عرض مشاركة واحدة
قديم 10-02-2010, 01:39 PM
المشاركة 9
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

(9)

بكل شيء علماً لكني أَعمَلتُ في ذلك الاجتهاد وسَلَوتُ عن الراحة وأَلِفتُ التعب فإن كنت أصبت فذلك ما إليه قصدت وإياه اعتمدت وإن تكن الأخرى فقد قيل إن الذنب عن المخطئ بعد التحري موضوع ومن الإنصاف الذي هو منتهى كل ثلة ومُقتَنَى كل همة طائلة أن أعلم أنه ربما وقعت في أثناء كتابي هذا كلمة متغيرة عن وضعها فإن كان ذلك فإنما هو موقوف على الحملة ومصروف إلى النقلة لأني وإن أَملَيتُه بلساني فما خَطَّتهُ بناني وإن أوضَعتُ في مجاريه فكري فما أَرتَعتُ فيه بصري مع أني لا أَتَبَرَّأُ أن يكون ذلك من قبلي وأن يكون موضعاً قد ألوى فيه بثباتي زللى فإن ذوات الألفاظ لا تؤخذ بالقياس ولا يُستَدَلُّ عليها بالعقل والإحساس إنما هي نَغَمٌ تُقَيَّد وكَلِمٌ تُسمَع فَتُقَلَّد هؤلاء أهل اللغة حَمَلَتُها وحُمَاتُها ونَقَلتُها ورواتها مشافهو الفصحاء ومفاوهو الصرحاء المغبرون إلى أقدامهم المكسرون على ضبطها أقلامهم الأصمعي والمفضل وأبي عبيدة والشيباني قد غلطوا بأشياء تسكعوا منها في عمياء هذا ولا يعرفون علماً سواها وزلا يتحملون من العلوم شيئاً ما خلاها فكيف بي مع تأخر أواني وبعد مكاني ومصاحبتي للعجم وكوني من بلادي في مثل الرجم روض الهمم قافلاً وأرنو إلى نجم آفلاً وأنشد.
فأصبحت من ليلى الغداة كنـاظـر مع الصبح في أعقاب نجم مغرب.
ما اقتصرت على اللغة وحدها ولا قصدت بنفسي جمعاء قصدها إنما هو جزء مما أحكمت وذرء مما فيه تقدمت وإذا أردت علم ذلك من كتابي ضمنته ما يدل على تقدمي في جميع أبواب الآداب كالنحو والعروض والقافية والنسب والعلم بالخبر إلى غير ذلك من العلوم الكلامية التي بها أبذ المؤلفين وأشذ عن المصنفين وأما ما يشتمل عليه هذا الكتاب فعلم اللسان الذي تقدمت ذكره وقد رأيت أن أشرف قدر خطبتي هذه بذكر ما ينقسم إليه هذا العلم لاشتمال هذا الكتاب على قسيمه المحيطين به وليس هذا الذي نذكره ههنا مقصوراً على اللسان العربي فحسب بل هو حد شامل له ولعلم كل لسان فأردت أن أفيد المولع بطلب هذه الحقائق هذا الفصل اللطيف والمعنى الشريف.
فعلم اللسان في الجملة ضربان أحدهما حفظ الألفاظ الدالة في كل لسان وما يدل عليه لشيء شيء منها وذلك كقولنا طويل وقصير وعامل وعالم وجاهل والثاني في علم قوانين تلك الألفاظ ومعنى القوانين أقاويل جامعة تنحصر في كل واحد منها أشياء كثيرة مما تشتمل عليه تلك الطريقة حتى يأتي على جميع الأشياء التي هي مصوغة للعلم بها أو على أكثرها وحفظ هذه الأشياء الكثيرة أعني هذه الألفاظ المفردة إنما يدعي علماً بأن يكون ما قصد بحفظه محصوراً بتلك القوانين وتلك القوانين كالمقاييس التي يعلم بها المؤنث من المذكر والجمع من الواحد والممدود من المقصور والمقاييس التي تطرد عليها المصادر والأفعال ويبين بها المتعدي من غير المتعدي واللازم من غير اللازم وما يصل بحرف وغير حرف وما يقضي عليه بأنه أصل أو زائد أو مبدل وكالاستدلالات التي يعرف بها المقلوب والمحول والاتباع ولذلك ذكرت هذه الأبواب كلها بعد ذكر الألفاظ المفردة الدالة ليكون ذلك مستغنياً في نفسه غريباً في جنسه ولذلك تكرر فيه ما تكرر لا لسهو ولا لنسيان إلا مالاً بال به مما لابد أن يلحق الإنسان إذ هو غير معفىً من ذلك ومن هنا يجب على من أنصف أن لا يعيب علينا أمراً حتى يعرف سره فلكل علة سبب لا يخفى علي من لطف الفطن وكرر البصر واطرح الضجر والتوفيق للصواب في كل أمر من

بارئنا جل وعز إليه أرغب فيه وبه تعالى أستعين لا غنى لأحد عنه في ميسر الأمور ولا معسرها كما أبرأ إليه من الحول والقوة إلا به وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم كثيراً.

.....يتبع