الموضوع: سيرةُ بطل
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
5

المشاهدات
3429
 
الدكتور طاهر سماق
طبيب وشاعر سـوري

الدكتور طاهر سماق is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
110

+التقييم
0.02

تاريخ التسجيل
Jul 2009

الاقامة

رقم العضوية
7338
10-05-2010, 09:49 PM
المشاركة 1
10-05-2010, 09:49 PM
المشاركة 1
افتراضي سيرةُ بطل
لم يكنْ طائشاً ولا متهوِّرا ..


ذلك الرجلُ الذي ترقّى في الرتبِ العسكريةِ طوالَ تسعة عشرَ عاماً من تاريخِه العسكري، وتولى قيادة الجيوش في أشد مواقع القتال ضراوةً على امتداد سنوات الحربِ العالمية الأولى.

كانَ رجلاً قد تمرَّس في فنون الحرب طوالَ أعوامٍ خاض فيها معارك عديدةً في القفقاس والدردنيل والنمسا ومكدونيا ورومانيا والأناضول خلال مجريات تلك الحرب.

كان على قدرٍ كبيرٍ من الوعي السياسي، حيث تسلّمَ العديد من المناصب السياسية في منطقةٍ هي من أهم المناطق التي دارت حولها صراعاتُ تلكَ الحرب.

من رئيسٍ لأركان حرب إلى مستشارٍ عسكري في أولِ حكومةٍ عربيةٍ مستقلةٍ لبلدِهِ الذي كان لتوِّهِ قد تحرر.
إلى وزيرٍ للحربيةِ في حكومة دفاعٍ وطني تم تشكيلُها على عجلٍ بعد أن لاحتْ في الأفقِ المكائد.

هو كبيرٌ بقدْرِ ما يُتَصَوَّر ..

فقد نالَ العديد من الأوسمةِ والنياشينَ بأقلِّ مما كان يستحق.
وكانت الترقياتُ والمناصبُ لاتعنيه بقدْرِ ماكانت تعنيه سلامة وطنهِ، المُتَطلِّعِ إلى الحرية،وحصانتُه.

ولما كثُرَتِ الأكاذيبُ في وعودِ الشياطين، حتى أصبحتْ كزبد البحرِ خُواء.

ولما أصبحت جيوش الغاصبِ على أبواب الوطن، بعد أن أبَتْ كرامةُ الوطن الرُّضوخَ لإنذارِهم.

قرر أن يقاوم ..



ليس عبثاً كانَ ذاك القرار.

فقد درَسَ إمكاناتِه بواقِعِ جيشٍ منحلٍّ ليس من السهلِ إعادة تنظيمِه، وبواقع العاجلِ من ظروفِ التهديد الوشيك بالغزو .. وبإطلالة بارقة أملٍ بلملمةِ شبابٍ متطوعين .. ربما راهنَ على حماستِهم لكنه لم يراهن على انقيادهم وانضباطهم في معركة خُططَ لها على عجل.

وبحكم ما تراكم لديه من خبراتٍ عسكرية.

فقد أحكمَ خِطَّةً عسكريةً مدروسةً ترمي لإيقاع أشد الخسائر بطلائع الجيش الغازي، حتى ولو كلَّفَ ذلك بذل الأرواح.

فإن حصلَ ماخطط له ..
عمَّتْ أخبارُ النصرِ أرجاءَ الوطن .. وتقدَّمَ من شكَّكَ بإمكان المواجهة، ليواجه ..

والحَميَّةُ تُحَوِّمُ فوق الرؤوس ..


وما النصرُ، عندئذٍ، إلا من عند الله ..


وبذلك قد آمن ..

لكن يدَ الخيانة امتدت إليه
فرَجَّحتْ في مشروعِه الشهادةَ على النصر.


كانَ على مسيرة الغزاة ممرٌ جبليٌّ ضيِّقٌ لا بد لهم من اجتيازه .. يسمى وادي القرن. وكان لدى قوّاتِهِ من الذخائر والمتفجرات ما يكفي لزرعِ ذلك الوادي بالألغام.

وهذا ما تَمّ

ولكن ..


عندما أتتِ اللحظةُ الحاسمة، وأعطى أمرَهُ بقدحِ زناد التفجير ...

كانت الأسلاكُ قدْ قُطِّعَتْ

اللهُ أكبر .. أيُّ خذلانٍ ذاك!!

اللهُ أكبر .. تبَّتْ يدُ الجُهلاء!!

اللهُ أكبر .. والعزمُ للرجال ..

ولأنه ليس من عادة الرجالِ الانكسار ..

هبَّ إلى القتالِ مع ثلَّةٍ قليلةٍ من جنودِه ..

والخيبةُ تسدُ عليهم دروبَهم إلا دربَ الشهادة ..

فتضرَّجتِ التراباتُ بدمائهم ..

وارتقتِ الأرواحُ إلى بارئها ..

معلنةً للدنيا بأسرِها أن لاشيء يساوي كرامة الوطن.

ما تزالُ دماؤكَ يا سيدي .. لمْ تجفَّ بعدُ .. تُعطِّر كالمسكِ بِطاحَ ميسلون

ولله العزةُ ولرسولِهِ وللمؤمنين.