عرض مشاركة واحدة
قديم 12-08-2011, 09:03 AM
المشاركة 111
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حوار مع الروائي العربي الكبير ... احمد إبراهيم الفقيه



حاوره : كـريـم الـهـزاع
لا شك في أن الكثير يعرفون الروائي الرائع الدكتور احمد إبراهيم الفقيه من ليبيا . أديب مثل هذا قدم الكثير للأدب العربي و اشهرها الثلاثية التي اثارت الكثير من التساؤلات في الوسط الثقافي حيث الصراع النفسي الذي يعيشه المغترب و استلابه من الحياة عبر اختلافات الشرق و الغرب ومحاولة البحث عن حالة التوازن.
و قد اسهم أيضا في النقد حيث كتب كتاباً نقديا باسم هاجس الكتابة تحدث به بشكل مثري عن تكوين الكاتب و كيف يمارس الكاتب فعل القراءة و الكتابة و الابداع
• بماذا تشعر أثناء الكتابة و أثناء ولادة العمل ؟
- الحقيقة هذه قضية تختلف من مرحلة إلى مرحلة و من عمر إلى عمر، كلنا ابتدأنا هواة ، كنا نكتب تحت إلحاح الشعور بأنه عندك شيء تريد أن تقوله أو قصة تريد أن تكتبها، و أعتقد أن هذه اللحظة تنمو مع العمر والتجربة وتصبح الكتابة بالنسبة لك نوع من المهنة تمارسها يومياً، و أيضا تتعامل مع أشكال أخرى من الكتابة غير الأشكال المعتادة سواء كانت قصة أو رواية أو شعر.. ، يبقى تنظيم الوقت والاستعداد الدائم للكتابة جزء من عملية الحرفية في الكتابة فتأتي لتمارس الكتابة كل يوم مثل ما يفعل نجيب محفوظ و غيره من الكتاب ، فالكتابة عمل يومي بالنسبة لي و ليست مجرد استجابة للحظات الإلحاح التي تأتي بعواطف مجهولة و بالنسبة لي الآن جزء من نهاري و ليلي ، و ليس شرط بالنسبة لي أن اكتب في الوقت المخصص للكتابة حيث إنني قد أقرا أو اكتب أعمدة صحفية و ما إلى ذلك ، و اعتقد عندما أمارس الكتابة لفترة طويلة من الزمن تكون عندي عادات تكبر معي و تصبح جزء من برنامجك اليومي فتعد نفسك لهذه المهنة و ليس بانتظار الوحي و الإلهام لكي يأتي ، و هناك فترة من الوقت تتغير فيها كتابتك لأنك كرست حياتك و انتظمت لهذا الطريق، و صرت ملك للكتابة و تحت سيطرة هاجس الكتابة .

• هل نحن كحركة ثقافية عربية على وعي بما يدور في العالم من حولنا ؟
- اعتقد أن دورة الوعي تزداد كل يوم و في العالم من حولنا، ليس طواعية و ليس اجتهاداً وليس استجابة لإلحاح، أما نحن مرغمين، الآن العالم يطاردك بإحداثه نتيجة للثورة الكبرى في التقنية الإعلامية ، تقنية الاتصالات التي جعلت أحداث العالم تصل إليك وقت حدوثها تنقلها إليك بالفضائيات العربية و الصحيفة المطبوعة عشرات الأماكن في نفس الوقت و بالكمبيوتر والإنترنت ، فالآن كله متاح أمامك، و اعتقد أن شبكات مثل الإنترنت أنهت بالضرورة احتكار المعلومة ، الآن هذه الشبكة وسيلة يملكها كل الناس فبمثل ما تلقى كلام عن دولة من الدول حتى لو كان نظامها فردي دكتاتوري ما يمنع صدور المعلومة تلقى أيضا ناس معارضين لها ،
• في زمن السرعة هل ستفقد الرواية بريقها ؟
- إطلاقا ، بل هي تزداد قوة، لأن الرواية بعكس كل الإبداعات فهي ارتبطت بالتطور، كلما تطورت المجتمعات على مدى الزمن ارتبط هذا التطور بالرواية والنشر فتبقى الشعورية فطرية لا تحتاج لتعقيد ولا لتراكيب، فالإنسان بالمراهقة كتب الشعر وأؤكد لك أن شعراء كثيرين بدأ قوياً ثم فقد قوته، فالرواية تحتوي على تركيبة ذهنية وليس فقط شعورية، فجاءت الرواية تاجا لكل العصور وستبقى فهي لم تنتهي إلى الآن ولن تنتهي، فكما يحتاج الإنسان للراحة يحتاج للرواية. فالرواية تخاطب الوجدان و الوعي و هي تغني الأدب و لا غنى عنها .

