الموضوع: ll~ سورة الكهف
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-27-2012, 02:17 PM
المشاركة 65
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
{{فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاَمًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا *}}.


قوله تعالى: { {فَانْطَلَقَا} } بعد أن أرست السفينة على الميناء. { {حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاَمًا فَقَتَلَهُ} } ولم يقل «قتله»، وفي السفينة قال: { {خَرَقَهَا} } ولم يقل: «فخرقها»، يعني كأن شيئاً حصل قبل القتل فقتله .
{ {غُلاَمًا} } الغلام هو الصغير، ولم يصبر موسى عليه السلام. { {قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} } وفي قراءة «زاكية» لأنه غلام صغير، والغلام الصغير تكتب له الحسنات، ولا تكتب عليه السيئات، إذاً فهو زكي لأنه صغير ولا تكتب عليه السيئات.
{ {بِغَيْرِ نَفْسٍ} } يعني أنه لم يقتل أحداً حتى تقتله، ولكن لو أنه قتل هل يُقتل أو لا؟
الجواب: في شريعتنا لا يقتل لأنه غير مُكلَّف ولا عَمْد له، على أنه يحتمل أن يكون هذا الغلام بالغاً وسمي بالغلام لقرب بلوغه وحينئذٍ يزول الإشكال.
{ {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا} } هذه العبارة أشد من العبارة الأولى. في الأولى قال: { {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} }، ولكن هنا قال: { {نُكْرًا} } أي منكراً عظيماً، والفرق بين هذا وهذا، أن خرق السفينة قد يكون به الغرق وقد لا يكون وهذا هو الذي حصل، لم تغرق السفينة، أما قتل النفس فهو منكر حادث ما فيه احتمال.
فقال الخضر:
{{قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا *}}.
قوله تعالى: { {أَلَمْ أَقُلْ لَكَ} } هنا فيها لوم أشد على موسى، في الأولى قال: {{أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ} } وفي الثانية قال: { {أَلَمْ أَقُلْ لَكَ} } يعني كأنك لم تفهم ولن تفهم، ولذلك كان الناس يفرقون بين الجملتين، فلو أنك كلمت شخصاً بشيء وخالفك فتقول في الأول: «ألم أقل إنك»، وفي الثاني تقول: «ألم أقل لك» يعني أن الخطاب ورد عليك وروداً لا خفاء فيه، ومع ذلك خالفت، فكان قول الخضر لموسى في الثانية أشد: { {أَلَمْ أَقُلْ لَكَ} }، فقال له موسى لما رأى أنه لا عذر له:
{{إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا}}.
قوله تعالى: { {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي} } أي امنعني من صحبتك، وفي قول موسى: { {فَلاَ تُصَاحِبْنِي} } إشارة إلى أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ يرى أنه أعلى منه منْزِلة وإلاَّ لقال: «إن سألتك عن شيء بعدها فلا أصاحبك».
{ {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا}} يعني أنك وصلت إلى حال تعذر فيها، لأنه أنكر عليه مرتين مع أن موسى عليه السلام التزم ألاَّ يسأله عن شيء حتى يحدث له منه ذكراً.
* * *