عرض مشاركة واحدة
قديم 09-05-2010, 01:31 PM
المشاركة 46
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المشهد التاسع عشر

(على المغتسل)



قال تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم ) الأنعام 94
= ها أنت على المغتسل – عاريا كما ولدتك أمك وقد جهز الماء الطاهر لغسلك-
فيضغط المغسل بيديه على بطنك– ويخرج من بطنك ما اختزن في أمعائك من ريح وغير ذلك
– يا الهي – عفوك ورحمتك
- البارحة فقط كنت تغتسل وحدك وتتوضأ وحدك- وتقلم أظافرك وحدك -
واليوم جاء من يوضؤك ويغسلك ويقلم أظافرك ويطهرك – ما أضعفك – ما أقل حيلتك – أين هديرك وصياحك – أين وأين وأين
= ذكر في بعض الأخبار أن الميت ينادى اذا وضع على المغتسل : أين لسانك الفصيح ما أسكتك ؟ أين صوتك الشجي ما أخرسك ؟ أين ريحك العطر ما أنتنك ؟
أين حركاتك ما أسكنك ؟ أين أموالك الكثيرة ما أفقرك ؟ الويل لك إن كنت عاصياً والبشرى لك إن كنت طائعاً –

*أخال بكاء القوم حولي يقولون ألا أزف الرحيل
وما يغني البكاء إذا انقضى عمري وان كثر العويل
فخذ للموت أهبته فإما نجاة بعد أو هول طويل
= روي أن عبد الملك بن مروان قيل له في مرضه الذي مات به – كيف تجدك يا أمير المؤمنين ؟
قال أجدني كما قال الله تعالى
( ولقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم به وراء ظهوركم )
= الان وقد خرجت روحك وسجاك أهلك على خشبة أمام أعينهم يابسا مصفر الوجه عيناك مطبقتان –
لالقاء نظرة الوداع قبل وضعك في النعش ومغادرتك البيت الى الأبد - فيودعك المودعون ويبكي عليك الباكون
فلا البكاء ينفع ولا العويل لك يرجع
تركت ما خلفت وراء ظهرك – ولا من شيء أمامك ومعك ينتظرك حتى يخرج معك الى قبرك إلا عملك

= عن أنس بن مالك قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من بيت إلا وملك الموت يقف على بابه كل يوم خمس مرات
فاذا وجد الانسان قد نفد أكله وانقطع أجله ألقى عليه غمرات الموت فغشيتعه كرباته وغمراته
فمن أهل بيته الناشرة شعرها والضاربه وجهها والباكية لشجوها والصارخة بويلها
فيقول ملك الموت عليه السلام : ويلكم مم الفزع وفيم الجزع ما أذهبت لواحد منكم رزقا ولا قربت له أجلا
ولا أتيته حتى أمرت ولا قبضت روحه حتى استؤمرت وان لي فيكم عودة ثم عودة حتى لا أبقي منك أحدا-
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(والذي نفسي بيده لو يرون مكانه ويسمعون كلامه لذهلوا عن ميتهم ولبكوا على نفوسهم
حتى اذا حمل الميت على نعشه زفرت روحه فوق النعش
وهو ينادي يا أهلي ويا ولدي لا تلعبن بكم الدنيا
كما لعبت بي
جمعت المال من حله ومن غير حله ثم خلفته لغيري
فالمهناة له والتبعة علي فاحذروا مثل ما حل بي) -

أرى الأزواج تنكح ان هلكت ويقسم وارثي ما قد تركت
ولا يبقى الوداد بقلب خل اذا انقطع الرجا مني ومت
وينساني الصديق فما يبالي أمر به ويعرض ان ذكرت
ويشمت بي رجال من سفاه وما قد كنت قط بهم شمت
ولست بحاصل إلا على ما من الأعمال في الدنيا عملت
فياذا العرش عفوا عن ذنوبي وعن زللي وما كنت اجترمت
وشفع في نبيك حين أدعى غداة العرض ان تفعل نجوت

= والآن وأنت على فراشك تودع أهل الدنيا ويودعونك
يلطمون الخدود ويشقون الجيوب حزناً عليك وكل هذا حرام ومن أعمال الجاهلية.
فعن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية .
= وقال : النائحة اذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب

= فالنياحة واللطم وشق الملابس عن الجسم
وشد الشعر حتى رفع الصوت بالبكاء على الميت حرام
ويلحق الميت من ذلك عذاب .
فقد ورد عن رسول الله أنه قال :
لعن النائحة والمستمعة – أما دمع العين وحزن القلب على الميت فمعفو عنه

