عرض مشاركة واحدة
قديم 10-31-2010, 09:34 PM
المشاركة 29
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (25)



ملعب النسر



ألقيت في أربعين المرحوم الشاعر
الفلسطيني " حسن أبو أحمد "


إضفروا الغارَ أيُّها الأدباءُ
واسكبوا العطرَ أيُّها الشعراءُ

رصِّعوا سُدَّةَ الخلودِ بنجمٍ
آثرَ العتمَ كي يشِّعَ الضياءُ

توِّجوا النَّسرَ بالقريضِ وفاءً
ملعبُ النسرِ شِعرهُ والفضاءُ

واحبسوا الدمعَ فالمُصابُ عظيمٌ
ليس يجدي في النازلاتِ بكاءُ

* * *
يا صديقي وصاحبي وخليلي
يا شذا الزهرِ إنْ تهادى المساءُ

يا نديَّ الحديثِ في أُمسياتٍ
طابَ فيها اللِقا وطابَ الغناءُ

يا رضيَّاً بما تعاني وتشقى
يا وفيَّاً يبكي عليه الوفاءُ

لِمْ تعجَّلتَ يا أخي ولماذا ؟
ألِصمتِ القبورِ هذا الولاءُ ؟

أمْ على الشاشةِ الصَّغيرةِ أدمتْ
قلبكَ الحرَّ فِعلةٌ شنعاءُ

فرضيتَ الحِمامَ يأسو جراحاً
حينَ عزَّ الأساةُ والرُّحماءُ

أنتَ في شُرعةِ النضالِ شهيدٌ
تغبِطُ الأرضُ روحَه والسَّماءُ

* * *
يا سخيَّاً بكلِّ ما هو غالٍ
يا أميناً يزهو بها الأمناءُ

كيف تمضي ولا تقولُ وداعاً
أيُّها الصحبُ لن يكونَ لقاءُ

لا تُجبني على ندائي فإنِّي
قد أُوافي الثرى ويخبو النداءُ

* * *
يا سعيداً بالموتِ إنِّي شقيٌّ
في حياتي يغتالُني الأغبياءُ

كلُّ حرفٍ نضَّدتُه صار طوقاً
في خِناقي يشدُّه الأدعياءُ

سوف آتي إليكَ فاحفظْ مكاني
وانتظرني فما لحيٍّ بقاءُ

وتضَّرعْ للهِ واسألْهُ نصراً
نحن بالصمتِ والعمى فصحاءُ

نعشقُ السلمَ نكره الحربَ نسعى
لسلامٍ يأتي به الغرباءُ

نرفعُ اللافتاتِ من كلِّ لونٍ
ويغنِّي حشودَنا الخطباءُ

كلُّ جدرانِنا تنوءُ بحِمْلٍ
من شِعاراتنا ويزهو الطلاءُ

من صميمِ الشريانِ نسحبُ خيطاً
من دماءٍ كي لا يجفَّ الهواءُ

ونغنِّي للقدسِ لحناً حزيناً
وقَّعتْه المدافعُ الخرساءُ

تتبارى فيهِ العواصمُ عزْفاً
مُخمليَّاً يزهو به الجهلاءُ

هذه عُدَّة الصمودِ لدينا
فليُباركْ صمودَنا الأقوياءُ

* * *
يا أخا الشعرِ والجراحُ دليلٌ
شاخَ فيه الصدى وماتَ الرجاءُ

صُبَّ لي من علاكَ كأساً دُهاقاً
يا نديمي لقد قضى الندماءُ

مزِّقِ الصمتَ والحجابَ وغرِّدْ
في جنانِ الخلودِ كيفَ تشاءُ

كبَّلونا بالصمتِ ثمَّ استباحوا
عِرضَ أقلامِنا فعمَّ البِغاءُ

أنتَ حرٌّ فيما تقولُ وتعني
والمراؤون كلُّهمْ جبناءُ

النبِيُّونُ وحدُهم أبرياءٌ
من رِياءٍ يليهِمُ الشُّعراءُ

بعضُهم هائمون في كلِّ وادٍ
والصفيُّونَ فهمُ استثناءُ

صدقَ اللهُ .. كم يهيمُ بوادٍ
شاعرٌ ماتَ حسُّهُ والحياءُ

* * *
يا أخا السهدِ والفؤادِ المُدَّمى
غاضَ نبعُ الهُدى وماتَ الظِّماءُ

كيف أَرثيكَ يا أخي وفؤادي
قد أصابتْهُ طعنةٌ نجلاءُ ؟

كيف أَبكيكَ والقوافي تشظَّتْ ؟
كلُّ سطرٍ من جسمِها أشلاءُ

في فلسطين يسقُطُ الناسُ صَرعى
والسياساتُ كلُّها خرقاءُ

يتبارَونَ في كلامٍ وعرضٍ
والأحاديثُ بينَهم جوفاءُ

كم تنادَوا من كلِّ فجٍّ وعادوا
والبياناتُ صفحةٌ سوداءُ

كم أعدُّوا للرفضِ ثمَّ استجابوا
لعروضِ السلامِ وهيَ بلاءُ

أنتنَ الحِبرُ في يراعي فأضحى
من صديدِ اليَراعِ هذا الهُراءُ

