عرض مشاركة واحدة
قديم 10-31-2010, 11:27 PM
المشاركة 30
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (26)


مهرجان ربيع حماة الخامس






في مهرجانِ الحِمى يا قومُ أنتحِبُ
دمعي دمٌ من جراحِ القلبِ ينسكِبُ

أبكي على القدسِ مِحراباً ومئذنةً
أبكي على المهدِ والناقوسُ يضطربُ

أبكي على العُربِ حكَّاماً وأنظمةً
والدمعُ يصرخُ رغمَ الصمتِ يا عربُ

* * *
يا مهرجاناً أتى يستلُّ بسمتَنا
من الجراحِ شفاهُ الجرحِ تلتهبُ

في كلِّ عامٍ مواويلي تُهدهدُني
واليومَ يصفعُني الموَّالُ والطربُ

لا تلبِسنَّ ثيابَ العيدِ مبتهِجاً
لا تَبسِِمنَّ فوجه الشمسِ مكتئبُ

فجِّرْ أغانيكَ صاروخاً وقُنبلةً
لا ترقصنَّ إذا ما أينعَ الغضبُ

* * *
إنِّي لأرفعُ دعوى ضدَّ من صمتوا
أمامَ محكمةٍ للعُربِ تُنتَخَبُ

وأسألُ الطائعَ العاصي أعاتبُه
لعلَّه رغمَ يأسي ينفعُ العتبُ

تُجيبني الدائراتُ السمْرُ نائحةً
نوحَ الثكالى ويبكي الماءُ والخشبُ

يا شاعرَ العيدِ بوحُ الزهرِ غادرَني
إلى ضريحِ شهيدٍ تربُه رطبُ

والناسُ لاهونَ لم يهزُزْ مشاعرَهم
سيلُ الدماءِ ولا قتْلٌ ولا سَلَبُ

ويسألون على علمٍ ومعرفةٍ
لِمَ البكاءُ ؟ وفيهم يكمُنُ السببُ

أجبتُهم بالقوافي البِكرِ داميةً
أتسألونَ ؟ وعِرضُ الأرضِ يُغتَصَبُ

أبكي لِطفلٍ من الأقصى يناشِدُنا
في كرمِه يصرخُ الزيتونُ والعِنَبُ

أين الذين إذا مُسَّتْ محارمُهمْ
طاروا إليها ولم يَهدأْ بهم عصَبُ

أين المذاويدُ هل ماتتْ كرامتُهم ؟ "
وهل طمى الذلُّ حتَّى غاصتِ الرُّتبُ"؟

ويحكمون على حمَّالِ أسلحةٍ
للثائرينَ ويحمي التاجَ معتصِبُ

* * *
يا نائمونَ أما ملَّتْ مضاجعُكم
من الرقادِ ألمْ ينبُتْ لكم ذَنَبُ ؟

ويا مقيماً على العاصي ودهشتِه
في مسجدٍ لبني أيوبَ ينتسبُ

أفقْ وبادِرْ إلى المحرابِ صلِّ بنا
ورتِّلِ الآيَ واهتُكْ سترَ منْ نَعبوا

لا تيأسنَّ فلمْ تُغمَدْ صوارمُنا
ولن تنامَ على أجفانِنا الهدُبُ

قُمْ جدِّدِ العهدَ للتاريخِ وامضِ بنا
لعلَّها تنجلي عن عهدِكَ الحِقبُ

وافتحْ لنا صفحةً بيضاءَ نكتِبُها
قصيدةً نضَّدتْ آياتِها الشُّهبُ

قد أذَّنَ الفجرُ طفلٌ شابَ مذْ نبتتْ
أسنانُه وجفاه اللهوُ واللعبُ

فانقضَّ يحملُ مقلاعاً يُغيرُ به
وجعبةً ملؤها الأقلامُ والكتُبُ

يستعذبُ الموتَ لم تُرهبْه دارعةٌ
في جَوفِها يحتمي الطاعون والجربُ

في جانحيه هوىً للثأرِ يدفعُه
والخائفون على تيجانِهمْ لُعَبُ

* * *
يا أمَّتي يا بقايا نخوةِ ودَمٍ
لا تستعدِّي ولا تُصغي لمن نُكٍبوا

لا تُشهري مُديةً في وجه مغتصِبٍ
وباركي زحفَه فالليلُ يقتربُ

غنِّي وسيري على أجسادِ من سقطوا
وهلِّلي إن سرى في جسمكِ العطبُ

* * *
يا هابطينَ إلى الجُّلَّى بأغنيةٍ
