عرض مشاركة واحدة
قديم 06-05-2014, 10:30 PM
المشاركة 2
مها الألمعي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
حياةٌ مسروقة (2)

~

الشمس هنا شديدة أشد من ضرب إسماعيل صباحا مما لا يجعل النزول من السيارة المهترئة راحة
تصفعنا العيون بنظرات شفقة واستغراب والأغلبية يمرون علينا وكأننا أجزاء جامدة اعتادوا أنها تشوه المكان
أكاد أجزم أنهم لا يظنون أننا أيضا كانت لنا أحلام من بينها نزور مكة عابدين نغتسل فيها من دنس الدنيا
لا مشوهين لشوارعها
وحلم أن أكمل التعلم لأفك طلسمة الكيمياء وأكون عالما يُشرف الأرض لا عالة تتكرم الأرض بدفنه في يوم
ليسلم
وجهها جميلا منه
الغالبية هنا لا يعتقدون أن لنا عقولا وقلوبا حيث أن هذين أهم ما في الإنسان
عقل يرفعه وقلب هو مؤشر حياته به يبكي ،يفرح،يتمنى،يحب،ويكره
وضعونا في منزلة أقل من أن يعاملونا بامتيازات الإنسان
بينما نرى كل يوم أفراد يخرجون باكين متأثرين بروحانية المكان
ساعات طويلة يُرمى أمام وجهي كثير من الريالات والخمسات والعشرات
قليل ما أرى عملات أكثر من العشرة
تغرب الشمس تأخذ حرارتها وطاقتنا ويعود إسماعيل يجمعنا كقطع خشب يرصها في السيارة
ويعيدنا للمكان الذي لم يتجرأ أحد منا على تسميته منزل تشريفا لهذا المصطلح
يجلس إسماعيل على صخرة يجمع منا ما رُمي إلينا ويعطينا الخبز
نأكل الخبز بلا حديث صامتين ربما نفكر كيف الخلاص وربما اُستعبدت عقولنا فحُرمت عليها الفكرة
حقيقةً لا أعلم محتوى الصمت لكننا ننام بعده ونستيقظ جميعنا ليحملنا إسماعيل لذات المكان
إذاً لا أحد يفكر في الخلاص وأذكر أن أحدهم قال لي مرة : إسماعيل يعطيني خبزاً لأبقى حيا .
ولا أعرف ما هي هذه الحياة التي نخاف عليها لكنها طبيعة الحي يدافع عن نفَسِه حتى لو بخبز من إسماعيل.


*مها

تمت في 1435\6\7