عرض مشاركة واحدة
قديم 12-27-2010, 07:07 PM
المشاركة 131
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (34)



أهونُ العقدِ



أُكتبْ سأُملي عليكَ اليومَ يا ولدي
ما كنتُ آملُه من حاضري لغدي


أُكتبْ وطرِّزْ همومي إن رأيتَ بها
ما يرهقُ النفسَ من همٍّ ومن نكدِ


فرُبَّ شاردةٍ عادتْ ضللتُ بها
وربَّ واردةٍ تزهو بمُعتقدي


أُكتبْ لعلكَ واشٍ بي إذا لمحتْ
عيناكَ فيها بروقَ السُّحبِ في بلدي


أُكتبْ فلستُ أبالي حينَ يقتلُني
ما رحتُ أُمليه من أفكاريَ الجُّدُدِ


لقد مللتُ يَراعاً مُخصِباً ألماً
تشقَّقتْ منهُ في يومِ الحصادِ يدي


واملأْ دِناني قصيداً قد أذبتُ به
عمراً تقلَّبَ بين الصبرِ والجَّلدِ


وما وهنتُ ولكنِّي شَقيتُ ولم
أَلقَ المُعينَ من الأصحابِ والولدِ


ولم أجدْ عندَ من أهوى ضِيا أَملٍ
أستغفرُ الشعرَ كم أطعمتُه كَبَدي


وكم تضوَّعَ في الأسحارِ قافيةً
عذراءَ حدَّثتِ الأنسامَ عن سَهَدِي


فأسكرتْ غانياتِ الجِّنِّ خمرتُها
لما تساقَيْنَها في حانةِ الأبدِ


ورُحْنَ يَسألنَ عمَّنْ صاغَها دُرراً
للساحراتِ ملوكَ الجنِّ بالصَّيَدِ


* * *

أُكتبْ فإن يَراعي جفَّ من زمنٍ
دماؤه انسربتْ من رأسِهِ الحَرِدِ


أُكتبْ وغنِّ مواويلي على غَيَدٍ
وأسكرِ العطرَ والأنسامَ بالغَيَدِ


أُكتبْ فإنِّي حملتُ العطرَ في كَبِدي
وبتُّ أَحبسُه عن سائرِ الجسدِ


أُكتبْ مسيرةَ أحزانٍ مررتُ بها
مرورَ مُحتَدِمٍ في جوفِ مُرتعِدِ


أُكتبْ طريدةَ آلامٍ نفذتُ بها
نُفوذَ سهمٍ شديدِ القوسِ مُنفردِ


أُكتبْ فهذي القوافي كنتُ أُشهرُها
واليومَ أَغمدها في عزمِ مُجْتهدِ

إنِّي سئمتُ عباراتٍ بَرمتُ بها
ممَّن أضلُّوا وضلُّوا باسمِ مُنتقِدِ

تسابقوا لاقتناصِ الزَّيفِ واحتكموا
لمدَّعٍ حكمُه يسري بلا سَنَدِ


فزُلزِلَ الحقُّ واهتزَّتْ دعائمُه
إذ جرَّدوهُ من الإقدامِ والعُددِ


وأدبرَ العدلُ مذعوراً تطاردُه
حبائلُ الظلمِ من حقدٍ ومن حسدِ


وراحَ يلبسُ ثوبِ الزَّيفِ فصَّلهُ
مهندسُ الزورِ والبُهتانِ في البلدِ


* * *

أُكتبْ لعلَّ زمانَ القهرِ يَحفظُني
شعراً ويُنشدُني في بيتِ مُضطهَدِ


إنِّي حلفتُ ولم أحنثْ بقافيةٍ
حمراءَ تُنْشَرُ لم تولدْ ولم تَلِدِ


لسوفَ أَكتمُ عن نفسي هواجسَها
إلا إذا جمحتْ في ساحةِ الرَّشدِ


هناكُ أقطعُ شريانَ الدُّجى فدمي
نورٌ يسيلُ على اسمِ الواحدِ الأحدِ

فإنْ وصلتُ لما أبغي كَسَبتُ رضاً
وإنْ قَضيتُ فموتي أهونُ العُقدِ


وليَعلمِ الجيلُ بعد الجيلِ أنَّ دمي
دينٌ بذمَّةِ من أنزلتُهمْ كَبِدي



7-2-1998