• هل تأثر الرواية على حياتك الخاصة ؟
- جداً، جداً، فهي أرقى هبة تسعدني في الحياة و هي نعمة من الواهب. و هي اجمل رفاهية لي و لأولادي، فالكتابة تحتل جزء كبير من الحياة و العقل. أنها صدى المجتمع بصوت الكاتب .

• من أين تستمد روح الكتابة ؟
- سؤال مهم ، أولا : الكتابة تأتي مبكرة دون وعي و تجد نفسك في طريق الكتابة واستجابة لنداء الوعي و الفطرة فجأة، و لكن هذا لا ينفع وحده، فهناك موارد كثيرة أخرى:
- فإحساس هذا الإنسان الكاتب بمآسي الشارع هو من أحد الدوافع. انه الحس بالمسؤولية و هو دافع العمل وهناك دوافع نفسيه أخرى . المتعة بالإحساس براحة، فالكاتب كلاعب السيرك لا يقفز في النار هكذا فقط بل للمتعة أيضا،واللعب بالحياة و كلماتها كذلك،وهناك عامل ضعيف موجود في الدول العربية و هو أن الكتابة مصدر للرزق، فالكتابة باعتقادي ليس لها مكاسب صراحة في الوطن العربي، وحتى لو كان كما يحدث في الغرب لا يجب ربط الكتابة بالمال أبدا، فمثلاً ماذا تقاضى شكسبير من أعماله الرائعة، و ظلم أن تحسب هذه الروائع بأموال البنوك وهناك مثال آخر مثل رسومات بانغو فهو منها لم يحصل إلا على أجرة لطبيب فقط .

• ما هو الأفضل لخلاص الإنسان : الديانة ، الوطنية ، القومية ، الفكرة ؟
- اعتقد أن الفكر الإنساني لكي يكون فوق الخيارات الأخرى ولكن ليحتوي و يتجاوز هذه الخيارات، فلا يكون متعصب بل يكون موف لمكان أو بلاد فنحن نرى الإنسان عندما يأخذ شيئاً من النعم مثل الزرع فيعبده إلى أن اهتد إلى الله ، إذا أن هذه الفكرة تحتوي الخيارات الأخرى ، فجوهر الدين واحد و التوحد الإنساني وبوسائل الاتصال أيضا للتواصل سيصنع المودة والتحاب وبهذه الطريقة تنتهي الحواجز الدينية والوطنية و....

• بعد هذا المشوار الطويل و الشهرة هل ما زلت تمشي في حقول الألغام و تحاول ضربالتابو؟
- حقول الألغام لا تنتهي في الكتابة باعتقادي فالذي يحدث أن الخبرة في الطريق تُظهر سهولة الرحلة، فنرى الكثير من الكتاب تضرروا مثل الجزائريين والإيرانيين بسبب الإشكاليات والحروب، ربما ثقة الإنسان بنفسه و لمساحة التي تتسع للرأي، و مع أننا مقيدين بقيود نحن العرب، يجب علينا أن ندخل العالم، لا أن نتأخر بسبب النزاعات العربية مما أخر العرب عقود وعقود، إذا يجب استنفار هذه القاعدة، و الإنسان لن يكون إنسان إلا بعقله، فأنا لا أخاف من اقتحام التابو، ومشي في حقول الألغام، و المساحة المتاحة للرأي تجبرنا على المشي في هذا الطريق .

• ما هو الشيء الذي يحسس الإنسان بذاته الحقيقية؟
- أنا اعتقد أن اثمن شيء هو الحرية ، بكل مستوياتها و ملامحها ، التي تتيح المعرفة و الاختيار، فحب الامتلاك و مصادرة الآخر تمسح شخصية الإنسان .

