عرض مشاركة واحدة
قديم 07-21-2019, 02:55 PM
المشاركة 38
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: التلويح بشعراء التوشيح !
خير الدين الزِّرِكلي
كان خيرالدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس الزِّرِكلي «بكسر الزاي والراء» والمولود في 9 ذي الحجة عام 1310هـ والمتوفى عام 1396هـ، من الأعلام الذين أنجبتهم دمشق الفيحاء، والعروبة الزهراء، والحنيفية السمحاء في العصر الحديث، وهو كردي النسب والأكراد في البلاد العربية والإسلامية سنة متمسكون بعقيدتهم..
شاعراً، مؤرخاً، مترجماً، مؤلفاً، أديباً ومحققاً، فهو ابن الوطن العربي الكبير وابن الإسلام الخالد العظيم..
ولد في بيروت من ابوين دمشقيين ونشأ وعاش في وطنه دمشق، حتى فاجأه الاحتلال الفرنسي لبلاده في الرابع والعشرين من يوليو عام 1920م فوقف مع المجاهدين الاحرار صلب العود قوي الوطنية وحكم عليه الاحتلال بالإعدام غيابيا آنذاك..
وكان الزركلي قد قصد الحجاز.. وتنقل بينه وبين الأردن ومصر، ولما هب السوريون لتحرير وطنهم من الاستعمار الفرنسي عام 1925م وكان اسمه في القائمة السوداء وحكم عليه للمرة الثانية بالإعدام عام 1925م لأنه من القوى المحركة للثورة ضد المستعمر الغاشم المحتل.
وفي عام 1934م دعاه الملك عبدالعزيز ليكون مستشاراً للمفوضية العربية السعودية بمصر فانتقل إليها..
وعاش في ظلال النيل للقراءة والكتابة والتأليف، وكان أحد المندوبين السعوديين في المفاوضات التمهيدية التي جرت لإنشاء الجامعة العربية، وفي التوقيع على ميثاقها عام 1945م..
وعمل بوزارة الخارجية السعودية، ومثل الحكومة السعودية في العديد من المؤتمرات والاجتماعات والمفاوضات الدولية، واختير عام 1951م وزيراً مفوضاً ومندوباً دائماً للحكومة السعودية لدى جامعة الدول العربية..
وفي عام 1957م عين سفيراً للمملكة في الرباط لدى حكومة المملكة المغربية، وفي عام 1965م عاد إلى الرياض حيث تنقل بينها وبين بيروت ودمشق والقاهرة، واخرج كتبه:
1 الإعلام «أربعة عشر جزءاً».
2 شبه الجزيرة العربية في عهد الملك عبدالعزيز «أربعة أجزاء».
3 الوجيز في سيرة الملك عبدالعزيز.
4 عامان في عمان.
5 ما رأيت وما سمعت
وغيرها من خوالد مؤلفاته.) )(1)

قلتُ: فهو دمشقي الأصل ،لبناني المولد ، سعودي الجنسية ومهام الدولة ، ومصري الوفاة.

.

قال أحمد العلاونة :
(نظم الزِّرِّكلي ثلاثة موشحات ، الأول ( لَمْ تَفِ يا قَمَرْ)(2)
و قال: (.... و موشح العذراء ، وهو موشح طويل) (3)،
وقال: ( .... ، ونظم موشحا على الطراز القديم ....) (4)

(لم تف يا قمر!) (موشح تام):
لم تبق يد الحادثات ولم تذر=فعلى م تضحك في سمائك يا قمر؟
أرأيت تائهة على أترابها؟
فتانة بسفورها وحجابها
خلابة بدلالها وعتابها
غلابة بحديثها وخطابها
ذهب الزمان بمالها وشبابها
وتفردت بأنينها ومصابها
ناجتك شاكية تصاريف القدر = وظللت تضحك في سمائك يا قمر!
أرأيت بين مسارح الأقلام؟
مترسلا أو مستجاد نظام
ما كاد يعرف بهجة الأيام
حتى رماه من الفوادح رامى
نهدت إليه قوارع الآلام
فبكى اليراع مودعا بسلام
عهد النبوغ وصوغ آيات العبر =ونعمت تؤنسك الكواكب يا قمر!
أشهدت من غسق الظلام غريبا؟
ملأ الفضاء تفجعا ونحيبا
نادى أحبته، وعاش كئيبا
قلق الجنان على الزمان غضوبا
والدمع يجرح مقلتيه صبيبا
يرعاك مضطرب الجوانح والفكر=وتتيه في خيلاء كبوك يا قمر!
ومعاقرا خمر الصبا يترنح
كالظبى يسكن في الرياض ويسرح
يلهو بزورقه الصغير، ويسبح
في سلسل كالنور، أو هو أوضح
قذفت به هوج العواصف تطرح
فهوى... ووجه الموت أكدر أكلح
وله على صفحات جدوله أثر
وخلوت، تزهى في نجومك يا قمر!=أسمعت أنات الجريح معددا؟
يطوي الليالي، لا يقر مسهدا
(لا العيش طالب له ولا الشقاق الردى)
يمسي ويصبح شاكيا متنهدا
ضعفت قواه، فما يطيق تجلدا
وتعامت الزفرات أن تتصعدا
غض الجفون وقال: حسبك يا غير! = وسهرت تبسم للكوارث يا قمر!
أشهدت من كرة الشقاء كتائبا؟
وأسنة وهاجة وقواضبا
جيشان، كلٌّ هب يحمي جانبا
يتطاحنان، تباعدا وتقاريا
هذا يئن، وذاك يقضي صاخبا!
ويح المطامع، كم تجر معاطبا
تفنى النفوس، وأنت تهزأ بالبشر =ويغرك الألق المحب يا قمر؟
أرعاك مبتئس شكا ألم الطوى؟
ومروع ضل السبيل، وما غوى
ومتوج، عنت الجباه، له هوى...
عن عرشه، لا الملك دام، ولا القوى
ومودع مستسلم لهوى النوى
ومعذب لفراقه بادي الجوى
وقسوت، هل قدت ضلوعك من حجر؟=لم تحتجب، لم ترث، لم تف يا قمر!!


