عرض مشاركة واحدة
قديم 06-17-2014, 01:00 PM
المشاركة 24
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
صدام حسين عاد من جديد رمزًا لتحرير العراق
وقاد الثورة ضد المالكى وإيران والأمريكان
وخدع الجميع بأخبار وأكاذيب تنظيم داعش

بقلم ياسر ايوب
رئيس تحرير مجلة 7 أيام المصريه
أنت بالتأكيد سمعت اسم العراق كثيرًا يقال أمامك وحولك طيلة الأيام القليلة الماضية.. وقد تكون استوطنتك أحزان ومخاوف بعدما أصبحت محاصرًا طوال الوقت بحكايات وصور ولقطات فيديو لما يقوم به أعضاء تنظيم داعش الذين يذبحون الرجال هناك ويستبيحون النساء ولا يرحمون الأطفال.. وغالبًا كنت تجد من يسارع لتنبيهك إلى جريمة جديدة ارتكبها الآن تنظيم داعش فى مدينة أو قرية عراقية.. أو تجرى أنت لتلفت انتباه الآخرين إلى حكاية جديدة أو خبر أو صورة أو مأساة.. وطوال الوقت تحمد الله أنت وكل من هم معك وحولك على أحوال مصر التى حماها جيشها بعدما أصبحنا كلنا نتابع هذا الذى يجرى فى العراق بعد تفكيك جيشها.. وأن هذا هو حال أى بلد يفتقد القوة والقدرة على مواجهة عصابات وتنظيمات الإسلام المتطرف وقادته الذين لا يعشقون إلا الدم والتخريب..

هذه باختصار هى الصورة العامة فى ذهنك واعتقادك ويقينك لما يجرى فى العراق.. صورة شارك فى رسمها كثيرون جدًا باتوا الآن يحترفون نقل وترويج أى حكاية أو شائعة وكل واحد منهم يسعده جدًا أن يكون أول من قال وأشار وبكى وسخر واستعرض وأفتى ونقل حتى لو كان الذى يقوله وينقله مجرد أوهام وأكاذيب.. أو حتى حقائق بالفعل لكنها تقال بالترتيب الخاطئ والشكل الخاطئ.. وأسهم فى رسم تلك الصورة أيضًا إعلام لم يعد يشغله البحث عن أى حقيقة.. أو يكون على استعداد لبذل أى جهد من أجل أن يقود الناس للفهم والمعرفة.. إعلام غير مهتم وغير دقيق.. وغير أمين أيضًا.. وربما كان العذر الوحيد لإعلامنا الذى يمكن تفهمه هو اقتناع أصحابه أنهم.. بمنهجهم الحالى الخاص بالعراق واستسهال الاستسلام للمزاعم والحكايات الكاذبة والصور الملفقة عن تنظيم داعش.. إنما يريدون أو يتخيلون مجتمعنا وقد أصبح أكثر تماسكًا خلف الرئيس عبدالفتاح السيسى وأشد تقديرًا وامتنانًا لجيشنا وأكثر رفضًا وكراهية للإخوان بكل مؤامراتهم وجرائمهم لأنهم.. بتحالفاتهم ودعواتهم لكل تنظيمات الإرهاب والموت باسم الدين.. كانوا سيحيلون مصر فى النهاية إلى العراق كما هو الآن مهزومًا وخائفًا استباحت داعش كرامته ومكانته وأهله وشوارعه وبيوته.

ومع كامل تقديرى واحترامى لكل هذه النوايا الطيبة أو الأهداف الجميلة.. فإننى لا أراها مبررًا للكذب أو الجهل.. وليس معنى أن نقف كلنا الآن خلف السيسى كرئيس جديد لمصر نتمنى كلنا صادقين ومخلصين نجاحه وانتصاره الدائم على كل الأزمات والمواجع والمخاوف والهموم.. أن نبقى نطارد أشباحًا ونختلق حكايات ونردد أكاذيب.. فالمصريون يقفون الآن خلف السيسى اقتناعًا بأن انتصاره هو انتصار لمصر وإخفاقه سيدفع ثمنه كل المصريين وليس من أجل الخوف من داعش وكل من هم مثل داعش وأخواتها.. ولا يحتاج المصريون إلى صور قتلى وجرحى ومغتصبات وتكرار لتفاهات قديمة عن تهديدات داعش لمصر وكوميديا تحريمها لكثير من أمور الحياة حتى يدركوا قيمة جيشهم الذى ستبقى له طوال الوقت مكانته واعتباره والاعتزاز الحقيقى به.. والذين يتعمدون الإساءة للجيش المصرى سيبقون كذلك سواء اخترعنا المزيد من حكايات داعش أو لم نخترع شيئًا.

