الجوانب والابعاد الذي يطرح نفسه في هذا السياق : لماذا ؟ وما

هو الهدف ؟ هل هي الحرية ، وهل تكون الحرية هكذا ؟ وهل هذه هي منظومة الحداثة

والعصرنة والتطور والرقي ؟ وهل هذا هو المقصود بالعولمة ؟ او ليس الاعلام رسالة بناءة

هادفة ، وهل من حقه ان ينتهك المحظورات الاخلاقية في عصر لا يمكن السيطرة فيه على

وسائله التقنية ومنها البث الفضائي ؟ اليس هناك وازع من ضمير ، ام ان الربحية هي

الهدف باي ثمن ؟ أم ان هناك اهدافا خبيثة اخرى موجهة ضد الاجيال العربية الناشئة

ترمي الى تفكيك عناصر مركباتها الثقافية الانتمائية ، وزجها في متاهات التفاهة

والتسطيح والخمول والضياع والتقليد الاعمى ؟ .

انها اسئلة مشروعة من حقنا ان نسألها . ومرة اخرى فنحن من خلالها لا نتجنى على هذا

البرنامج ، ولا نقف في وجه التطور والرقي الحقيقيين . وثمة سؤال آخر نسأله : اية فائدة

تجنى من هذا البرنامج ، وهل حقا انه يخرج نجوما يفتقر العالم العربي لها ؟ . ونجيب :

ان المتتبع لستار اكاديمي يخرج بنتيجة مفادها انعدام الابداع في " وجباته الفنية "

والتي لاتسمن ولا تغني من جوع . هناك فقط اجترار لاستعراضات فنية ، ولاغنيات معادة

لفنانين وفنانات معروفين . ليس هناك مبادرات ابداعية ، اللهم الا التقليد والتقليد فقط .

الا ان الاهم من كل هذا وذاك ان هؤلاء الشبان والشابات سوف يتساقطون الواحد تلو الآخر

كما تقتضي قوانين البرنامج ، ليبقى في النهاية واحد فقط يحصل على اللقب بطريقة

تصويت او باخرى تتحكم بها عدة عوامل لا تمت الى الفن بصلة ، تشتم منها رائحة "

التعصب القطري " في التصويت حيث الغلبة في كثير من الاحيان للمصوتين من الاقطار

العربية ذات الامكانيات المادية والتي تفتح باب التصويت العالي الكلفة على مصراعيه ،

وهذا امر لا يتوفر لآخرين ذلك ان الاقطار العربية ليست كلها على قدر واحد من الغنى .

ان العالم العربي يمر في هذه الايام بمرحلة انعدام الوزن والتأثير ، تتحكم بمؤسساته

الرسمية عقد النقص والشعور بالدونية امام كل ما يهب عليه من تيارات وصرعات ثقافية ،

لا يميز بين ما هو غث او سمين . لقد ترجل عن صهوة الابداع وارتمى في احضان

التقليدالاعمى ، والانكى من كل هذا وذاك انه خرج من جلده ، وتنكر لتاريخه المجيد

وتراثه واصالته . ويخشى لاسمح الله اذا ما استمر ت الحال على هذا المنوال ان تتقطع

جذوره ، وان يفقد صلته بكل منتمى له ، وان لغته العربية التي هي مستودع ثقافته وتميز

شخصيته تترنح في مهب اللغات الغربية التي قلصت مساحة انتشارها مثل صارخ على ما

نحذر منه .

ويخطىء من يظن ان الاستعمار قد انتهى ، ويخطىء من يظن ايضا ان الاستعمار هو

اقتصادي او سياسي فقط . لقد وجه الاستعمار الغربي رأس حربته منذ قرون ولا يزال الى

الثقافة العربية الاسلامية ، ذلك انها كانت تشكل على الدوام عامل الافشال الرئيس لكل

مخططاته ومشروعاته التي تهدف الى تصفية وجوده الفكري والثقافي .

ان الاستعمار الغربي - باسم الحريات العامة والتحرر والديموقراطية والعصرنة والحداثة

والتغيير والعولمة والتطور والرقي الى آخر ما في قاموسه هذا من مسميات - سعى جادا

وما زال يسعى الى استهداف الثقافة العربية الاسلامية كي تستتب له الامور ويصبح العالم

العربي تابعا استهلاكيا منقادا مشلول التفكير ، منقطعا عن ماضيه المجيد ، فاقدا لكل

قواه الذاتية والابداعية ، يدور في فلكه ويقتات على فتات موائده الثقافية .

كلمة اخيرة ، ان ستار أكاديمي ، وما تعرضه كثير من الفضائيات الناطقة بالعربية باسم

الفن ليلا نهارا على المشاهدين العرب ، دون ان تكون هناك ادنى مراقبة رسمية لها ، ان

هذا يشكل غزوا ثقافيا متجددا وباساليب حديثة ومغرية ، والانكى من هذا كله ان جنرالات

هذا الغزو ينتمون الى الامة العربية ، يسوقون هذه الانماط من الثقافة الغربية في

دكاكينهم . انها ثقافة تنتهك جسد المرأة وتستبيحه .

انها تسمم عقول الناشئة ، وتشعل في اجسادهم الغرائز الحيوانية . انها تقزم اهدافهم

وتحصرها في المتع واللهو والملذات والعبث . انها في المحصلة تشكل خطرا يصل في

مستواه الى درجة الوباء . ولهذا فهي ثقافة مرفوضة . ويظل الامل معلقا على اناس آمنوا

بربهم وبامتهم وتاريخهم وامجادهم ، لم يبيعوا انفسهم للشيطان ، يتصدون بكل قواهم

لهذا الغزو الثقافي .