موشح العذراء (موشح تام):
(1)
سكنت ضوضاء من في الحي – لا حي تراه
وغفا الثائر لا يلهج إلا بمناه
رقد الساهر واعتادته أحلام هواه
وبكى الموجع ، حتى بلل الدمع ثراه
غفل الناس وللحدثان والدهر انتباه
هدأت ثائرة الليل ، ولاحت في الفضاء
شهب تلمع كالآمال ، زهراً ، كالرّجاء
(2)
طوت الظلمة في أردانها كوخ وقار
حاطه أهلوه من زهر الأقاحي بإطار
وتراءى البحر عن يمناه ، منشور الإزار
ضم عذراء وأطفالاً كلألاء الدراري
وفتىً كالصبح أو أنقى – وكهلاً كالنهار
أسرة راضية العيشة – باتت في هناء
نعمت ، آمنةً سوء تصاريف القضاء
(3)
قرع الباب فصاحت ربة المنزل «ليلى» :
من يزور الحي أو يطرق هذا الباب ليلا ؟
فتعالى الصوت : لا تخشى – فداك الروح – ويلا
وافد : مالت به نحوكم الظلماء ميلا
فتمشّت تفتح الباب – يجرّ التيه ذيلا
وإذا الطارق يختال بأبراد السناء
طُبعت في وجهه سيما وجوه الكبرياء
(4)
عجبت من شأنه فانقلبت تدعو الشقيقا
وإذا والدها يسأل : ما الأمر ؟ – مفيقا
حدّثته أن في الباب نزيلاً أو صديقا
فسعى يستقبل الضيف ، ويهديه الطريقا
مرحباً بالزائر الوافد كالطيف طروقا
نحن في منتصف الليل ، عسـى داعي اللقاء
موجباً حمدي لمولاي المفدّى وثنائي
(5)
وجم الوافد حيناً ، يتحرى ما يقول
وانبرى يخطب ود الشيخ ، والشيخ ملول
قال : يا مولاي هذا البيت ظل لي ظليل
ولك الفضل ومهما أُبد فالقول فضول
أنت من أهل ودادي ولك الذكر الجميل
قال : والآن ؟ – أجاب الزائر : الآن عزائي
هو أن تقبلني جار صباح ومساء
(6)
عجب الشيخ ، وقال : الصفح إن أخطأت ، عني
أنت نعم الجار – وأقبل واضح الأعذار مني
قال : إني لك عون ! قال : شكراً لا تعني
أنا حسبي منك عطف الوُدّ ، في ضعفي وسني
ودنت ليلى فناداها فتى الليل : اطمئني
جئتكم أخدمكم خدمة موفور العطاء
إنما الخير بخير وجزاء بجزاء
(7)
بسمت ليلى ، وقالت : أنت أحسنت فشكرا
نحن في يسـر ، وإن لم تدع الأيام وفرا
فتطلب غير هذا القصـر يا مولاي ، قصـرا
قال : مهلاً يا مهاة الحي ، إني بك أدرى
أنتِ قد أحببتني ، والأب راضٍ بي صهرا
بُهتت من قوله واضطربت : – يا للسماء
أيُّ فاري فرية يلصقها بي – بإزائي
(8)
وأفاق الأخ من هجعته – والليل داج
فتصدى يتبع الصوت وضوضاء الحجاج
شهد العذراء غضبى وأباه في انزعاج
ورأى الضيف ثقيلاً مستمراً في لجاج
قال : من أنت ؟ وما شأنك ؟ ما أنت بناج
أطرق الوافد ختلاً ومشـى في خيلاء
قال : صبراً أيها الناشئ ما دائي بداء
(9)
أنا لي أمنية ليس لكم منها مناص
لي عذراؤكم ما إن لها مني محاص
جرحتني بهواها والجراحات قصاص
بيننا السلم إذا شئت – وإلا فالرصاص
قال : لا يرضى الفتى العار – فموت أو خلاص
ودرى الشيخ مصير الأمر – يا للاعتداء
صاح واحتاط ابنه ، يجذب أطراف الرداء
(10)
أزمع الباغي نزالاً ، فتوارى فاستعدا
وتلقاه الفتى ، والأب والعذراء شدّا
بكت الأطفال ذُعراً ، حين عاد الأمر جِدّا
