عرض مشاركة واحدة
قديم 12-28-2010, 09:44 PM
المشاركة 133
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (36)



الحبُّ الخالدُ



ماذا أقولُ وقد أوهى الأسى كَبِدي
لا صُحبتي أنصفتْ قلبي ولا ولدي

عاشوا على هامشِ الدُّنيا يكلِّلُهم
تاجٌ من الزيفِ لا يَخفى على أحدِ


ترفَّعوا ظاهراً عن كلِّ شائنةٍ
لكنَّ باطنَهم أَرغى من الزبدِ


ترفَّعوا.. ويحَهم.. يا ليتَهم صدقوا
نفوسَهم وأراحوا كل مُنتقِدِ


سرائرٌ لو تعرَّتْ من ستائرِها
لم تَبقَ روحٌ من الأرواحِ في جسدِ


سرائرٌ لو بوسعي أنْ أبدِّلَها
إذاً لطوَّقتُ جِيدَ الكونِ بالرَّغدِ

* * *


ماذا أقول : وفي صدري أُحسُّ لظىً
ما عدتُ أَقوى على الكتمانِ والجَّلدِ


قضيتُ عمريَ أُخفي النارَ في كبدي
كأنَّني الشمسُ في حسنٍ وفي رَأدِ


رضيتُ حرمانَ نفسي في مودتِهم
أملا كؤوسهَمُ بالعطرِ والشَّهَدِ


فيا لقلبيَ كم عانى وأرهقني
إذ كنتُ بينَهُمُ كالطائرِ الغَرِدِ


أُخفي بقلبي أنيني إذْ أحدثُهم
وأحرقُ الدمعَ كي لا يدركوا كَمَدي


لا يسمعونَ سوى لحنٍ أردِّدُه
وكم سهدتُ ولا يعنيهُمُ سَهَدي


أحبُّكم رغمَ أنَّ الحبَّ أضيعُه
بمن يعيشُ بلا قلبٍ ولا رَشَدِ


* * *

جُرحي أضمِّدُه بالشعرِ من حُرَقٍ
وجرحَكم كمْ وكم ضمَّدتُه بيدي


وتدَّعونَ بأنَّ النُّصحَ رائدُكم
لا تكذبوا .. فادِّعاءُ النصحِ لم يُفِدِ


ماكنتُ غرَّاً وما كنتُم ذوي حِكَمٍ
حتى أُسفِّهَ آرائي ومعتقدي


ولستُ متَّهماً حتى يحاكمَني
غِرٌّ ويُصدرَ حكماً غيرَ ذي سَنَدِ


أَكلُّ من صانعتْهُ الحالُ حُقَّ لهُ
وكانَ أعمى اتهامَ الناسِ بالرَّمدِ


* * *

حُرِمتُ كلَّ جميلٍ في الحياةِ ولم
أظفرْ بمؤنسةٍ تختالُ في غَيَدِ


أقضي الليالي مع الآلامِ تصرعُني
وفي النهارِ يدورُ اليأسُ في خَلَدي


وتنكرونَ عليَّ الحبَّ يحملُني
لعالمٍ من صَباباتِ الخيالِ ندي


لو تدركونَ مَقالي ما بَرِمتُ بكم
ما كانَ قلبي على الأيامِ ملكَ يدي


* * *

آمنتُ بالحبِّ إيماني بخالقِه
وصنتُ نفسيَ عن حقدٍ وعن حسدِ


أحبُّكم لو جرحتُم خافقي بيدٍ
أظفارُها عُدَّتي لو مزَّقتْ جسدي


أحبُّكم لا غِنى لي عنكُمُ أبداً
ونارُكم جنَّتي لو أحرقتْ كَبِدي


أحبُّكم وأحبُّ الناسَ كلَّهم
فحبُّكم خالدٌ كالروحِ للأبدِ


فإن هجرتُكُمُ عُذراً فإنَّ لكمْ
شوقاً بقلبي كشوقِ الأمِّ للولدِ




4-12-1981