وأظن أنه من حقك الآن أن تعرف حقيقة ما يجرى فى العراق وعلى الأرض بعيدًا عن أى ادعاءات أو أوهام أو أشباح.. من حقك الآن أن تعرف كيف قاد صدام حسين كل هذا الذى جرى فى العراق طيلة الأيام الماضية.. ولا أقصد بالتأكيد مسايرة زملاء لى كنت أظنهم أكثر التزامًا ووقارًا وجدية من أن يشيعوا أن صدام حسين لا يزال على قيد الحياة وأنه مختبئ فى مكان ما وسيعود يومًا ما.. بل وأذاع هؤلاء تسجيلات صوتية زعموا أنها لصدام من مخبئه الذى لا يعرفه أحد.. وبعيدًا عن كل هذا العبث والكلام الفارغ وعمن يملك الجرأة والوقاحة لترديده ومن يملك الغفلة والسذاجة لتصديقه.. فإن صدام حسين مات منذ ثمانى سنوات بعد أن حكمت الولايات المتحدة بإعدامه.. ووقتها قال القذافى أكثر كلماته حكمة طوال حياته حين أكد أن إعدام رئيس عربى وسط صمت كل القادة العرب هو إيذان بقرب رحيل كل هؤلاء القادة.. لكن الذى أقصده الآن هو أن صدام حسين الذى فى قبره بات هو الذى ينتقم الآن من كل أعدائه.. هو الذى فى قبره الآن يعيد من جديد رسم خريطة العراق ويترك أتباعه وقادته وجنوده يحملون صورته واسمه ويخوضون كل معاركهم الحالية.. وإن كنت قبل التوقف أمام ذلك أود التوقف أولاً أمام صدام حسين والعالم.. انسوا إعلامنا المصرى والعربى المأخوذ بالأساطير وعاشق الخرافات ويشيع الآن أن صدام حسين لا يزال على قيد الحياة.. فصدام حسين فى العالم حولنا له حكايات أخرى بعيدًا عن الذين يعودون للحياة بعد موتهم.. فعلى سبيل المثال.. أعلن هذا الأسبوع أنتونى هورويتز.. كاتب تلفزيونى بريطانى ومؤلف متخصص فى قصص الأطفال.. انتهاءه من كتابة مسرحية جديدة عن صدام حسين.. وقال أنتونى إن مسرحيته الجديدة لن تقدم صدام حسين كشيطان وإنما رجل له حسناته ومزاياه وله أيضًا عيوبه وخطاياه وجرائمه.. قال أيضًا إنه.. بعد الكثير جدًا من القراءة والمشاهدة والتأمل والتفكير.. بات باستطاعته تقديم نصيحة مهمة وضرورية هى أنه لابد من الكوميديا لكل من يريد الكتابة أو الكلام عن العراق.. فحين تختلط كل الأوراق وتتشابه الحقائق والأكاذيب ويعجز الجميع عن توقع أى شىء.. تبقى الكوميديا هى الحل الوحيد.. وإذا كانت الكوميديا هى الحل أو نصيحة الكاتب الإنجليزى لكل من يريد الكتابة عن العراق.. فإن الصحيفة الأمريكية الشهيرة الواشنطن بوست قررت أن قراءها يحتاجون من جديد إلى كل البديهيات عن العراق فنشرت هذا الأسبوع كل المعلومات الأساسية عن العراق تاريخًا وجغرافيا وسياسة ودينًا ومن هو صدام ومن هم بقية الأسماء التى يحتاج إلى معرفتها كل من يريد أن يقرأ عن العراق أو يفهم ما يجرى هناك.. وكذلك قامت الصحيفة البريطانية الديلى تليجراف هذا الأسبوع أيضًا بنفس ما قامت به الواشنطن بوست فى دلالة إلى أن الجميع أصبح يحتاج إلى كثير من المراجعة بشأن العراق.. وإن كانت لندن قد شهدت منذ أيام قليلة حكاية أخرى بطلها أيضًا صدام حسين.. فقد قام مطعم لبنانى فى حى هارو شمال غرب لندن بتعليق صورة ضخمة على واجهة المحل لصدام حسين.. فثار سكان الحى وفيهم عائلات لجنود بريطانيين ماتوا فى العراق.. وتدخلت رئيسة الحى ودارت مناقشات ومواجهات كثيرة نشرتها صحيفة الديلى ميل.. وهو الأمر الذى تكرر الأسبوع الماضى هنا فى القاهرة.. بالتحديد فى مدينة 6 أكتوبر.. حين قامت أسرة أبو عدى العراقية امتلكت مطعمًا تخصص فى تقديم الطعام العراقى لرفع صور صدام فى كل زوايا المطعم.. الفارق الوحيد أن أهل القاهرة لم يحتج منهم أحد على تلك الصور.. بل وكان من بين أهل القاهرة من صدق واقتنع بما قيل على بعض الشاشات بأن صدام حسين لا يزال على قيد الحياة.