• أهم قرار اتخذته في حياتك؟
- لا ادري بالضبط . ربما الإنسان كل يوم له قرار فلا اعلم بالضبط . فكل يوم تتغير الأحداث والمصادفات . فقراري بالسير في طريق الكتابة قرارا مهم. فأنا قد كتبت في إحدى مقالاتي ، وكأنني ذهبت لمحطة القطار لأجد قطار جميل و مريح و سريع لكنه لا يوصلني للمكان الذي أريده أما القطار الآخر الرديء والبطيء يوصلني إلى ما أريده لذا استوجب علي ركوبه و أنا قصدت به طريق الكتابة بالنسبة لي .

• المقاومة بالحيلة باعتقادك ما الذي دعا هذا الإنسان للجوء لهذا الشعار؟
- أنها ضرورة بالحياة و هي تستخدم من بداية خلق الإنسان ، فمثلاً الإنسان كان في الغابة فاستخدم هذا السلاح لقتل العدو الآخر، و هو برأيي سلاح مشروع للإنسان ، لمواجهة التخلف و ما إلى ذلك ، و لتنوير الآخرين حتى .

• حدثنا عن المجلات الثقافية التي ساهمت في صدورها ؟
- الثقافة العربية صدرت في بيروت و لكن للأسف بمستوى ضعيف ، أما الأسبوع الثقافي فقد استمرت لأربع سنوات و أكملت لمدة عامان ثم توقفت ليس لقرار سياسي بل لأن البيئة الثقافية المحدودة لهذه الجريدة الأسبوعية خنقتها، و مسألة المساهمة و البحث عنها و مشاكل مع الدولة ، كل هذا صعبت المسألة جداً و للأسف صراحة توقفت و ليس عيباً أنها توقفت فهي عبرت عن مرحلة و اعتقد أنها أدت وظيفة أو شغل .

• تكلمنا عن الحيلة ، ما هي الحيلة التي نرتكبها لقراءة الكتاب الليبي في الوطن العربي والكتاب العربي في ليبيا ؟
- شكراً لك لهذا السؤال ، و أنا اعتقد أنها مسؤولية كل مثقف للمثابرة لخرق هذه المصاعب ، ويجب صراحة إيجاد وسيلة تواصل فهناك وسائل اتصال كثيرة لكن لا اعلم لماذا لا تستغل كثيراً ، يعني من مصلحة كل مثقف إيصال هذا الكتاب وهذا و هذا ، فمثلاً يطبع 1000 نسخة للكتاب العربي أما في الغرب فأن الكتاب تصل عدد نسخه إلى ملايين النسخ ، لذلك يجب أن نتضامن نحن المثقفين للتواصل مع بعضنا البعض .

• ما هو المعتقد الذي تمارس من خلاله الإيحاء لنفسك ؟
- هو جمال الأيام القادمة واتيان الأفضل في اعتقادي .

• يقول البعض كن واقعياً و لا تضيع الوقت في متاهة تمني الديمقراطية فماذا تقول أنت ؟
- أقول كن واقعيا واطلب المستحيل ، و أطلق لعنانك الخيال لك ولشعبك وامسك النجوم .

• ما هي القضايا التي ترى أنها تشغل الكتابة في الوقت الحالي؟
- القضايا المطروحة الآن منها مستمرة منذ زمن مثل الأصالة و المعاصرة، و الشرق والغرب، والقديم و الجديد، فهي رسالات مستمرة، فالحرية مثلاً يدفع لإيجاد المزيد منها، والشعبية والديمقراطية والبعد العالمي لما نقول ونفعل وهو الموجود كثيراً الآن، يجب مثلاً أن لا ننكر شيء مثل العولمة فنحن مرغمين بها، وأن لا نكون كالإنسان الذي يكره الشتاء فماذا ستفعل بكرهك؟ يجب أن يكون هناك أسلوب لحماية نفسك و معاملة بوجود وليس بالكره أو الحب .

• بعد هذا المشوار الناجح ما الذي يشغل احمد الفقيه ؟
- مواصلة الإنسان لعمله ومجاله الذي اختاره بأمانة وصدق .

