عرض مشاركة واحدة
قديم 09-29-2010, 02:05 PM
المشاركة 2
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مما لا شك فيه أن الكاتب الألباني (إسماعيل كاداريه) Ismail Kadare كان وجه ألبانيا الذي رآه العالم من خلاله.‏
بفضله عرف العالم روح الشعب الألباني وتراثه وقيمه وأساطيره التي تجسّد عاداته وتقاليده ومُثله، ومن هذا المنطلق يجب أن نحكم عليه بعيداً من تصرفاته الإنسانية في مواقف الحياة.‏
ولد إسماعيل كاداريه في مدينة (جير وكاسترا (Gjiro kastra بجنوب ألبانيا عام 1936م، والتحق بعد دراسته الثانوية بكلية الآداب في جامعة "تيرانا"، وتخرج فيها عام 1958م، وحصل على منحة دراسية لمتابعة دراسته في معهد "غوركي" للأدب العالمي، فاطلع على الثقافة الغربية، وبرز اهتمامه بالشعر منذ أن كان في الحادية والعشرين من عمره، وتطلع إلى التغيير، فكان باكورة نتاجه الأدبي روايته الأولى بعنوان (مدينة بلا إعلانات) التي وضع مسودتها في "موسكو"، وحاول نشرها بعد عودته إلى وطنه لكن الرقابة منعت نشر حلقاتها في ظل الحكم الشيوعي..‏
في الوقت الذي كانت ألبانيا فيه تخوض معركة مع التحريفية السوفياتية. وبعد ثلاثين عاماً.. حاول "كاداريه" أن يعيد نشرها في الغرب عام 2001م. وبعيداً من قيمتها الفنية، فقد احتفى الغرب بنشرها كعمل أدبي لم يسمح الحزب الشيوعي بنشره.‏
ثم تحرر "كاداريه" من الأفكار المتطرفة بعد هذه الرواية، كما تحرر من صبغة الأدب التحريفي المباشر. وأفاد من تجربته الأولى في إعداد نفسه لتأليف روائي له قالبه الفني يستلهم روح الشعب الألباني وتطلعاته ضمن إطار الواقعية الاشتراكية.‏
فبدا في روايته التي حققت له شهرة عالمية بعنوان (جنرال الجيش الميت (Gjenerali I ushtrise se vdekur) عام 1963م أكثر التزاماً بالأسلوب الفني لكتابة الرواية، وأشد التصاقاً بحياة شعبه الواقعية.
بعد هذا النجاح، نشر "كاداريه" رواية قصيرة عنوانها: (الوحش) (shkaba) ومع أن "كاداريه" اتخذ لروايته إطاراً من الأساطير العالمية، وأسقط فيها الماضي على الحاضر، فقد آثر بعد ذلك أن ينعطف إلى أساطير بلده ألبانيا وإحيائها في التعبير عن تطلعاته الوطنية، وهي أساطير تعكس روح شعبه وتشدّه إلى متابعة تطلعاته الإنسانية.‏
ومن هنا انطلق "إسماعيل كاداريه" في رواياته اللاحقة إلى إحياء تراث ألبانيا الأسطوري وفي عام 1968م أصدر "كاداريه" روايته (العرس Dasma)
وفي عام 1970م أصدر "كاداريه" رواية (الحصن Keshtjella) تناول فيها بطولة الشعب الألباني في الدفاع عن حصن حاصره العثمانيون في القرن الخامس عشر، لكن الرواية خضعت لتأويلات شتى لأنها تسمح بأكثر من إسقاط سياسي، فقد صدرت بعد النزاع الإيديولوجي الألباني السوفييتي، واجتياح السوفييت لتشيكو سلوفانيا عام 1968م وفهمها الغرب على أن الرواية تمثل ألبانيا التي تقاوم التحريفية السوفييتية، وأن المواجهة لم تكن بين العثمانيين والألبان، بل كانت بينهما في مواجهة عدد ومشترك هو الاتحاد السوفييتي.‏