وبالتأكيد لم يبقَ صدام حسين على قيد الحياة وليس باستطاعته الخروج من قبره.. لكن التأمل الهادئ والعميق للمشهد العراقى الحالى.. يجعلك تشعر بصدام حسين فى كل مكان وفى كل زاوية وطريق.. فكل الانتصارات التى تتحقق على الأرض الآن هى انتصارات ضباط وجنود صدام حسين.. الجيش العراقى الذى تم تفكيكه عقب الاجتياح الأمريكى لبغداد ثم مطاردة صدام وإعدامه لاحقًا.. فهؤلاء تفرقوا فى كل زوايا العراق.. منهم الذى اعتزل الحياة رغم عدم موته.. ومنهم الذى هاجر خارج العراق.. ومنهم الذى بقى متخفيًا ساكنًا فى انتظار أى فرصة للعودة من جديد.. وهؤلاء هم الذين تم تجميعهم على مهل.. وبمنتهى الهدوء بدأت إعادة تشكيل جيش عراقى جديد ليس تابعًا لأحد.. لا تسيطر عليه أى سلطة من السلطات المتقاسمة لثروات العراق ومقاديره حاليًا.. جيش يضم كل الضباط والجنود السابقين فى زمن صدام.. وما بات يُعرف باسم الجيش النقشبندى.. وأبناء العشائر العراقية.. وأعضاء حزب البعث العراقى القديم.. والشبان الرافضين للاحتلال الأمريكى الذى منذ سنوات يسمح كل يوم بمجازر جديدة حتى بات الموت اليوم والدم بمثابة خبز الحياة وملحها فى كل مدينة وقرية وطريق عراقى.. وهؤلاء هم الذين بدأوا الانتفاضة العسكرية ضد حكومة المالكى الشيعية المدعومة إيرانيًا وأمريكيًا.. يقودهم عزة إبراهيم الدورى.. نائب رئيس مجلس قيادة الثورة قبل سقوط نظام صدام حسين.. والرجل الثانى خلف صدام حتى النهاية.. والذى اختفى بعد دخول الأمريكيين العراق ولم يظهر إلا مؤخرًا قائدًا للثورة فى العراق.. ومن المهم جدًا توضيح أنها ليست ثورة قام بها ضباط وجنود وعشائر وشبان ينتمون للسُنة فقرروا إزاحة حكومة شيعية.. فهذا تبسيط ساذج ومخل وتصور خاطئ تمامًا للحقيقة العراقية على الأرض هناك.. إنما هى صورة ضد كل الحسابات الأمريكية والأطماع الإيرانية.. ضد حكومة لم تمتلك من الذكاء بما يكفى لأن تدرك أنها تدير شئون وحياة وأيام ومطالب واحتياجات كل العراقيين وليس الشيعة فقط أو المقربين من دوائر حكومة المالكى ووزرائها.. فالولايات المتحدة كانت تتخيل العراق وأهله جميعهم مجرد ورقة للتفاوض مع إيران فتتنازل الولايات المتحدة عن العراق لإيران أو تتركها تمارس ما تشاء على الأرض العراقية مقابل مكاسب ومصالح أمريكية يتم الاتفاق عليها.. أما إيران فباتت تتخيل أن وجودها على الأرض داخل العراق هو الخطوة الأولى لتأسيس الدولة الشيعية على شطآن الخليج العربى من العراق إلى الكويت إلى البحرين إلى آبار النفط السعودى.. وكان هذا هو المخطط غير المعلن والذى لا يزال قائمًا حتى الآن.. ولكن الثورة التى قامت الآن باتت تشكل تهديدًا حقيقيًا لكل هذا المخطط والمصالح غير المعلنة.. وكان لابد من مواجهة تلك الثورة قدر الاستطاعة.. إيران.. مثل أى دولة أخرى فى العالم الثالث.. رأت أن المواجهة العسكرية هى الحل.. فكانت ثلاث فرق إيرانية مسلحة تتوجه إلى داخل العراق لدعم حكومة المالكى ورجاله.. أما الولايات المتحدة فقد أعلنت رسميًا على لسان رئيسها باراك أوباما أنها أبدًا لن تتدخل عسكريًا فى العراق من جديد.. فكان الحل الأمريكى المناسب هو تشويه كل ما يجرى على أرض العراق حاليًا.. ولأن هؤلاء الثوار والعشائر وضباط صدام حسين وجنوده.. تزامنت ثورتهم مع انتصارات أخرى أقل قيمة فى سوريا لجماعة إسلامية متشددة وإرهابية اسمها داعش.. أى الحروف التى تختصر دولة إسلامية فى العراق والشام.. ولأن داعش قررت تكثيف عملياتها