• ما الخط الفاصل بين الطموح والوهم؟
- يجب بصراحة أن يكون هناك وعي ، مثلاً هناك كاتب عندما يكتب مقالة يعتقد أنها يجب أن تحدث تغيير في العقل العربي ، هذا هو الوهم المضر.

• لماذا توسعت دائرة ثقافة الأبراج و الشعوذة في العالم العربي كلما ازدادت التكنولوجيا توسعاً هل هو الانكسار أم الهروب من الواقع أو الخروج عن العصر و من هو المسئول ؟
- أنا مثلا عندما كنت في بريطانيا وجدت قاعات وجمعيات كبيرة للشعوذة أكثر من الوطن العربي ولكنها لها حرية محدودة وهي بصراحة ممكن أن تكون ملجأ أو شيء لمصارعة المحن، وطبعاً الترويج لهذه الثقافة التي سيطرت على أجهزة الإعلام له اثر كبير، فأغلب العرب يذهبون للمشعوذين أما عند الغرب فهم يذهبون للطبيب، أن الشعوذة ليست سيئة جداً ولكن الخطأ أن تكون عادة ملازمة .

• ما هو تقييمك للواقع الثقافي العربي اليوم ؟
- أنا اليوم متفائل جداً بهذا الواقع و أراه واقع صار يعالج القضايا السياسية والاجتماعية وغيرها ، المثقف مسؤول بالاندماج مع الواقع العربي ، اندماج كبير بكل مستوياته ومن مسئوليته معالجة هذا الواقع و مشاكله العويصة جداً .

• كيف يحب الإنسان و يبدع تحت وطأة هذا الاجتياح أو هذا الاستهلاك و في ظل تلك الضغوط؟
- نحن ذكرنا في البداية مسئولية المثقف و هو المسئول باعتقادي لقتل هذه الأشياء ، وهم يستطيعون قتل هذه الأشياء بحلول تبعد هذه الاستهلاكات .

• كيف يمكن تطوير حرية الإنسان وكيف نستطيع أن نشعره بهذه الحرية؟
- هذه القضية مقدسة ، ونحن نعاني منها ومن اكبر مثقفيها : طه حسين ، الشيخ محمد عبده من الجانب الديني وآخرون ، فيجب علينا أن ندافع عن الحرية وبكل تواجهاتها .

• أين يكمن الأمل ، وأين يوجد وكيف نقبض عليه؟
- في الدعوة للديمقراطية والحوار وترك الإنسان للأنانية ، وبالتعاون، فحين نقول حرية يعني تقديس الإنسان ، ديمقراطية يعني تقديس المسئولية ، تعايش أي تحمل الآخر والدعوة للحرية بكل جوانبها والأيمان بالآخر كونه جزء من الفكر العربي المعنى أن الحرية والديمقراطية يجب أن تحترم عند الجميع .

• كيف يتعامل المثقف مع المقدس والمدنس، والمسكوت عنه ، والمكبوت؟
- طبعاً حين ننادي بالحرية يجب أن نعالج واقعنا المريض تقريبا بما يلائمها أما المدنس يختلف من شخص لآخر، يجب أن نضعه في تعريف ، لماذا نخاف من المدنس إذا كان مذكور بالقرآن هل هو مقدس أما لا ويجب أن نعالجه بالفكر الفني والأدبي .

• كيف نتعامل مع الخطاب العرفاني أو الرموز و إذا قلنا أن الكلمات طيور فكيف يتم القبض على هذه الطيور؟
- أن الطيور هي تشبيه المبدع بالطائر الحر، فالطائر يعبر عن الحرية و التواصل مهما كانت الصعاب .

• هل تؤيد مقولة حوار الحضارات ؟
- حين ندعو للحرية ندعو للحوار، أن هذا الحوار بنية للحضارة و الحضارة بنية للحوار، انهما مرتبطان .

