عرض مشاركة واحدة
قديم 02-22-2015, 03:00 PM
المشاركة 1320
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع...تابع....والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية 88- عين الشمس خليفة حسين مصطفي ليبيا


- لا أذكر أول مرة قابلت فيها الأستاذ المبدع خليفة حسين مصطفى وهي بالتأكيد في إحدى الفعاليات الثقافية حيث أن هذا الروائي يحرص على المشاركة والحضور إلى كل نشاط ثقافي أو فني ينظم بغض النظر عن الجهة التي تنظمه نظراً لأنه لا ينتمي إلا لشلة الأدب والفن حيث السطور البليغة والألوان التي تمنح الروح فضاءات أكثر سكوناً وعمقاً.

- ولم يكن حضور الأستاذ الروائي خليفة حسين مصطفى لأي منشط ثقافي حضوراً شكلياً أو من أجل المجاملة بل كان حضوره دائماً فاعلاً ومشاركاً في المناقشات ومستمعاً للأوراق والمواد الإبداعية من قبل المشاركين على الرغم من ركاكتها أحياناً وبعد أن يمنح مدير الفاعلية الاستراحة للمشاركين يخرج هذا الأستاذ بهدوء ليقف قرب أول نافذة ويشعل سيجارته وبعد أن ينقض الزحام حول البوفيه والشاي والقهوة يتناول كوباً ويملؤه بالشاي يحتسيه على مهل.

- التقيته أكثر من مرة في أنشطة رابطة الأدباء والكتاب في مقرها المزال الآن بحي الاندلس وأكثر من مرة في المكتبة المركزية وفي المركز الثقافي التونسي وفي مجلة المؤتمر وفي أمانة الثقافة وكلما التقيه أحرص على مصافحته وإن كان لديه وقتاً نتحدث قليلاً لكن تحدثنا كثيراً أكثر من مرة في مكتبه بمؤسسة الصحافة بمجلة الأمل وتناقشنا في فن كتابة الرواية.

- فكان لا يوافق ما يكتب حديثاً وينحاز دائماً للانضباط والنظام والجدية في كتابة الراوية..

- ويقول أن الرواية تحتاج إلى وقت وتفرغ ومواصلة الكتابة من دون توقف.. وأبدى آراء متباينة في ما يكتبه الشباب الآن.. وكان يشعر بالسعادة كلما قرأ إصداراً جديداً ووجده جيداً سرعان ما يمسك قلمه ويكتب ما تجود به أحاسيسه من محبة عن ذلك الإصدار.

- ذات يوم استدعاني الأستاذ محمود البوسيفي إلى مكتبه ووجدت بجانبه الأستاذ خليفة حسين مصطفى الذي يبدو خجولاً وهادئاً ومبتسماً ومدّ لي مخطوط تقودني نجمة " رواية " ولم يعرف كيف يكلمني لكنه نصحني أن أغير الكلمات البذئية الخادشة للحياء والذوق العام بكلمات عربية تؤدي المعنى نفسه ولا تسبب خدشاً ولقد كانت نصائحه محل تقدير في نفسي وشعرت بأن الكتابة فن ومع الفن لابد من استخدام القليل من الذكاء والمكر.

- تناقشت معه في موضوع دخول أعماله إلى العالمية أو الانتشار على الأقل خارج ليبيا في الوطن العربي بصورة مرضية والحقيقة أنه لم يتذمر وكان كل همه ليس المال أو الشهرة إنما استكمال مشروعه الروائي كما ينبغي وكما يريده..