= انتهى كل شيء – البكاء والصراخ والندب واللطم –
الآن ينادي الرجال بصوت مرتفع هيا -
فلقد اقترب موعد الصلاة على الميت – فيلفك أهلك بأغلى بطانية لديهم فهذا ما يستطيعون أن يقدموا لك
وأنت تروح عنهم- فلم ينفعك بكاؤهم ان بكوك-
ولم ينفعك حزنهم – تذكر يوم ولدت كان مسرورين لبكائك واليوم هاهم حزانى لفراقك
– وحتى ولو –
فلا شيء من هذا ينفعك ويخفف عنك ما سيأتيك من عذاب في قبرك
غير الذي حملت معك من صالح العمل
ولدتك أمك باكيا مستصرخا **والناس حولك يضحكون سرورا
فاحرص لنفسك أن تكون اذا بكوا**في يوم موتك ضاحكا مسرورا
والآن
رحلت الروح الى باريها - ولم يبق إلا الجسد
ها قد جاء موعد رحيل جسدك أيضا
ولكن قبل أن توضع في النعش يأتيك المغسل فيخلع عنك ملآبسك الأنيقة وتوضع فوق المغتسل
وذلك ليطهرك من كل ما حملت معك من الدنيا من أردان وأوساخ – فيضغط على بطنك ليخرج من أمعائك فضلات آخر طعام لذيذ أكلته في حياتك الدنيا
ثم يقوم بتقليبك على المغتسل ويوضؤك ويقلم أظافرك – ويغسل أعضاءك عضواً عضواً
ثم يجفف جسدك ويحشو القطن في أذنيك - ويقوم بلفك في القماش الأبيض وهو لباس خاص بأهل المقابر
فلم تعد من أهل الدنيا لترتدي غير الكفن – هنا تذكروا أيها الغني البخيل – الكفن ليس له جيوب - ثم توضع الأربطة وتحكم عليك – ها أنت جاهز الآن للرحيل الى مثواك الأخير ( القبر )
هذا سكنك الجديد – تحت التراب – فتؤخذ من غرفة نومك المكسوة بأفخر أنواع الموكيت والسجاد –
وتلقى على التراب عاريا لا يحجبك عنها سوى الكفن – ومن غرفتك الفاخرة المزينة بالعطور
ها أنت تخرج من البيت بالحناء – انتهى الأمر – حان وقت الذهاب – قم اذا استطعت

ولا أظنك تستطيع فأنت جثة هامدة لا تقوى على الحراك ولا على الحديث - نت أفها أنت تحمل بين الأيادي وتوضع في نعشك - تلك واسطة النقل الوحيدة –
البارحة فقط كنت تركب آخر موديل من السيارات الفارهة والمكيفة والمكسوة بالفرش الغالية –
والآن توضع في نعش خشبي– تسير تحت حر الشمس –
أو في البرد القارص -
لن تسير في النعش وحدك بل محمولا على الأكتاف وتسير جنازتك مخترقة الشوارع والأزقة
والمشيعون يكبرون ويهللون -
ريثما يصلون الى المسجد ليصلى عليك
ها أنت تمر بفلان كنت قد ظلمته وهضمت حقه – فالله وحده أعلم ماذا يقول في نفسه – هل يسامحك ؟؟
ويطلب لك الرحمة ؟ أم ألله أعلم
وقد تمر بفلان عطفت عليه ذات يوم وفرجت عنه كربة من كرب الدنيا - فيطلب لك الرحمة ويدعو لك –
أنظر لنفسك ما صنعت ؟
ها أنت تلقى الرد على أفعالك اما بالدعاء لك أو بالدعاء عليك فانظر أيهما تختار لنفسك ؟؟
ها أنت قد وصلت الى المسجد- وتوضع أمام المصلين
فيكبر الامام ويصلى عليك – ولا ينساك الامام من الدعاء لك بالرحمة -
والمصلون يقولون آمين يا رب العالمين -
= فاللهم ارحمنا وارحم موتانا وموتى المسلمين واغفر لهم خطاياهم واغسلهم بالثلج والبرد ونقهم من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس
آمين يا رب العالمين


ألقاكم في المشهد التالي في الغد القريب بإذن الله تعالى
هذا إن عشنا ليوم الغد



..... يتبع
مع تحياتي ... ناريمان الشريف