فى العراق مؤخرًا رفضًا لجرائم المالكى ورجاله ضد السُنة فى العراق لمصلحة الشيعة وإيران.. فقد رأت الولايات المتحدة أن الحل الوحيد هو الاكتفاء بالحديث عن داعش فقط طالما كان الأمر يخص العراق.. داعش هى التى تحارب.. داعش هى التى تدخل المدن والقرى المسالمة.. داعش هى التى تذبح الرجال وتجبر النساء على جهاد النكاح.. داعش هى التى تقتل الأطفال وتهدم البيوت وتحرق الزرع وتكره الأمان.. داعش هى التى تضع قائمة لا نهائية من المحرمات التى سيموت كل من يرتكبها إلى درجة عدم جواز خلط الخيار بالطماطم فى طبق السلاطة.. ابتكرت السياسة الأمريكية هذا المنهج.. أو ألقت بالطعم المغرى الذى اصطاد الإعلام العربى كله بسنارة واحدة.. فانفجر هذا الإعلام حديثًا وصخبًا وخوفًا وسخرية من داعش فى العراق.. ساعدت على ذلك إسرائيل وإعلامها لأن الأمن القومى الإسرائيلى يتطلب عراقًا ضعيفًا مفككًا مشغولاً بمجرد البقاء على قيد الحياة وبعدم جواز خلط الطماطم والخيار فى طبق واحد.. ولذا كانت ماكينات الإعلام الإسرائيلى تعاون مثيلتها الأمريكية فى تضخيم داعش وكأنها القوة الجبارة الوحيدة فى العراق والتى لابد أن يخاف الجميع أن تصل إلى بقية البلدان العربية.. إلا أن الإعلام العربى الطيب جدًا فى حقيقة الأمر ونشطاء العرب على شبكات التواصل الاجتماعى بكل ما اشتهروا به من عبقرية وهمة فى ترويج الشائعات والأكاذيب.. أعفوا الجميع من العمل وقاموا هم بالمهة كاملة.. وبات الكثيرون جدًا.. مثلك تمامًا ومثل ملايين آخرين.. يتمنون بالطبع ألا تنتصر داعش التى هى الإرهاب والخوف والدم والموت.. وأصبحت أنت تلقائيًا تتمنى انتصار المالكى وحكومته.. أصبحت أنت تلقائيا أيضًا تتمنى أو حتى تتساءل لماذا لا تتدخل أمريكا لتحمى هؤلاء العراقيين الأبرياء من داعش وعصاباتها وجرائمها.. وهذا بالضبط ما كان مطلوبًا بكل دقة.. فأنت لم تسمع أحدًا من قبل يحدثك عن جيش صدام وجنوده وأبناء العشائر الذين لا علاقة لهم بداعش أصلاً.. وبالتأكيد لك العذر فى ذلك.. فطوال الوقت كان يطاردك إلحاح إعلامى تلفزيونى وصحفى وعبر صفحات التواصل الاجتماعى بأن الحكاية كلها هى داعش.. والمجرمون هم داعش.. والذين يحاربون هم داعش.. بينما فى حقيقة الأمر كانت لداعش حربهم الخاصة المحدودة جدًا ومساحة القوة المحدودة أيضًا.. بينما الذى يحارب فعلاً هم جيش صدام وبقية الفصائل الأخرى الرافضة لهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية وإيران وخطايا حكومة المالكى.. وهو الجيش الذى قد يفاجئك الآن بأنه يتلقى دعمًا استراتيجيًا وأحيانًا عسكريًا وسياسيًا غير معلن سواء من تركيا أو المملكة العربية السعودية.. وهذا الجيش بالمناسبة هو الذى قام بتحرير الموصل كثانى أكبر مدينة عراقية.. وهو الذى دخل مدينة تكريت مسقط رأس صدام حسين وسط ترحاب وحفاوة من أهلها وأيضًا من رغد ابنة صدام حسين التى تقيم حاليًا فى الأردن.. وعلى الرغم من أن رغد ممنوعة من الكلام فإن فرحتها بما يجرى جعلتها تنسى اتفاقها مع الحكومة الأردنية.. وبدورها تغاضت الحكومة الأردنية عن كسر رغد صدام حسين لهذا الاتفاق.. وقالت رغد إنها سعيدة جدًا بمقاتلى والدها وانتصاراتهم فى العراق بقيادة عمها عزة إبراهيم ومعهم أبطال الجيش النقشبندى.. وأضافت رغد أنها تتابع أولاً بأول كل ما يجرى على أرض العراق وأنها لأول مرة منذ سنوات تشعر بهذه الفرحة الحقيقية وتستعيد من جديد حلمها بعراق واحد قوى يعود من جديد.