- منذ مدّة أخبرني أنه يكتب رواية موضوعها الرحالة الأوروبيين في أفريقيا والصحراء الكبرى وليبيا واقتنى الكثير من الكتب الباهظة الثمن وأذكر أنني قلت له حينها إن هذا الموضوع يا أستاذ خليفة سيدخل بقية رواياتك إلى العالمية لأن موضوع الرحالة مقبول من قبل الغرب وإن اشتهرت هذه الرواية فستمد الحبل إلى كل أعمالك الأخرى لتنقذها من التجاهل وقلة الاهتمام وفرحت كثيراً لصواب اختيار الموضوع والتقيته بعدها بشهور وسألته عن هذه الرواية بالذات فقال لقد توقفت وسألته لماذا؟ فقال الإلهام.. عندما أشعر بالإلهام أكتب وعندما يذهب الإلهام في إجازة امنحه إياها وانتظره..

- هذا يعني أنه مبدع حقيقي وليس صانع روايات أو قصائد ككثيرين..

- وإنصافاً لهذا الأديب صاحب القلب الطيب والابتسامة الهادئة أنه قد قادني من دون أن أشعر كي أكتب عن ليبيا أي أكتب عن المكان الذي أعيش فيه

- وروايته ليالي نجمة.. قادت الكثيرين لتناول المدينة القديمة سواء في بنغازي أو درنة أو طرابلس في كتاباتهم.. وعندما نقرأ بعض آراء النقاد خاصة الأستاذ يوسف الشريف نجد أن رأيه لا توجد رواية ليبية إلا عند خليفة حسين مصطفى وتوجد روايات تتحدث عن أمكنة أخرى تجد فيها كل شيء إلا ليبيا

- لقد استفدت من الروائي خليفة حسين مصطفى حسن اختيار المكان وهو جعلني لا ابتعد وأكتب عن هنا عن ليبيا واعتقد أن الروائي إبراهيم الكوني والروائي أحمد إبراهيم الفقيه قد وعيا هذا الموضوع وهذا الأمر وركضا سريعاً بسردهم إلى هذا المضمار الليبي الثري فولجاه من باب التاريخ الذي يمكنك ضبط ساعته على الوقت والتاريخ الذي يمكنك أن تتوقف عنده وترى ذلك جلياً في روايات الكوني الأخيرة" نداء ما كان بعيداً " وفي الاثنى عشرية خرائط الروح لأحمد إبراهيم الفقيه.

-موقع السلفيوم

- اختار ان يعيش ناسكا في محراب الأدب ، يصرف جهده له ، معطيا ظهره لكل ما تضج به الحياة العصرية من الضغوط والالتزامات والمطالب، يعيش على الكفاف ، زاهدا متقشفا فقيرا
- أنّ خليفة حسين مصطفى موهبة خارج إطار المواهب والكتاب الذين تحفل بهم الحياة الأدبية في كل أركان العالم ، وهم الذين يصنعون الضجيج ، ويشغلون المطابع ويُزاحمون بإنتاجهم الأسواق ويملأون بكتبهم أرفف المكتبات ، أما هذا القليل النادر من النابغين والعباقرة ، فهم من يبقى بعد أن يتراجع هذا الضجيج وينتهي هذا الزحام ونظرة إلى تاريخ الأدب في العالم تستطيع أن تؤكد لنا هذه الحقيقة،

- أذن فالنبوغ في الأدب شيء آخر غير التواجد في المشهد الثقافي كاتبا تنتج القصص أو الأشعار أو المسرحيات أو كتب النقد ، اعتقد جازما أن خليفة حسين واحد من هؤلاء النوابغ ، وعملا بما يقوله الشاعر الذي بقى مسافرا في الزمن العربي بعد أن سقط كثيرون آخرون وهو أبو الطيب المتنبي في بيت من أبياته عن النهايات التي تصل إليها الأشياء وهو وللسيوف كما للناس آجال

-واضح ان سر عبقريته يكمن في الموت والا لماذا كان اول مؤلف له بعنوان "صخب الموتى" لكننا لا نعرف على وجه التحديد سر علاقته مع الموت. وللاسف لا يوجد تفاصيل عن طفولته كما هو الحال عند كل المبدعين العرب، لكن يمكننا ان ندعي انه عاش مأزوما وسر ازمته الموت اين كان شكله واثره .

من مقال بقلم : محمد الاصفر