ويعود "إسماعيل كاداريه" بعد ذلك إلى الأساطير الألبانية يسقطها على حاضر وطنه، وقد وجد فيها سبيلاً لكتابة الرواية الفنية بمفهومها المعاصر، وإطاراً لا يقبل التحريف والتأويل، كما لمس فيها استجابة الشعب الألباني لإعادة قراءة هذه الأساطير التي ترسخت في وجدانه، فأصدر في عام 1971 رواية عنوانها: (تاريخ منقوش على الحجر kroniké me gur) وفي عام 1973م، حاول "كاداريه" أن يبرز الموضوع ذاته في رواية بعنوان: (خريف مدينة Nentori inje kryoq yteti)‏
ولم تنل روايته اللاحقة نجاحاً يذكر وعنوانها: (الشتاء الكبير Dimri I madhe)
ويعيد "كاداريه" في رواية (فجر آلهة السهوب)‏
ذكرياته في "موسكو" يوم كان طالباً، يتناول فيها قصة حب بطلها ألباني لفتاة روسية مُسبغاً على هذه العلاقة بُعداً إنسانياً واجتماعياً.‏
ويعود الكاتب بعد ذلك إلى التاريخ، ويحتفي بكل ما هو ألباني يقدمه كتراث لبلاده، ويرى فيه الأسلوب الأمثل للتعبير عن قيمه وأفكاره.. فنشر في عام 1978م رواية عنوانها: (جسر بثلاث قناطر Ura me tri harqe)
وأصدر "كاداريه" في عام 1978م رواية عنوانها:‏
(الباشويات الكبرى Pashalleqet emadha)
وفي عام 1979م. أصدر "كاداريه" رواية عنوانها:‏ (لجنة الاحتفال Komisioni I festés) ويعود "كاداريه" إلى الرمز والأسطورة الألبانية يُنطقها ويسقط خلالها تطلعاته في رواية عنوانها:‏
(مَنْ أعاد دورنتين Kush esolli doruntinen) عام 1979م . وفي رواية عنوانها (موظف قصر الأحلام hlepunesii pallati I éndrrave) التي صدرت عام 1981م، يعود الكاتب إلى التاريخ العثماني يستلهم منه أبرز الحوادث،
وأصدر "إسماعيل كاداريه" مجموعات قصص طويلة أو روايات قصيرة... أهمها:‏
ـ برودة الأعصاب 1980م Gjakftoftesia‏
ـ نيسان المكسور prilli I thyer تناول فيها تقاليد الثأر لدى الألبان.‏
وينعطف "كاداريه" نحو الرواية الإيديولوجية.. فيصدر راوية عنوانها: (حفلة موسيقية في نهاية الشتاء Koncert me fund té dimrit)‏
تناول فيها وجهة نظر الحزب من الخلاف المتفاقم بين ألبانيا والصين. وكذلك رواية (الملف هـ Dosja H) انتقد فيها فترة حكم الملك "أحمد زوغو" بالسخرية خلال متابعة بطليها الباحثين الغربيين اللذين يزوران ألبانيا للإطلاع على تراثها الشعبي، لكنهما يخضعان لمراقبة السلطات ومضايقتها، مما يعكس عزلة ألبانيا عن العالم وتقوقعها بعيداً من الانفتاح والتواصل.‏
وفي عام 1990م غادر "إسماعيل كاداريه" بلده ألبانيا إلى باريس. ونشر رواية عنوانها: (الهرم Piramida) عام 1992م جسّد
وأصدر "كاداريه" في عام 2003م رواية عنوانها:‏ (الظل Hie) تناول فيها الصراع الصامت على السلطة بعد وفاة "خوجا" وقد كتبها سراً في فترة حكمه، وسرّبها إلى دار نشر فرنسية، وإننا نلاحظ خلال قصصه ورواياته أن الغرب الذي عزّز شهرة "إسماعيل كاداريه" كان يتابع نتاجه باهتمام وينقل إبداعه المنسجم مع مصلحته. لكن هذه الشهرة الواسعة لم تأت من فراغ، فقد كان الغرب يعلم بتميزه الإبداعي وموهبته الروائية المتميزة فنياً، وهو يعرف أن ما يقدمه للقراء ينقل إبداعاً متميزاً جديراًَ بالقراءة، ويسلط الضوء على الأدب الشعبي الفني بتراثه الأسطوري، ويُسقطه على الواقع، ويعنى بالشعر الشعبي الذي يدوّن سيرة شعب بأصالة، وينقلها إلى العالم بإبداع، ويسعى إلى تحديثها وتخليصها من عناصرها الميثولوجية ويسقطها على الواقع المعاصر..‏
منقووووووووووووول