الموضوع
:
أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
عرض مشاركة واحدة
04-25-2012, 01:29 PM
المشاركة
468
ايوب صابر
مراقب عام سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7857
المشاركات:
12,766
القصيدة الأولى
كان تلامذة مدرستنا الوحيدة في
البلدة قد تهيأوا، بإشراف معلميهم، ليقوموا بتمثيل مسرحية عنوانها "وفاء السموأل
"
،
كنت أحضر معهم تجاربها وأشاركهم في إعدادها ، نظمت أنا لهذه المناسبة قصيدة ، كانت
أول قصيدة لي صحيحة الوزن وسليمة اللغة على ما أذكر، وعهدت بها إلى أحد الفتيان
ليفتتح بها التمثيل مشترطا عليه ألا يذكر اسمي كناظم لها، كان اشتراطي هذا نابعا من
انطوائي على نفسي وحياء مفرط يجعلني أتهيب من كل إشارة إلىّ تميزني عن الآخرين، بدأ
تمثيل المسرحية مسبوقا بإلقاء تلك القصيدة، ولكن ما اشترطته على ملقيها لم يدخل في
حيز التنفيذ فقد أعلن ذلك الفتى اسمي بأعلى صوته منوها بأني أنا ناظم القصيدة، وما
جرى في اليوم التالي لحفلة التمثيل أن أقرباء أبى وأصدقاءه تكاثروا عليه بلومهم
إياه على دفن مواهبي في العلم والأدب تحت غبار المطحنة وفي زيتها، وبمطالبتهم له
بإعادتي إلى حلب كي أتابع الدراسة التي هجرتها في ثانويته
.
وهكذا عدت إلى حلب
ومدرسة التجهيز الثانوية فيها، وقد ضاعت على أربع سنوات من الدراسة ، استدركت سنتين
من تلك الأربع في فحص تأهيل، اجتزته بنجاح ، وضاعت مني سنتان، ولكن هل ضاعت منى
تلكما السنتان حقا؟ الصحيح أن لا . سنوات الانقطاع التي ضاعت منى، أو على ، اكتشف
بعدها أنها اكسبتني فوائد لا تقدر بثمن ، عدا نضج الفكر وتجربة العمل ومعرفة أصناف
الناس التي تحدثت عنها، وجدتني قد حصلت من قراءتي على زاد من المعرفة في علوم شتى
أتفوق بها على أقراني في المدرسة التي عدت إليها، وأحيانا أتفوق بها على أساتذتي في
بعض تلك العلوم . وأهم من ذلك كله اكتشف أن تهيبي من الحساب والرياضيات والعلوم
الحقيقية ، الذي كنت أحسبه ضعفا وعجزا مني فيها، اكتشفت أن ذاك التهيب قد فارقني
كليا وتحول إلى مقدرة وولع شديد بتلك العلوم
.
ثابرت في المدرسة الثانوية على
قرزمة الشعر ، أعلى نظمه نظما هزيلا في أول الأمر، إلى أن استقام لي أمره
بالاستمرار وبتوسع المعرفة ، إلا أنى لم أتعد فيه المزاح والتسلية ، أسخر فيه من
رفاقي وأرسم به صوراً ضاحكة لأساتذتي، وأحيانا أنظم به نظريات الهندسة ودروس
الكيمياء في أراجيز ساخرة على طريقة ألفية ابن مالك! ذلك أن تعلقي الكبير والجاد
كان بالعلوم الحقيقة من فيزياء ورياضيات ، يعجبني العناء الذي أتحمله في إتقانها
والنجاح في دروسها، في حين أن النجاح في الأدب، نثره وشعره ، كان يواتيني بسهولة
ويشهد بنتائجي المشرفة فيه المعلمون والرفاق، وإلى جانب هذا نمت في نفسي، مع تقدمي
في الصفوف العليا، بذرة حب العمل العام ، العمل لصالح الذين أنا منهم في مجتمعي وفي
الوطن الذي هو وطني. أصبحت في السنين الأخيرة من الدراسة الثانوية الرئيس المنتخب
للجان الطلاب، والمؤسس لمجلة أصدرتها مع رفاقي وسميتها "صوت الطالب" ، والمشارك مع
إخواني في الإضرابات والتظاهرات ضد المحتل الفرنسي، والمتكلم باسم أولئك الإخوان
حين يقتضى الأمر المديرين والوزراء
.