أهلاً وسهلاً بكم أخلاقكُم عجبُ

" آياتُ " تنضو ثيابَ العُرسِ راودَها
حبُّ الشهادة لا عِقْدٌ ولا ذهبُ

فزَغردتْ في حِياضِ الموتِ وانتثرتْ
أشلاؤها وهوى في الساحِ مغتصِبُ

* * *
يا عارياً من ضميرٍ رُحتَ تخلعُه
أصبحتَ سيِّد من هانوا ومن كذَبوا

إلبسْ رياءكَ لا تظهرْ بعاريةٍ
حيكتْ من الذلِّ في أوكارِ من هربوا

والضربة البِكرُ لا تُغني شفاعتُها
عن صمتِك المُرِّ في آذانِ من ضربوا

* * *
القاذفاتُ حيارى أين فارسُها
هل حوصِرَ الرأسُ فاستشرى بها الذنبُ

والوعدُ بالسلمِ والتسويفُ محرقةٌ
والسَّاجدون على أعتابه حطبُ

* * *
يا مهرجانَ الحِمى عفواً ومعذِرةً
لقد تنازَعَني الإقدامُ والهربُ

وعقَّني الصمتُ حتى كاد يصعقُني
برقُ الرعودِ وقد ضجَّتْ به السُّحبُ

وبرَّني الشعر وانهلَّتْ سحائبُه
سخيَّةً بالقوافي الحُمرِ تنسكِبُ

فما حملتُ يَراعي في هوىً وهدىً
إلا وكان كما العملاقُ ينتصبُ

أذودُ عن قُبةِ الأقصى وصخرتِه
عن الكنيسةِ والصُّلبانُ تنتحبُ

كمْ من نبيٍّ على مِحرابِه قتلوا
كم من مسيحٍ على صُلبانِها صلبوا

* * *
يا عاقدين على التطبيعِ صفقتَكم
هذي تجارةُ من للموتِ يرتقِبُ

فبادِروا لدهاليزِ السلامِ على
أنقاضِ صرحيَ إرضاءً لمن رغبوا

العادياتُ تخلَّتْ عن شكائِمِها
هل بينَكم لصلاحِ الدِّينِ منتسِبُ ؟

أم ماتتِ النخوةُ العرباءُ يومَ أتى
" شارونُ " يمنحُنا شاةً ويحتلِبُ

ونحن لاهونَ عن شاةٍ ومحتلَبٍ
فلم يعُدْ عندنا شاةٌ ولا حَلَبُ

* * *
يا مهرجاناً على العاصي تَرِفُّ به
أرواحُ من أذهلوا الدُّنيا بما وهبوا

هُمُ الغيارى وبابُ النهرِ يعرفُهم
وساحةُ النصرِ يومَ الروعِ إذ وثبوا

حتى بدا الفجرُ في نيسانَ غرَّتُه
عيدُ الجلاءِ وعمَّ الفَخرُ والطَّربُ*

فهل تحرِكُ ذكرى العيدِ ساكنةً
من الجوارحِ أم ساختْ بنا الرُّكبُ

وهل أُغنِّي على العاصي وفي كبِدي
نارٌ وفي رئتي يستوطِنُ اللَّهبُ

لكنَّني رغمَ من خانوا ومن غدروا
أرى البشائرَ بالتحريرِ تقتربُ

فطاوعيني قوافي الشعرِ إنَّ دمي
مُزمجِرٌ في شراييني وملتهِبُ

لا تسفحيني على الأوراقِ أخضبُها
لا تتركيني بحقلِ الموتِ أحتطِبُ

لا تُغرقيني ببحرِ الصمتِ في زمنٍ
أمواجُه الحُمْرُ فوق السلمِ تصطخِبُ

لا تحمليني على أنغامِ أغنيةٍ
إلى ربيعٍ تُواري حسنَه الحُجُبُ

وجرِّديني بلا خوفٍ ولا وَهَنٍ
فقد هُزِمنا ولم تشفعْ لنا الخُطَبُ

لولا هَصورٌ بأرضِ الشامِ يحرسُها
لقلتُ لا غُمةٌ تُجلى ولا كُرَبُ

هذا ابنُ من لاذتِ الدنيا بحكمتِه
لمَّا تشابكَ فيها الصدقُ والكذِبُ

فلتَمضِ " بشَّارُ " للتحريرِ يا أسداً
أنصارُكَ اللهُ والإيمانُ والعربُ



27/4/2002

* نيسان .. ذكرى جلاء المستعمر الفرنسي عن سوريا