عرض مشاركة واحدة
قديم 02-26-2017, 01:12 AM
المشاركة 66
حنان عرفه
الحـلــــــم

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الحب العذري

الحب من أول نظرة لطالما سخر منه ولكنه هذه المرة وقع فيه. وقع في غرامها من أول نظرة عندما لامست كتفه برفق رغما عنها في الزحام، واعتذرت له بعينين عسليتين ساحرة فاحتضنت ذاكرته طيفها...يراها كل ليلة في ثوبها الحريري وإيشارب رقيق حول عنقها كجناحي فراشة ، ولكن ها هو القدر يقف لهما بالمرصاد ويرفض بقسوة لا تخلو من سخرية وامتهان للحب.
كيف له وهو من بلاد بعيدة ان يتزوج منها؟! لا القانون هناك يسمح؟ او هنا، ولابد من مواجهة القدر...

لم يعرف بعد ذلك راحة او متعة، فكان يعمل ليل نهار لا يثنيه تعب ولا يدركه ملل ولا ينام إلا مع الفجر عندما يغلبه النوم وينتزعه من بين كتبه وأوراقه وكأنه يتحدى القدر الذي طعنه في قلبه بأن يصبح كاتبا عظيما ذائع الصيت والثروة .

وفي كل مساء كان يلتقي حبيبته. وفي احدى الأمسيات الرومانسية ويدها ترتعش بين يديه وقلبها يخفق الى جانب قلبه وعدته أن تنتظره إلى الأبد... فلا تحب غيره ولن تحب غيره وستخلص له دوما ... وليس أسهل من الإخلاص الدائم متى كانت عاطفة المحب تمنعه عن التفكير إلا بحبيبه وقلبه يزداد خفقانا يوما بعد يوم حتى يخيل إليه أن دقاته سوف تتوقف إذا ما إختفى الحبيب ..

وقطف زهرة من الشجرة التي يجلسان بالقرب منها وأخذ يقسم لها بكل بتلة ينتزعها بأن يظل حبها مشتعلا في قلبه حتى الموت .

وتحقق الحلم ودقت الدفوف معلنة زواج العاشقين اللذين طال انتظارهما لهذا اليوم السعيد .. وانتقلا من صخب المدينة لمنزل جميل تحيط به الاشجار وتنبسط أمامه حديقة واسعة بها الورود والرياحين واشجار الفاكهة كما كانت تحلم دائما وامام البيت جدول صغير يجري فيه ماءا سلسبيلا .

وفي الصباح استيقظ الزوج واجتاز العشب الاخضر والازهار ليقطف لحبيبته، عروسه وردة تزين بها شعرها الكستنائي الجميل . ولكن وآآآآآه من لكن... تعثرت قدمه بحجر واختل توازنة وسقط على ظهره واطلق آآآآة عالية وفقد الوعي... واستيقظ ليرى زوجته بجواره ولكنه هنا على السرير لايتحرك !!!

يا لسخرية القدر ؟؟!!
وبدأت المعاناة والعذاب والألم ، كانت تقضي الساعات راكعة أمامه يدها في يده وعينيها في عينيه يحدثها عن أحلامه وعواطفه ويبهره إيمانها بشفاؤه .

كانت تجلس في مقعدها المفضل وحيدة يملؤها الشغف بالماضي وحنين الذكريات ورغبة جارفة مجنونة تبحث عن شئ ما يضفي حسا عاطفيا على المكان . كانت مولعة بالقراءة أخذت كتابا يحكي قصصا رائعة ومنها قصة شاب اقتحم الحب قلبه عندما دخل قصرا لأحد الأثرياء ليعطي دروسا خاصة في الموسيقى لأبنته ونبتت بذرة الحب بينهما وكبرت مع الايام وذات يوم دخل والدها غرفة الدرس وجد ابنته راكعة أمام الفتى الذي أخذ يقبل يدها بشغف وحنان . فقرر الأب أن يضع نهاية لهذا الحب بأن يزوجها فورا .

ليلتها ودعت الفتاة فتاها بعيين دامعتين ...حتى اختفى في الظلام . وانقضت سبعة عشر عاما على فراقهما ليلتقي بها ذات مساء واقتربت منه لتعرفه بنفسها وبأنها لم تستطع أن تمنح قلبها لزوجها لأنه سيبقى له وحده برغم الأيام والأقدار التي فرقت بينهما .

تأثرت الزوجة الحزينة بهذه القصة وحمدت الله على انه هداها لقراءتها وادركت حكمة الحب الحقيقي فلم تعد تنتابها الشجون . وحررت نفسها من كل شعور بالافتقاد والغربة والحرمان يشجعها الاحساس بالاختلاف وجماليات الذات المرهفة أو لمسة يد مثلما سوف تحرر زوجها من أفكاره ومعتقداته التي تسجن الروح .

وعندما يتملكه الغضب ويناديه حنين الليالي الماضية سوف تقوم بترويضه عاطفيا وروحيا فيكتفي بمشاركتها الاعجاب ببعض الموسيقى التي تصور حمامتين متعانقتين على شرفة قديمة ، وسيجتازان معا واديا ظليلا تسكنه حوريات متصوفات في مملكة الحب العذري.