غاضَ نبعُ الحروفِ جفَّتْ غصوني
وادلهمَّتْ سمائيَ الزَّرقاءُ

أتلظَّى على الجليدِ احتراقاً
ولَظى النارِ والجليدُ سواءُ

عقَّني الصمتُ يومَ هبَّتْ وعاثَتْ
في فلسطينَ زَعزَعٌ نكباءُ

* * *
يا أخي في الحنينِ للثأرِ هذا
عصرُ ذُلٍّ حكَّامُه أُجراءُ

كم تصدَّوا للشعبِ وهو ينادي
يا فلسطينُ داؤنا الأمراءُ

رفعوا في النضالِ راياتِ سِلمٍ
رايةُ الذلِ يا أخي بيضاءُ

زيَّفوا شُرعةَ الفداءِ فقالوا
من صميمِ الإرهابِ هذا الفداءُ

وتمادوا بالصمتِ خلفَ حُدودٍ
غيرَ شِبلٍ تزهو به الفيحاءُ

هبَّ يحدو الشآمَ والعُربَ طُرَّاً
بزئيرٍ فأُجبِلَ البُلغاءُ

وتحدَّى " شارونَ " وهو ينادي
نحن في الشامِ للفداءِ حُداءُ

هو شِبلُ العرينِ من غابةِ الأسـ
ــدِ ونَسرٌ تزهو به العلياءُ

* * *
يا فقيراً بالعيشِ صِرتَ غنيَّاً
باحتفالٍ يسعى له الشعراءُ

أرهِفِ الروحَ واستمِعْ لبيانٍ
لم تُعكِّره ريشةٌ حمقاءُ

أُمَّتي تنخرُ السياساتُ فيها
يتبارى في هدمِها العملاءُ

يتلوَّى تحت السياطِ النَّشامى
ويغنِّي عبيدُها والإماءُ

بين جُدرانِ صمتِها يتنامى
في الدهاليزِ بيعُها والشراءُ

خلف قُضبانِ سجنِها يتهاوى
مِشعلُ الفكرِ فالضحى ظَلماءُ

أمَّةٌ شعبُها يجوعُ ويَعرى
يدُها في صراعِها شلَّاءُ

أُمَّتي أمةُ الخرابِ ويبقى
عزْمُ أطفالِها هو البنَّاءُ

* * *
يا أخي في الدماءِ جُرحي بليغٌ
كيف يأسو جراحَنا الغرباءُ

كلُّ يومٍ يأتي فلسطينَ وفدٌ
في تلوِّيه حيَّةٌ رقطاءُ

همُّنا القدسُ والخليلُ ويافا
وجِنينٌ والمَهدُ والإسراءُ

همُّنا همُّ كلِّ حرٍّ أبيٍّ
في حناياهُ ذِمةٌ ووفاءُ

يحملُ الجرحَ راعفاً لا يُبالي
أُذْنُه عن سلامِهم صمَّاءُ

* * *
يا أخا الصرخةِ الأبيَّةِ إنِّي
أرفضُ العرضَ فالرضى استجداءُ

قُمْ وحدِّقْ تَرَ " النَّعانةَ "* تبكي
طفلَها البَرُّ والدموعُ دماءُ

كلُّ طِفلٍ فيه يمدُّ إلى الشـمـ
ــسِ ذراعاً بها الظلامُ يُضاءُ

كلُّ أمٍّ تزهو بموتِ بنيها
هي في البذلِ والرضى خنساءُ

تغرسُ الأرضَ والسماءَ ويسقي
غرسَها البِكرَ فتيةٌ شهداءُ

كلَّما فجَّرَ الحِزامَ شهيدٌ
زَغردَ الحمدُ واستجابَ الثناءُ

لن ينامَ الترابُ ما دامَ فيه
جَفْنُ طِفلٍ ما زارَه الإغفاءُ

* * *
يا أخا العشقِ للفداءِ بصدقٍ
لستُ أبكيكَ فالبُكاءُ هجاءُ

قُمْ وشاهدْ في مهرجانِ الضحايا
ألفَ طفلٍ وما انتخى الزعماءُ

واستمِعْ للكلامِ يُلقى جُزافاً
بَبَّغاءٌ يُصغي له بَبَّغاءُ

* * *
يا حبيباً مضى ليَلقى حبيباً
في بروجٍ حُكَّامُها الأنبياءُ

أنتَ في جنَّةِ النعيمِ مُقيمٌ
نحن مَوتى وأنتُمُ الأحياءُ

حين يصحو الإيمانُ ينتصرُ الحقْـ
ــقُ وتمضي الهمومُ والأرزاءُ

نحن في صمتِنا الكريهِ غُثاءٌ
وعلى السطحِ لن يدومَ الغثاءُ

نتمنى الرحيلَ في كلِّ يومٍ
حسبُنا الآنَ أنَّنا شُرفاءُ

* * *
يا أخا الحرفِ والقريضُ شُجونٌ
نحن في الموتِ والحياةِ عطاءُ

نحفرُ الصخرَ بالأظافرِ بحثاً
عن رُفاتٍ تنمو بها الكِبرياءُ

غيرَ أنَّا نعودُ نرقَبُ شوقاً
ساعةَ الموتِ فالرحيلُ شِفاءُ

فانتظِرنا فقد حزمْنا الأماني
لانعتاقٍ يهفو له الشعراءُ



11-4-2002
*النَّعانة : قرية المرحوم حسن أبو أحمد