عرض مشاركة واحدة
قديم 06-26-2011, 10:40 AM
المشاركة 15
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ،،

قرءاه نقدية مغايرة لقصة "انتقام" لكاتبها مبارك الحمود


محاولة لفكفكة لغة القصة الكودية واستخراج عناصر الجمال منها:

اقتباس "

-5-


وها أنا في الطريق لانتصار آخر, كما عادتي.. قهقهاتي المصطنعة لا تتوقف, إني أقترب أكثر وأكثر منذلك.. يا ترى ماذا تفعل الآن؟, بالتأكيد إنها تقف باطمئنان أمام نافذة بيت مزرعة والدها التي ورثتها منه, تتخيل مستقبلها بدوني, ولم تدر أنها ستراه واقعا أقرب مما تتوقع.. الطريق الذي يبدو كشعرة متقصفة مسافته تقصر, ونصري يقترب.. قلبي يخفق كطبول حرب, وها هو.. ها هو البيت, يقبع بكل براءته على مقربة من الشعرة المتقصفة, وقدماي.. قدماي تتبادلان المقدمة باندفاع وحماس.


تبدأ الفقرة الخامسة برقم كودي ( 5 ) ثم بما يدل على الحركة ( ها أنا في الطريق لانتصار آخر)، ثم مزيد من الوصف والتوصيف لشخصية البطل ( قهقهاتي المصطنعة )، هنا يُدخل القاص عنصر إضافي وجديد على شخصية البطل في حرص منه على إبقاء هذه الشخصية في حالة دينامكية متطورة، وكأن في ذلك ما يشير إلى انه غير سوي، فعلى الرغم من هول الموقف نجده يقهقه قهقهات مصطنعة كما هي عادته، وهو ما يشير إلى انه شخصية مريضه، شخص واهم، يُهذي ويتصرف بتصنع فيقهقه في احلك الاوقات، وهو ما ينسجم مع طبيعة الشخصية السادية للبطل، أو انه ربما يحترف القتل الذي يتلذذ به ويعتبره انتصار يتبعه بقهقهات وتلذذ في كل مرة، وفي ذلك مزيد من التصعيد في الحدث، وفي كلمات (لا تتوقف) مزيد من الحركة والحيوية ايضا.

وبهدف مزيد من التشويق يطرح القاص سؤال استنكاري ( يا ترى ماذا تفعل الآن؟ )، ثم مؤشر آخر على أن البطل غير سوي، فباستخدام القاص لكلمة (أمامالنافذة)، وليس خلف النافذة يُظهر أن البطل يفكر بطريقة مختلفة، وربما غير سوية. وفي إشارة القاص إلى أن تلك المرأة تقف أمام مزرعة (والدها ألتي ورثتها منه) ما يثير استعطاف المتلقي، ويحرك مشاعره حول وضع تلك المرأة كونها يتيمة ايضا.

ونجد أن القاص يظل قادر على استثمار التضاد هنا أيضا فبينما يصف القهقهات بأنها لا تتوقف، نجده يصف المرأة بأنها تقف ( لا تتوقف + توقف ). وبهدف التشويق واستحضار النهاية المروعة في ذهن المتلقي، والتي يصورها القاص انتصار في ذهن البطل، يكرر القاص كلمات (اقترب أكثر وأكثر+ أقرب مما تتوقع+ ونصري يقترب+ مسافته تقصر+ مقربة). ونجد هنا استثمار للتضاد من جديد ( بالتأكيد + تتوقع ).

ثم يعود القاص لتقديم وصف تفصيلي غاية في الجمال لجوانب أخرى من المشهد الذي يتقن رسمه، فنجده يصف الطريق بشعرة متقصفة وربما يقصد في ذلك طريق زراعي ترابي متعرج، ويصف خفقان قلب البطل بصوت طبول الحرب، وفي ذلك استثمار للتضاد من جديد وتشبيه بليغ، فبينما (تقف هي باطمئنان + يتحرك هو تجاهها وقلبه يخفق كطبول الحرب)، وفي استخدام كلمة (براءته) استثمار للتضاد، فالبيت بريء بينما هي خائنة.

وفي استخدام (صوت طبول الحرب) استنفار لحاسة السمع، وفي الإشارة إلى مكان البيت الذي (يقبع ببراءة إلى جانب الشعرة المتقصفة)، وصف تفصيلي مغاير وغاية في الجمال. كما أن وصف حركة القدمين (وقدماي.. قدماي تتبادلان المقدمة باندفاع وحماس( التي شخصها الكاتب وكأنها تتحرك بذاتها، وتتدافع نحو الهدف بحماس واندفاع، ما يجعل النص أكثر حيوية، فيندفع المتلقي هو أيضا بحماس واندفاع لمعرفة ما ستؤول إليه الأمور، ومعرفة النهاية التي قربها القاص في ذهن المتلقي بتكراره لكلمة (اقرب) أكثر من مرة.

وفي هذه الفقرة ما يشير إلى أن القاص مبارك الحمود يتقن رسم المشهد بنفس الطريقة التي يتقن فيها بناء الشخصية، لكن تظل قصصه في معظمها تتمحور حول شخصيات دينامكية، لها وضع نفسي معين، وهي حتما مثيرة للجدل. وهو قادر على تركيز الحبكة حول حدث رئيسي واحد متطور، وهنا وفي هذه الفقرة نجد بأنه تمكن من المحافظة على نفس الاسلوب من الشد والتشويق والادهاش.

يتبع،،