ومن المؤكد أن إعلامنا.. ونشطائنا.. الذين ملأوا الدنيا صراخًا عن داعش وجرائمها.. لم يكن لديهم الوقت الكافى ليتأملوا ويعرفوا من الذى تم اختيارهم كقادة للمدن التى يتم تحريرها من جيش المالكى وحكومته.. فهم غالبًا من قادة جيش صدام الذى كان والذى يعود الآن.. أى ليس من أبناء الجماعة الإسلامية المعروفة باسم داعش.. قادة وضباط منتمون لصدام حسين وليسوا من أمراء جماعة داعش.. فعزة الدورى أصبح قائدًا أعلى لكل هؤلاء.. ولا تزال خطته تهدف إلى دخول بغداد وتحريرها من المالكى ومن الأمريكان والإيرانيين أيضًا.. ونقل لى صديق عراقى مقيم فى بغداد عن أموال ومنقولات كثيرة للمالكى تم تهريبها بطائرتين خارج العراق منذ أربعة أيام خوفًا من سقوط نظام المالكى وحكومته فى أى لحظة.. وقد قرر عزة إبراهيم منع أعضاء داعش من التعرض للشيعة والأكراد.. وقال أيضًا إنه لا يقود جيشًا سنيًا يحارب الشيعة من بنى وطنه يريد إبادتهم والخلاص منهم.. إنما ضابط عراقى يريد تحرير كل العراق واستعادته لكل العراقيين.. بل ونفى عزة إبراهيم بشدة كل ما سبق ترديده فى وسائل الإعلام عن النية فى اجتياح المدن الشيعية المقدسة مثل النجف وكربلاء.. فقد قالت تلك الوسائل الإعلامية إن داعش ستدخل النجف وكربلاء وتهين كل رموز الشيعة وستقوم بتحطيم وتخريب كل مزاراتهم المقدسة.. واضطر عزة إبراهيم لنفى ذلك كله.. ومهاجمة وسائل الإعلام العربية الكثيرة التى فى الأول تعرضت للخديعة وأسهمت فى ترويج داعش وقوتها وجرائمها.. ثم عادت تلك الوسائل مرة أخرى لترويج حكاية السُنة والشيعة وكأنها وسائل لا يعنيها ولن يسعدها إلا مزيد من تمزيق العراق وتفتيته.. كأنها وسائل لا تكترث بالعراق أصلاً وترى أهله مجرد مادة إعلامية ووسيلة لجذب انتباه الجمهور حتى إن انتهت العروض التلفزيونية بالدم يغطى شوارع ومدن العراق.

