عرض مشاركة واحدة
قديم 05-15-2022, 10:48 AM
المشاركة 7416
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
3544

.... لَا تُرَاهِنْ عَلَى الصَّعْبَةِ وَلاَ تَنْشِدِ القَرِيضَ ....

هذا المثل للحُطَيئة، لما حَضَرَته الوَفَاة اكْتَنَفَهُ أهلُهُ وبنو
عمه، فقيل‏:‏ يا حُطَيءُ أوْصِ، قَال‏:‏ وبِمَ أوصِى‏؟‏ مالي بين
بنيَّ، قَالوا‏:‏ قد علمنا أن مالك بين بنيك فأوْصِ، فقال:
وَيْل للشِّعْر من راوية السوء، فأرسلها مَثَلًا، فَقَالوا‏:‏ أوصِ،
فَقَال‏:‏ أخبِرُوا أهلَ ضابئ بن الحارث أنه كان شاعرًا حيث
يقول:

لكُلِّ جَدِيدٍ لَذَةٌ، غيرَ أنَّنِي
وَجَدْتُ جَدِيدَ المَوْتِ غيرَ لذيذِ


ثم قَال‏:‏ لا تُرَاهِن على الصَّعبة ولا تنشد القريض، فأرسلها
مَثَلًا.
يضرب في التحذير.
وفي بعض الروايات أنه قيل له‏:‏ يا أبا مُلَيْكَةَ أوْصِهْ، قَال:
مالي للذكور دون الإناث، قَالوا‏:‏ إن الله لم يأمر بذا، قَال:
فإني آمر، قَالوا‏:‏ أوْصِهْ، قَال‏:‏ أخبروا آل الشماخ أن أخاهم
أشْعَرُ العرب حيث يقول:

وظلت بأعراف صِيامًا كأنَّهَا
رمَاحٌ نَحَاهَا وجهة الريح رَاكِزُ


قَالوا‏:‏ أوْصِيهْ فإن هذا لا يُغْنِي عنك شيئًا، قَال‏:‏ أبلِغُوا
كِنْدَة أن أخاهم أشْعَرُ العرب حيث يقول:

فَيَا لَكَ مِنْ لَيْلٍ كأنَّ نُجُومَهُ
بأمْرَاسِ كتَّان إلى صُمِّ جَنْدَلِ


يعني امرأ القيس، قَالوا‏:‏ أوْصِهْ فإن هذا لا يغني عنك
شيئًا، قَال‏:‏ أخْبِرُوا الأنصارَ أن أخاهم أمْدَحُ العرب حيث
يقول:

يُغْشُونَ حَتَّى مَا تَهِرُّ كِلاَبُهُمْ
لَا يَسْأَلُونَ عَنِ السَّوَادِ المُقْبِلِ


قَالوا‏:‏ أوصه فإن هذا لا يغني عنك شيئًا قَال‏:‏ أوصيكم
بالشعر خيرًا، ثم أنشأ يقول:

الشِّعْرُ صَعْبٌ وَطَوِيلٌ سُلَّمُهْ
إذا ارْتَقَى إلى الَّذِي لاَ يَعْلَمُه

زَلَّتْ بِهِ إلَى الحَضِيضِ قَدَمُهْ
وَالشِّعْرُ لاَ يُطيعُهُ مَنْ يَظْلِمُهْ

يُرِيدُ أَنْ يُعْرِبَهُ فَيُعْجِمُهْ
وِلَمْ يَزَلْ مِنْ حَيْثُ يأتي يَخْرِمُهْ

*مَنْ يَسِمِ الأعْدَاء يبقى مِيسَمُهُ*


قَالوا‏:‏ أوْصِهْ فإن هذا لا يبقى عنك شيئًا، قَال:

‏[‏قد‏]‏ كُنْتُ أحْيَانًا شَدِيدَ المُعْتَمَدْ
وَكُنْتُ أحيانًا عَلَى خَصْمِي ألَدْ

*قَدْ وَرْدَتْ نَفْسِي وَمَا كَادَتْ تَرِدْ*


قَالوا‏:‏ أوْصِهْ فإن هذا لا يغني عنك شيئًا، قَال:
واجَزَعَاهُ على المديح الجيد يُمْدَح به من ليس من
أهله، قَالوا‏:‏ أوْصِهْ فإن هذا لا يغني عنك شيئًا، فبكى،
قَالوا‏:‏ وما يبكيك‏؟‏ قَال‏:‏ أبكي الشعرَ الجيدَ، من راوية
السوء، قَالوا‏:‏ أوص للمساكين بشَيء، قَال‏:‏ أوصيهم
بالمسألة وأوصِ الناسَ أن لا يُعْطُوهم، قَالوا‏:‏ أعتِقْ
غُلامك فإنه قد رَعَى عليك ثلاثين سنة، قَال‏:‏ هو
عبد ما بقى على الأرض عَبْسيّ، ثم قَال‏:‏ احملوني على
حماري ودُورُوا بي حول هذا التل فإنه لَم يَمُتْ على
الحمار كريم، فعسى ربي أن يرحمني، فحمله ابناه
وأخذا بضبْعَيْه ثم جَعَلَا يسوقان الحمار حول التل، وهو
يقول:

قَدْ عَجَّلَ الدَّهْرُ والأحْدَاثُ يتمكما
فَاسْتَغْنَيَا بوشَيِكٍ إنَّني عَانِ

[‏وَ‏]‏ دَلِّيَانِيَ في غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ
كَمَا تدلى دلاءٌ بَيْنَ أشْطَانِ


قَالوا‏:‏ يا أبا مليكة، مَنْ أشْعَرُ العرب‏؟ قَال‏:‏ هذا الجُحَير، إذا
طمع بخير، وأشار بيده إلى فِيهِ، وكان آخر كلامه، فمات
وكان له عشرون ومئة سنة، منها سبعون في الجاهلية،
وخمسون في الإسلام.
ويروى أنه أراد سَفَرًا، فلما قَدَّم راحلته قَالت له امرأته:
متى ترجع‏؟‏ فَقَال:

عُدِّي السِّنِينَ لَغِيَبَتِي وَتَصَبَّرِي
وَدَعي الشُّهورَ فَإنَّهُنَّ قِصَارُ


فَقَالت:

اِذْكُرْ صَبَابَتَنَا إلَيْكَ وَشَوْقَنَا
وَارْحَمْ بَنَاتِكَ إنَّهُنَّ صِغَارُ


قَالوا‏:‏ وما مدح قومًا إلا رفَعهم، وما هجا قومًا إلا
وضعهم.
وقال يهجو نفسه وقد نظر في المرآة، وكان دَميمًا:

أبَتْ شَفَتَايَ اليَوْمَ إلاَّ تَكَلُّمًا
بِسُوء، فَمَا أدْرِي لِمَنْ أنَا قَائِلُهْ

أرَى ليَ وَجْهًا شَوَّهَ الله خَلْقَهُ
فَقُبِّحَ مِنْ وَجْهٍ وَقُبِّحَ حَامِلُهْ