عرض مشاركة واحدة
قديم 09-07-2010, 02:19 PM
المشاركة 324
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أحمد الصافي النجفي

قال الصافي فصادرات بلدتي مشائخ وواردات بلـدتي جنائز. حُورب لمحاولته السماح بالتصفيق في الندوات الادبية في النجف فشل فآثر التشرد . لم يقم للصافي مهرجان فقال (كان ذاك السلام لـي مهرجاناً مهرجاني على الرصيف يُقـام)
حياة الشاعر أحمد الصافي النجفي (1897- 1977)، كما أرخها الشاعر والأكاديمي النجفي إبراهيم العاتي، الصافي عانى في حياته ألوانا من المفارقات، بين غربة بعضها اختياري وبعضها جبري، عاش الصافي بين شقاء اضفاه على نفسه، خشيةً ان يحرم من البقاء في دمشق حيث كان يعيش في غرفة بالية، ليس بينها وبين القبر من فارق غير أنها فوق الأرض. رفض أكثر من مرة راتباً جارياً من العراق، أو من أهل اليسار، وبعد ضغط السنين، وإلحاح المرض المزمن استجاب لطلب سفير العراق ببيروت ناصر الحاني، أوائل الستينات فقبل راتباً غير مشروط بتطويق حريته أو تحديد أسلوب حياته.
أحمد بن علي بن صافي النجفي ولد عام 1897 اي قبل القرن العشرين في النجف في أسرة علمية دينية كان والده علي الصافي قد ورث علوم الدين عن أجداده، أما جدّه لأُمه فهو الإمام الشيخ محمد حسين الكاظمي أكبر علماء عصره وله عدد من المؤلفات الدينية. تعلم الصافي بعض اجزاء القرآن على (شيخة)، ثم تعلم الكتابة وأكمل قراءة القرآن في (الكتّاب) اي في (الملاّ) كما تعارف على تسميتها عند العراقيين. كان رغم صغر عمره ينوب عن المعلم في تدريس الخط للتلاميذ.

توفي والده بالكوليرا التي عمت العراق عام 1907 وكان أحمد في العاشرة من عمره فتسلم شقيقه الأكبر محمد رضا إعالة العائلة. بعد تخرجه من (الملاّ) اتقن الصرف والنحو والمنطق والمعاني والبيان وأصول الفقه من كبار المعلمين منهم المجتهد الأكبر السيد أبو الحسن الأصفهاني لثماني اعوام فأتقن هذه العلوم.

كان أحمد ضعيف البنية فأرهقته الدراسات فأصيب ببعض انواع العصاب اي الانهيار العصبي الشديد فأشار الأطباء عليه التوقف عن متابعة الدروس فاتجه إلى المطالعة في الأدب القديم والصحف والمجلات فاكتسب معلومات ثقافية واسعة وأخذ ينشر مقالاته في مجلة المقتطف والهلال وهي مجلة صغيرة الحجم مصورة جامعة تنشر مقالات لا تنشرها صحف ذاك الزمن، فيها الكثير مما يحدث في اوربا، كانت تثقيفية يجد القراء فيها كل ما هو جديد ذاك الزمن للانجازات العلمية الحاصلة في اوربا وكانت مجلة ليس لها ضريب كانت تصل العراق حتى البصرة ولم يكن بوسعي شرائها فكنت اقرأها في المكتبة العامة في البصرة، كانت تنشرها في مصر دار الهلال, مؤسسها جرجي زيدان اللبناني الاصل. اما المقتطف فكان يصدرها فريق من المثقفين وهي اول واوحد مجلة علمية كانت تصدر في العالم وهي المجلة الوحيدة التي عرفت العالم العربي بنظرية التطور لجارلس داروين كانت تصدر من مصر ..
صدرت كتب عديدة عن حياة أحمد الصَافي النجفي وشعره النير بالاظافة لما أرّخه الشاعر والأكاديمي النجفي الدكتور إبراهيم العاتي في كتابه (أحمد الصَافي النجفي.. غربة الروح ووهج الإبداع)، الصادر عن دار العلم للطباعة والنشر، بيروت 2007، سجل العاتي رصداً دقيقاً مكثفاً لحياة وشعر أحمد الصَافي النجفي، أحد أبرز شعراء العربية المعاصرين، من الذين اختلط شعرهم بحياتهم، وكان بدايتهم ونهايتهم. وقبل هذا، حظا الصافي النجفي بأكثر من ترجمة لحياته فلم تغيبه غربته عن مؤرخي الأدب العراقيين، فحفل كتاب (شعراء الغري) للكاتب النجفي علي الخاقاني (ت 1979) عرفته في بغداد يوم تأسست جمعية الصحفيين التي رأسها محمد مهدي الجواهري في عهد عبد الكريم قاسم، في كتابه ترجم حياة أحمد الصَافي النجفي في عرض كواحد من شعراء الغري اي النجف لكنها كانت وافية.
اما كتاب إبراهيم العاتي في تأليفه فقد اعتمد على ترجمات عدد من الأدباء والمؤلفين عربا وعراقيين ممن أثار اهتمامهم الصَافي، كإبراهيم عبد الستار في طبعة (عبقرية الصافي) عن طرابلس- لبنان 1974، وإبراهيم الكيلاني في كتابه (الشاعر أحمد الصافي النجفي) من (دمشق 1980، وعبد اللطيف شرارة في كتابه (الصافي) طبعة (بيروت 1981)، والطبيب الأديب عبد السلام العجيلي في (وجوه الراحلين) طبعة (دمشق 1982)، وسلمان هادي طعمة في (أحمد الصافي شاعر العصر) طبعة (بغداد 1985). كان لمسقط رأس الشاعر النجف أو الغري خصوصية قد لا تتكرر في المدن الدينية الأخرى، فهي محافظة متزمتة متشددة اشد المحافظة والتزمت والتشدد على التقاليد، رسخت في المتوارث لكنها أخذت قدسيتها من واقع المدينة، والرغبة في المحافظة على تراثها. إلى جانب ذلك البعض في النجف المدينة تواقون للانفتاح، واستيعاب الجديد، ولكن وفق التقليد المتوافر والظروف. في وقت عُد التصفيق في الأماسي الأدبية، أو الاحتفالات التكريمية، وما أكثرها بالنجف، من المحرمات. وليس غريباً أن يكون الصافي النجفي كبش الفداء، أو من الثائرين من أجل التصفيق، ورغم عدم أهمية الممارسة إلا أن منعها يتبعه ممنوعات أخرى، ويكرس الشعور بالضغط والكبت. من مثل هذا الإجراء المتوارث.