حسر العاتي نقاباً ، فإذا عبدٌ تردّى
برداء المجد ، ساء العبد للأشراف نِدّا
صرخت ليلى : أخي «يوسف» زين النبلاء
اطعن المجرم ، روِّ الأرض منه بالدماء
(11)
زأر الخصمان واشتد فتى القصـر فدارا
حول عبد السوء لا يألو كروراً وانحدارا
ضرباتٍ بنصالٍ ، لم تلد إلا شرارا
وفتاة الحي تدعو الله سرا وجهارا
رعدت في القصـر منها شهقةٌ تقذف نارا
قتل الجاني أخي ، شلّت يد الباغي المرائي
آهِ يا غادرُ أدميت قلوب الضعفاء
(12)
وحنا الكهل على «يوسف» مغمياً عليه
لا يعي أمراً ، يفور الدمع من باصرتيه
فصحا يوسف صحو الموت يدعو باكييه
قال : أختي وأبي ! واثناهما بين يديه
حضناه ، فتلوّى ، موجعاً من جانبيه
مشهد يغلب فيه الدمع وصف الشعراء
صرع الغدر عماد الحي فخر الشهداء
(13)
لم يكد يغمض عينيه الفتى ، حتى تعالى
صخب الباكين حوليه يميناً وشمالا
أدركته قوةٌ ، فانتهض الرأس فقالا :
أنا إن متُّ فقد أحييت للناس مثالا
إنما الحر إذا سيم الأذى يجهر : لا ، لا !
هكذا فليتلق الموت فتيان الوفاء
ما أرى في صفحة العالم حيا للبقاء
(14)
أبتي ، لا تنسني ، واحم فتاة الطهر أنتا
فإذا أدركك الموت كما مِتُّ عُذِرتا
كَفكِفي دمعكِ يا ليلايَ كوني لي أختا
تاجها العفة لا ترضى بغير الطهر بتّا
يا طفيلات أبي أصلحكن الله نبتا
كن عوناً لأبيكن وخلين بكائي
وتناقلن حديثي ، إنه رمز الإباء
(15)
وقضـى يوسف ، والعذراءُ تبكي وتنوح
فإذا القاتل يدنو من أبيها ، ويصيح
ما مضـى فات ، ولا ترجع بعد الفوت روح
خلِّ عنك الندب إني لك يا شيخ نصيح
لست بالبارح هذا البيت هيهات النزوح
فأجاب الأب والعذراء : سقياً للفناء
من لنا بالموت يمحو ما نقاسي من عناء
(16)
ضحك الفاتك من قوليهما وانسلّ يدعو
عصبةً كامنةً ، فانهال نحو القصـر جمع
بات من في الدار أسرى ولدمع العين همع
كمت الأفواه ، كفت أعين ، أوقر سمع
حارت الألباب ، ضاقت أنفسٌ ، أقفر ربع
أين من يُنقذ بنت النور ، مرآة الضياء
من مهاوي البؤس والآلام ، من أيدي الشقاء
(17)
أين من يصغي لأنّات العذارى والعويل
أين من يضمد جرح القلب في الجسم العليل
أين من يرحم ضعف الطفل في القيد الثقيل
أين من يحنو على الأوّاه في الأسر الطويل
أين من يجزي جُناة الشـر بالشـر الوبيل
ليس في الناس سميعٌ أو مجيبٌ للنداء
فقد العطف … فواهاً للضعاف البؤساء



..............
(1) د. عبدالله بن سعد الرويشد، مقالة بعنوان: ( ديوان الشاعر خيرالدين الزركلي)، جريدة الجزيرة ، العددرقم: ( 10875)، الصادر يوم الإثنين 27 ربيع الثاني 1423 هـ - 8 يوليو 2002 م.
(2) أحمد العلاونة ، خيرالدين الزركلي المؤرخ الأديب الشاعر صاحب كتاب الأعلام ،دار القلم -دمشق ،الطبعة الأولى 1423 هـ -2202م، ص: (128)
(3) المرجع السابق. ص:(128).
(4) المرجع السابقز ص:(129).

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا