عرض مشاركة واحدة
قديم 08-05-2010, 03:19 PM
المشاركة 7
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: يبلغ لمن يهمه الأمر
طاقة تقدير .. للمرأة العربية


د . لطفي زغلول
منبر المقالة


بداية لا بد لي في يوم المرأة العالمي ، أن أبعث ببطاقة تقدير وإكبار للمرأة العربية

بعامة في كل الجغرافيا العربية احتراما لدورها المقدس ، باعتبارها قلب المجتمع العربي

النابض في كل الإتجاهات . وهنا فإنني أخص المرأة الفلسطينية بتحية إكبار وإجلال

لكفاحها وصمودها وتضحياتها المستدامة ، وهي تتصدى لأعتى التحديات الإحتلالية

وأشرسها . أحييها أما ، زوجة ، أختا ، بنتا ، ربة بيت ، عاملة ، طالبة علم ، أسيرة في

معتقلات الإحتلال . وأدعو الله أن يتغمدها برحمته الواسعة شهيدة مأواها جنة الرضوان .

الثامن من اّذار / مارس من كل عام . إنه يوم المرأة العالمي . وهو يوم في حقيقته مكرس

لإبراز منظومة التحديات التي كانت ولا تزال شرائح عريضة من نساء العالم يشعرن أنهن

يواجهنها على كافة الصعد الحياتية ، وفي المقابل استعراض إنجازات ومكاسب حققتها

المرأة على مدى عام منصرم ، أو أهداف ما زالت تسعى لترجمتها على أرض الواقع ، وقد

وضعتها نصب أعينها بغية تحقيقها .

والواقع أن هذا اليوم يخص كل النساء في العالم ، ويبحث قضاياهن المختلفة بصورة عامة

، والمرأة العربية تحتفل به كونها جزءا من المنظومة النسائية العالمية . وليس ثمة ما

يحول دون الإحتفال به على المستوى العربي بعامة ، والفلسطيني بخاصة مع الأخذ بعين

الإعتبار خصوصية المرأة العربية .

إنه ليس بالضرورة أن كل ما تعانيه ، أو تحلم به وتسعى المرأة الأوروبية أو الأميركية ،

أو سواهما إلى تحقيقه من أهداف يمكن أن ينطبق بحذافيره على المرأة العربية في

العالم العربي ، حتى وإن كانت بعض المشكلات والأهداف قد تقاطعت ، فلا يعني هذا أنها

كلها تتقاطع ، نظرا لاختلاف مخرجات الفلسفة العامة التي تدين بها المجتمعات الإنسانية

المختلفة . وفي اعتقادي أنه من السابق لأوانه الحديث عن مظلة العولمة الشمولية في هذا

الصدد .
إن الواقع العربي فيما يخص المرأة العربية يفرض أن يُفرز لها يوم عربي خاص بها تحتفل

به بغية إبراز قضاياها مباشرة في قلب الساحة العربية ، وليس على هامش احتفالات العالم

بهذا اليوم ، ولا يعني هذا عدم المشاركة فيه . ومرة أخرى لا يعني هذا الطرح الإقلال من

قيمة المرأة العربية ، أو الإنتقاص من قدرها لا سمح الله ، وإنما تهيئة ساحة عربية خاصة

بها وبقضاياها في عقر العالم العربي ، وبين مواطنيه أصحاب الشأن .

وبداية يجب الإقرار أن هناك قضايا ساخنة تخص المرأة العربية بعامة ، والفلسطينية

بخاصة لا ينبغي السكوت عنها ، أو الإلتفاف عليها ، أو حتى تجاوزها . ولعل أهمها

وأخطرها أن لا يظل المجتمع العربي مجتمع رجال فقط ، وهي قضية تخضع للمتغيرات في

العالم العربي ، وتسير في اتجاه إيجابي مقارنة مع فترات سابقة .

في هذا السياق ، لا أحد ينكر أن المرأة العربية ، قد حققت إنجازات ومكاسب كثيرة في

العديد من المجالات . إن المرأة العربية قد أخذت تنطلق إلى آفاق لم تكن تتسنى لها في

السابق . وهي انطلاقة تقضي ولو شيئا فشيئا على بؤر التباين والتفاوت في المكانة

والحقوق العامة بينها وبين الرجل .

وجراء تطور في النظرة العامة للرجل العربي تجاه علاقته بالمرأة على خلفية عدة

اعتبارات : أهمها التعليم والمكتسبات الثقافية واتساع مساحة الوعي العام ، وبهذا الصدد

لا يمكن التغاضي عن منظومة الموروث العقائدي الذي تلعب دورا هاما هي الأخرى فيه .

وهنا لا ينبغي التركيز على الرجل ، باعتباره العنصر المانح تأشيرة مرور للمرأة ، دون

ذكر إنجازات حققتها المرأة العربية في مجالات التعليم والثقافة والوعي العام لحقيقة

شراكتها ، ودورها في تطوير المجتمع .

إذ لولا هذه الإنجازات لظلت المرأة العربية حبيسة جدران التخلف التي كانت مفروضة عليها

ردحا من الزمن ، وتحديدا فيما يخص الحقوق السياسية كحقها في تقلد المناصب السياسية

في مؤسسات السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية . فنضال المرأة هنا مشروع

ويفترض ألا يعترض عليه أي معترض ، ومع ذلك ننوه أن المرأة العربية لا تشكو وحدها

هذا الوضع بل هي ظاهرة ملحوظة حتى في أرقى دول العالم المتحضر .

في مجمل حقوق المرأة بشكل ، عام فلا ينبغي أيضا تناسي أن للمرأة وضعا فسيولوجيا

يحد من قدراتها مقارنة بقدرات الرجل ، ولكن بشرط أن لا يصل الأمر إلى التفرقة في

الحقوق الأساسية ، أو إلى حد حرمان المرأة العربية من حقوقها السياسية كاملة . وبهذا

الصدد ثمة مقولات كثيرة مشكوك بالنوايا التي تقف خلفها والتي تتمثل في اللمز والغمز

على كل ما هو شرقي يمس بمكانة الرجل العربي أو الشرقي بشكل عام .

إن القضية لا ينبغي أن ينظر إليها من زاوية أنها معركة بين الرجل والمرأة . إنها ببساطة

متناهية منظومة حقوق مشروعة ، يمكن للمرأة أن تحصل عليها بأساليب متحضرة تكفلها

لها مستويات معقولة من التطور العلمي والثقافي . وهنا يتبادر سؤال ملح : لماذا يظل

العلم حجة الرجل في الإستحواذ على كامل الحقوق ؟ . إن العلم بالنسبة للمرأة هو سلاحها

للخروج إلى الحياة ، وعليها أن تشهره .

وهنا لا بد لنا أن نطرح بعض ما يفترض في اعتقادنا أن تكون عليه العلاقات بين الرجل

والمرأة في مجتمعنا العربي بعامة والفلسطيني بخاصة . فقضية حقوق المرأة لا ينبغي

لها أن تكون بأية حال من الأحوال مدعاة للتمرد أو التحريض المستندين إلى صراع على

خلفية جنسوية ، أو أن تكون تستهدف إبراز السلبيات دون الإيجابيات .

واستكمالا فليس بالضرورة أن ما تشعر به شريحة من النساء من" قهر وقمع " يمكن

تعميمه وتطبيقه على كل النساء . وفي اعتقادنا أيضا أن قضايا المرأة لا يمكن أن تحل

في معزل عن الرجل في جو من التشنج ، أو التعصب اللذين لا مبرر لهما والقائمين على

سياسة شد الحبال ، تغذيها جهات تتخذ من التعصب النسوي " الفيمانيزم " منهجا لها .

إن الحل هنا يفترض به أن يكون مشتركا ومبنيا على أسس من التفاهم . وهو بطبيعة

الحال تدريجي ويخضع للمتغيرات الثقافية والتربوية والتعليمية والإقتصادية والتوعوية

بشكل عام ، ومنوط بما تستطيع المرأة أن تحققه من إنجازات على أرض الواقع وعلى

كافة الأصعدة تثبت من خلالها قدراتها وكفاءاتها .