• هل على الكاتب أن ينسى ما كتبه لكي يواصل الكتابة؟
- التحدي الذي يواجه الكاتب ليس فقط أن عليه أن ينسى ما كتبه حتى لو كان يواصل الكتابة بشكل يومي منذ خمسين عاما، و لكن عليه أن ينسى أيضاً كل ما كتبه و كتبه الآخرون ، أن ينسى ملايين الصفحات المطبوعة التي تصدر كل يوم، ما وصل منها إليه ، و ما لم يصل . ويمضي في رحلته مع الصفحة البيضاء باعتقاد واحد هو أن يقول شيئاً جديدا ويقدم إضافة لكل ما سبقه من أفكار وكتابات، قد لا يكون هذا الاعتقاد صحيحا، و قد يكون فيما يكتبه صدى أو ترديدا أو تكرارا لآراء و أفكار و ابداعات أدبية سبقته، ولكنه لابد أن يمضي مع الكتابة و هو صادق في اعتقاده بأن ما يقوله ليس نسخاً و تكرارا لما سبق قوله، مؤمن بقدرته على الابداع و الابتكار و الاضافة. وإلا فقد أي مبرر لأن يمسك القلم أو يسطر كلمة واحدة. بل ولفقدت كل هذه الاصدارات الجديدة من كتب و مطبوعات مبرر صدورها، لأن جميعها تأتي بحجة أنها تضيف وعياً إلى وعينا تقدم و تقدم لنا شيئا جديداً يختلف عن كل ما سبق تسطيره من آراء و أفكارو معالجات . واذا كانت هناك موضوعات قديمة قدم الكون نتعامل معها ونعيد صياغتها وانتاجها، فإن هناك شيئا في الاسلوب والرؤية و طريقة التناول والمعالجة يجعل هذه الموضوعات القديمة مواضيع جديدة نقرأها فنحس بأننا ندخل تجربة جديدة وعالما جديدا برغم تشابه الموضوعات . و اذا أخذنا مثالا على هذه الموضوعات علاقة حب تنشأ بين رجل وامرأة ، فكم سترانا سنجد من القصص و الروايات و الحكايات و الاساطير و القصائد و الاغاني والمقالات التي تناولت هذه العلاقة ؟ كميات هائلة بدأت منذ أن بدأت الكتابة و الرواية الشفهية ، ولكن هل ينتهي الحديث عن هذه العلاقة لان تراث البشرية يمتلئ بقصص الحب و أشعاره ، سوف لن ينتهي بطبيعة الحال، وسوف لن تتوقف الاغاني التي تتحدث عن الحب أو القصص التي تصور مشاعر العشاق والمحبين، وبرغم اننا نحب اليوم بمثل ما كان يحب الانسان منذ بداية الحياة البشرية فوق الارض ، فإن كل كاتب أو فنان سوف يضيف شيئاً من ذاته و أسلوبه ورؤيته وخبرته ومعاناته وشيئا من قيم العصر الذي ينتمي اليه والبيئة التي يعرفها، الى هذه المعالجة التي يقدمها ، لتصبح شيئا جديدا ومختلفا عن المعالجات الاخرى ، وهكذا مع كل الموضوعات التي تتعامل مع حقائق الحياة الكبرى مثل الموت و الميلاد و الصراع من أجل المعيشة و البقاء، كلها موضوعات بدأت مع بداية رحلة الانسان فوق الأرض، و هموم شغلت البشرية منذ بدء الخليقة، و مع ذلك فإن ما نكتبه حولها من أدب سوف يستمر و يتواصل و يرافق مسيرة الانسان على مدى الدهر. وليس معنى ذلك أن هذا الاختلاف و التمايز بين نص و آخر معالجة و أخرى يأتي تلقائيا و دون جهد أو عناء، فما أكثر النصوص و المعالجات المتكررة المتشابهة التي تنسخ بعضها بعضا، ولكنها لا تكون ابداعا لأنها لا تبدع أو تبتكر جديدا و فقدت بالتالي أهم شروط الابداع . ولذلك فإن التحدي يبقى قائما يواجه الكاتب كلما أمسك بالقلم وأراد الكتابة و مع كل صفحة بيضاء عليه أن ينسى بأنه لا جديد تحت الشمس و يثبت أن هناك دائما لحظة هاربة لم يستطع أحد الامساك بها، سوف يسمى بقوة و مثابرة للقبض عليها و استحضارها، و ان هناك شيئا جديدا مدهشاً سوف يستخدم كل ملكاته و مواهبه للعثور عليه . يبدأ الكتابة و كأن ما سيقوله تدشين لعصر جديد من عصور التدوين.