أسماء
مستعارة
وبمثل هذا التستر والتوقيع بالأسماء
المستعارة نشرت كتابات أدبية كثيرة في عدد من الدوريات المشتهرة في ذلك الزمن ، مثل
مجلة "الحديث" في حلب و "المكشوف" في بيروت ، وهي دوريات كانت تحفل بما يكتبه
أساطين الفكر والثقافة ويطمح الكثيرون إلى أن تظهر أسماؤهم فيها. أما أنا فكنت
قانعا بأن يجاور إنتاجي الأدبي في تلك الدوريات إنتاج المشاهير، وبأن يلقى الإعجاب
من القراء دون أن يعرف أحد، إلا الندرة من أصحابي، بأني كاتب تلك القصص أو
المسرحيات أو ناظم تلك القصائد ، واستمر هذا إلى أن نلت شهادة البكالوريا من صف
الرياضيات لا من صفوف الفلسفة أو الآداب، وإلى أن احتضتننى الجامعة السورية في
دمشق، في دراستي الطب فيها، بعد احتضان مدرسة التجهيز الثانوية لي في حلب
.
العلم ، والأدب، والعمل العام ، هي المهام الرئيسية الثلاث التي حملتها معي من
مرحلة الدراسة الثانوية إلى المرحلة الجامعية، ثم إلى جميع مراحل حياتي التالية
لهذه وتلك
.
في العلم كنت الطالب الجاد والدائم النجاح ، ثم المتابع لكل ما هو
جديد في الميدان الذي اخترته لحياتي، ميدان الطب والعلوم التي يستند إليها ،
والمطبق لمعرفتي بكل إخلاص وتفان على من هم بحاجة إليها في ذلك الميدان ، وفي الأدب
تابعت مسيرتي كهاو له، أعتبره متعة وتسلية ، ولكنى لا استهين به ولا تهاون في تلمس
الإتقان والجودة فيه، ظللت ردحا من الزمن ، سبع سنوات أو ثمان ، أنشر ما أكتبه في
الدوريات المختلفة متسترا وراء الأسماء المستعارة، كنت أنتقل من اسم إلى آخر، معميا
على من يريد معرفتي، إلى أن وقعت فى فخ أحد الصحفيين الذي كشفني وعرف بي ثم أقنعني،
بعد أن أصبح صديقا لي، بأن ليس من حرج في أن يعرفني قرائي ولا من خطر في أن تلحق بى
الشهرة ! وفي هذا المجال أذكر أن أحد الدارسين أحصى الأسماء المستعارة التي كتبت
بها بين عامي 1936 و 1970 فوجدها تتجاوز اثنين وعشرين اسما
.
أما عن العمل
العام ، فقد كان استمرارا لما كنت بدأته في دراستي الثانوية ، لا مجال في العمل
العام للمجهولية وللتستر وراء الأسماء المستعارة ، عرفت بين أقراني بالنشاط في هذا
الميدان ، وعندما بلغت الصفوف المتقدمة أصبحت رئيس لجنة الطلاب في معهدي لعدة أعوام
ومشاركا مرموقا في فعاليات الأوساط الجامعية من ثقافية ورياضية وسياسيه . وكانت تلك
مقدمة لانغماري ، بعد تخرجي في الجامعة السورية طبيبا، في خصم العمل السياسي في
بلدي، قمت بترشيح نفسي للنيابة في بداية عملي كطبيب في بلدتي، الرقة ، وفزت بعضوية
المجلس النيابي السوري عنها ، وكان ذلك في صيف عام 1947، أعنى منذ أكثر من نصف قرت
مضى
.
ذكريات العمل السياسي، كما باشرته بنفسي في نحو من سنتين كنت فيهما أحد
ممثلي الشعب في المجلس النيابي ذاك ، هي من الكثرة والأهمية بحيث يضيق بها مرفأ
الذاكرة . كانت سوريا قد نأت استقلالها التام بجلاء جيوش المحتل عنها منذ سنة واحدة
فانصرف حكامها ووراءهم الشعب إلى الجهاد الأكبر بعد الجهاد الأصغر ، أعني إلى معركة
البناء واستعادة الحقوق المغتصبة والسعي لتحقيق المثل العليا . الذكريات كثيرة كما
قلت . وأقف منها على ذكريات وقائع معينة كانت من أهم ما مربي تأثيراً لتفكيري
وتوجيها لسلوكي. تلك هي الوقائع التي شهدتها أو شاركت فيها ثم تابعت مجرياتها
ومازلت لها متابعا ، وأعنى بها وقائع القضية الفلسطينية
.
رد مع الإقتباس