وهنا لا ينبغي إغفال نقطة هامة وحساسة للغاية ، تخص علاقة المرأة العربية بالمرأة

العربية . ففي كثير من الأحيان كانت المرأة سببا مباشرا لخذلان المرأة ، وعدم انطلاقها

إلى تحقيق أهدافها . ومثالا لا حصرا ، في قضية الإنتخابات ، والترشيح لعضوية المجالس

التشريعية ، أو النيابية ، حيث كان بالإمكان أن يكون لها من خلال حضورها دور فاعل

وحاسم في سن تشريعات وقوانين تناصر حقوقها .

ومع ذلك نؤكد هنا على حقيقتين . أولاهما أن دور المرأة الثلاثي الأبعاد المتمثل في

كونها زوجة وأما وربة بيت ، ومدى نجاحها فيه هو الأساس في مكانتها العامة دون أدنى

معارضة لمساهمتها في أطر القوى العاملة المنتجة الأخرى . وثانيتهما أن ما حصلت عليه

المرأة العربية خلال نصف القرن الماضي مثير للإنتباه ، ولا يمكن الإقلال من شأنه أو

أهميته ، والأهم من ذلك أنه غير متوقف عند حد من الحدود ، وأن مساحته العامة آخذة

بالإزدياد والتنامي مع الأيام .

إن معيار القوى الجسدية الذي كان يميز الرجل عن المرأة ، قد فقد مفعوله جراء كثير من

المتغيرات الحضارية ، ذلك أن ثمة قوى أخرى عقلية وإبداعية تلعب دورها ، ولا تميز في

جنس مبدعها ذكرا كان أم انثى . وتظل المرأة هي العنصر الأهم والأخطر والأشمل في

تربية الأجيال وتنشئتها وبخاصة الذكور منها .

وتظل بصماتها التربوية مطبوعة على ذاكرة هؤلاء الذكور ، وتتحكم في سلوكاتهم تجاه

كثير من الأشياء والمواقف والأشخاص . وأخيرا وليس آخرا ، إن المرأة العربية تستحق أن

يكون لها يوم عربي خالص يؤكد على عروبة قضاياها ووحدتها قبل عالميتها .

كلمة أخيرة . في يوم المرأة العالمي ، نتمنى أن يكون للمرأة العربية يوم عربي على

الأجندة العربية ، تكرس فيه فعاليات مساندة لكفاح المرأة الذي يجب أن يشارك الرجل

فيه ، بغية رفع مستواها في كافة النواحي ، ولجعل احترام حقوقها ومكانتها ثقافة

تسود المجتمعات العربية .

وهذه الثقافة لا يتسنى لها التكريس ، ما لم يبدأ بها من المرأة ذاتها . فهي الأقدر على

نشرها ، كونها هي العنصر الرئيس في تربية النشء ، وتشريبه القيم والإتجاهات

الصحيحة . ونحن هنا لا ننكر دور المدرسة والمناهج التعليمية ، ولا دور كل شرائح

المجتمع المثقفة .

إن المرأة هي روح المجتمع ، وبدونها يصبح المجتمع أحادي القطب . وبمعنى آخر فإن

تطور المرأة هو الذي يقضي على آفات التخلف ، ذلك أن المرأة شئنا أم أبينا هي

المقياس والمعيار الأساسيان لتقدم المجتمعات البشرية .

والمرأة قبل هذا وذاك هي الأم والأخت والإبنة والزوجة والحبيبة . وهي الجمال والرقة

بكل معانيهما وأشكالهما . وكل عام والمرأة العربية بخير وتقدم وازدهار ، والمرأة

الفلسطينية قد تحرر وطنها من الإحتلال البغيض ، وحققت كل ما يصبو له من سيادة وحرية

وتحقيق أهداف في ظل دولة عاصمتها القدس الشريف ، والعودة إلى الوطن .


مقالة في يوم المرأة من د . لطفي زغلول