عرض مشاركة واحدة
قديم 11-24-2011, 02:26 PM
المشاركة 69
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
إبراهيم الكوني (روائي ليبي)المصدر - برنامج: إضاءات - تاريخ الحلقة : الجمعة 10/7/2009بداية إبراهيم الكوني في سويسر.

اتركي الدخيل: أستاذ إبراهيم سوف نتحدث منذ بداياتك. المعروف أنك هجرت العالم العربي منذ كنت صغيراً. التحقت للدراسة بروسيا في فترة مبكرة. انتقلت درست في معهد غوركي، وانتقلت بعد ذلك في مراحل يعني النضج إلى سويسرا في جبال الألب، وهناك أنتجت معظم أعمالك التي تزيد على 70 عملاً أدبياً، نال الكثير منها.. نلت عليها الكثير من الجوائز العالمية والعربية. البعض يعتبر أن تشكل إبراهيم الكوني في الخارج يعني يمكن أن يعتبر سلبية في حقك، بالنظر إلى عدم اهتمامه بقضايا وطنه العربي في رواياته وأطروحاته؟

إبراهيم الكوني: هذا يعتمد على ماهية هذا الاهتمام بالعالم العربي. أعتقد أن الاهتمام هو معرفي بالدرجة الأولى، يجب أن نضع في أذهاننا أن الإنسان لا يغترب عبثاً. الإنسان يغترب حاملاً بقلبه رسالة ما، وليس من الصدفة أن كلّ أصحاب الأفكار العظيمة، منذ بداية التاريخ حتى الآن هم أناس مغتربون.تركي الدخيل: تعتبر نفسك منهم؟

إبراهيم الكوني: لا.. أعتقد. لا أضع نفسي في هذه المكانة، ولكن لا بد أن نستدل بالرسل، الرسل أيضاً كانوا مغتربين، كلهم كانوا مهاجرين.

تركي الدخيل: إذاً هل اخترت أنت الغربة لهذه الغاية؟ أم أنك استثمرت وجودك بالغربة؟

إبراهيم الكوني: لا. الأقدار هي التي تختار. عندما تختار أنت رسالة ما، لا بد أن تختارك هذه الرسالة أيضاً، وتنفيذ أي رسالة يحتاج إلى تقنيات دنيوية. أحد هذه التقنيات الدنيوية هي طلب المعرفة لإيجاد وسائل أو اللغة بالمعنى المجرد، واللغات بالمعنى الحرفي، لتجسيد هذه الرسالة، أو لتمرير هذه الرسالة، أو للتعبير عن هذه الرسالة.رسالة الصحراء هي رسالة إبراهيم الكوني .

تركي الدخيل: ما هي الرسالة الأساسية لدى إبراهيم الكوني من خلال هذا الإنتاج التي يودّ أن يبلغها أن ينشرها؟

إبراهيم الكوني: تعتقد أن هناك رسالة تعلو على رسالة الصحراء التي بعثت كل رسائل الرسل؟ لا أعتقد أنه ثمة رسالة أعظم من رسالة الصحراء التي بعثت للوجود كل الأفكار، التي ما زلنا نستنير بها إلى اليوم، ليست الديانات فقط، وإنما كل الأفكار التي صنعت الحضارة.إبراهيم الكوني: يقيناً لأنهم راحلون. الإنسان الراحل هذا دينه الحرية. والحرية هي التي تُنتج التأمل، والتأمل هو الذي يُنتج الأفكار التي بدأت بالديانات والمعتقدات وانتهت إلى المصير البائس على أيدي أهل الاستقرار. هناك جدل بين المستقرين وبين الراحلين عبر التاريخ، ولهذا هذا التزوير خلق بينهم عداوة خفية. نحن نعلم جميعاً أن البدو هم أعداء تاريخيين لأهل المدن.

تركي الدخيل: تقول في كتابك الصحف الأولى في صفحة 152: الصحراء بديلة لمبدأ الميتافيزيقيا، أوعالم الغيبيات إن صحت العبارة. من عاش تجربة الصحراء ليس بحاجة أن يعيش تجربة الميتافيزيقيا، ماذا تقصد بهذه العبارة؟ هل تقصد بأن الذي يعيش بالصحراء لا يحتاج إلى الغيبيات؟فلسفة الكوني للحرية

إبراهيم الكوني: لا. هذه العبارة معناها أعتقد واضح، وهو أن الصحراء كنموذج جمالي هي المكان الوحيد الذي نستطيع أن نزور فيه الموت ونعود أحياء من جديد. لأنها هي نموذج للمبدأ الميتافيزيقي الأعلى وهو الحرية. الحرية بمعناها.. ليس بمعناها التقليدي، ولكن بمعناها الكانتي، المفهوم الذي منحه لها كانت دائماً في جميع أعماله وهو نقيض الطبيعة. ولهذا الصحراء طبيعة وليست طبيعة، الصحراء مكان وليست مكاناً، لأنها لا تتوفر على شروط المكان، لأن أول شروط المكان هو إمكانية الاستقرار فيه، وإمكانية الاستقرار في المكان تشترط وجود شيء مادي وهو الماء. ولذا ترفض الإنسان، والإنسان يرفضها أيضاً، لا بد الإنسان أن يرفضه المكان ويبحث في الأفق عن مكان. هذا السباق نستطيع أن نطلق عليه الحرية. الحرية بالفعل في مبدئها الميتافيزيقي لأنها هي برزخ بين الحياة والمطلق.

تركي الدخيل: طيب. هل تعتقد أنه عشر سنوات كانت كافية لمخزون يمكن أن يمدك بكل هذا الخيال عن الصحراء؟

إبراهيم الكوني: ليست هي القصة. هناك قوانين للإبداع، أول هذه القوانين هو أن المبدع لا يكتب عن المكان المجرد أو المكان المرئي. هو يكتب عن ظل مكان، دائماً، هو يكتب عن المكان المتخيل. هو يحمل شعلة المكان في بعده المفقود، أي المكان x الذي يسكنه، الذي يسكنه، ولهذا السبب لا يعني شيئاً عدم حضوري في ذلك المكان، بالعكس ربما الأفضل أن أغترب عن المكان لكي أراه من بعيد. ثم أنني عندما هجرت الصحراء لم أهجرها تماماً لأنها لا تسكنني فقط سكون الطفولة، ولكنها تسكنني كفكرة، تسكنني كرسالة، هذا يعني أنني أقرأ عن الصحراء دائماً، وأتمثل الصحراء دائماً، ويعني قضيتي هي..