وأود فى النهاية التأكيد على أن داعش رغم وجودها على الأرض.. ورغم السلاح الذى تملكه.. والانتصارات التى تحققها.. ورغم مذابحها نتيجة ضيق الأفق وسوء إدراك لتعاليم الدين وأخطاء فادحة فى تطبيقها.. إلا أن داعش ليست هى صاحبة الحكاية فى العراق.. ليست هى القائدة للثورة أو حتى صاحبتها.. ليست هى التى تفتح المدن وتطرد جيش المالكى منها ومن القرى حولها.. ليست داعش هى التى يخافها المالكى أو أمريكا أو إيران.. إنما هو جيش صدام وكل حلفائه من العراقيين.. وإذا كان بعض الصحفيين الأمريكيين قد واجهوا رئيسهم باراك أوباما هذا الأسبوع وقالوا له أو كتبوا أنه لم يكن على صواب حين قال عام 2011 إن أسامة بن لادن قد مات ولن يسير على الأرض مرة أخرى.. لأن الأيام أثبتت أن الأرض لا تزال تمشى عليها أفكار بن لادن ممثلة فى رجاله سواء كانوا تنظيم القاعدة أو بقية التنظيمات الإرهابية المتطرفة التى خرجت من عباءتها.. فإننى بالمثل أقول إن صدام حسين قد مات بالفعل ولن يمشى على هذه الأرض مرة أخرى.. لكنه لا يزال قائدًا للثورة الحالية فى العراق.. ضباطه وجنوده يقودونها وينتصرون باسمه رافعين صوره راغبين فى رد الاعتبار له وراغبين أكثر فى استعادة العراق الذى كان.. وأنا هنا أقرر حقيقة وأمرًا واقعًا.. فقد يكون رأيك فى صدام أو تقييمك لتجربته فى حكم العراق ليس بالرأى الإيجابى أو فى مصلحة صدام الذى نجح فى حكم العراق الموحد إلا أنه فى النهاية أضاع العراق كله نتيجة مغامرات خاطئة ومطامع شخصية فى مزيد من العظمة.. فأى إنسان عاقل لا يمكن أن يغفر لصدام قراره بغزو الكويت واحتلاله.. وهو القرار الخاطئ الذى لا يزال العرب جميعهم يدفعون ثمنه حتى الآن.. إلا أن تأييد جيش صدام الساعى الآن لتوحيد العراق وتحريره.. لا يعنى مطلقًا تأييد كل وأى قرار سابق لصدام حسين.. أو أن عزة الدورى فى حال نجاح الثورة وقيادته للعراق من جديد سيعود لنفس سياسات ومناهج صدام ويكرر نفس أخطاء الماضى.. فالدنيا كلها تغيرت والحسابات تبدلت واختلفت تمامًا.. والذى يعنينى الآن هو أن يعود العراق عراقًا.. فأنا شديد الحب والاعتزاز لهذا البلد العريق والجميل.. هو جزء من ثقافتى وانتمائى وكبريائى أيضًا.. وأعرف أننى كمصرى سأزداد قوة حين يعود العراق متماسكًا وقويًا.. أعرف أننى كمصرى أحتاج إلى العراق مثلما يحتاج العراق الآن إلى تعاطف ودعم وتأييد كل المصريين.

المصريون يقفون الآن خلف السيسى اقتناعًا بأن انتصاره هو انتصار لمصر وإخفاقه سيدفع ثمنه كل المصريين وليس من أجل الخوف من داعش وكل من هم مثل داعش وأخواتها

صدام حسين الذى فى قبره بات هو الذى ينتقم الآن من كل أعدائه.. هو الذى فى قبره الآن يعيد من جديد رسم خريطة العراق ويترك أتباعه وقادته وجنوده يحملون صورته واسمه ويخوضون كل معاركهم الحالية

الجيش الذى قد يفاجئك الآن بأنه يتلقى دعمًا استراتيجيًا وأحيانًا عسكريًا وسياسيًا غير معلن سواء من تركيا أو المملكة العربية السعودية.. وهذا الجيش بالمناسبة هو الذى قام بتحرير الموصل كثانى أكبر مدينة عراقية

تأييد جيش صدام الساعى الآن لتوحيد العراق وتحريره.. لا يعنى مطلقًا تأييد كل وأى قرار سابق لصدام حسين.. أو أن عزة الدورى فى حال نجاح الثورة وقيادته للعراق من جديد سيعود لنفس سياسات ومناهج صدام ويكرر نفس أخطاء الماضى