عرض مشاركة واحدة
قديم 09-24-2016, 11:37 PM
المشاركة 18
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
لكن بنار القهر ذابت أدمعي
فمحت رسوم سعادة بجناني


وفي هذا البيت يخبرنا الشاعر اليتيم انه وبدلا من ان ينجح في اختلاق صورة من الفرح في خياله كي تنسيه الم الحرمان الذي اصابه خاصة عند مشاهدة اقرانه من الاطفال وهم يلعبون فرحين في رياضهم كانهم أزهار البساتين وذلك كناية عن شدة حالة الفرح والسعادة التي كانت تغمرهم ، وبدلا من ان ينجح في رسم تلك السعادة في جنانه المتخيلة انهمرت دموعه التي ذابت بفعل نار القهر الذي غمره، وتلك كناية عن غزارة الدموع التي يشبهها الشاعر بجبل جليد يذوب بفعل نار القهر فتتشكل منه سيول تنهمر بغزارة شديدة فكان نتيجة انهمار دموع الشاعر ان انمحت تلك الرسوم المتخيلة التي كان يحاول رسمها في جنانه المتخيلة أيضاً حينما شاهد الاطفال وهم يلعبون في الجنائن فرحين بحالهم.

وهنا يشدد الشاعر على وصفه لحالة البؤس والالم التي كانت تغمره حتى انه كان عاجزا عن الفرح من خلال رسم صورة خيالية تمنحه شعور بالسعادة فانهمرت الدموع لتمحوا تلك الرسوم وهو يخبرنا ان انهمارها جاء بنار القهر.

وتتأتى البلاغة في هذا البيت من روعة الصورة التي يرسمها الشاعر لينقل الي المتلقي عمق التعاسة والالم التي كانت تلم به وبذكر الدموع يوقظ الشاعر لدى المتلقي حاسة البصر فيرى تلك الصورة بوضوح اكبر فهذه الدموع تذوب من العيون بفعل نار القهر وكأن في العين جبل من جليد يذوب بتار القهر فتنهمر الدموع وتتدفق كانها سيل عرم فتمحوا في طريقها تلك الرسوم التي حاول الشاعر رسمها في حدائقة المتخيلة ، وفي ذكر النار والذوبان والقهر والسعادة والرسم والمحو وكذلك حالة الشاعر وحالة اقرانه من الاطفال في كل ذلك توظيف مكثف وذكي ايضا للتضاد الذي يكون له وقع مؤثر للغاية على دماغ المتلقي، وهي لا شك صورة صارخة بالغة التأثير ، تجعل المتلقي يستشعر عمق تلك التعاسة التي عاشها الشاعر بفقد والديه.

*