هبط الليل على مدينة القلوب
و أرخى الحنين سدوله على الأرواح الهائمة
معطراً بعبق المنى و دمع العاشقين
تلاشت الأنوار رويداً رويدا
ليخيم الشعور على الوجود
نامت عيون الورى
و استيقظت الأحاسيس و الأحلام
و يرتدي الكون ثوب الخشوع
توارى في الظلام يأس هنا و حزن هناك
هم يناجي أملاً
تناهيد اشتياق
أنات ألم
صهيل ذكريات
ضجيج حب سجين في صدر يختنق
يتوق إلى التحرر من أغلال الكبت و القسوة
دمع يغازل أمنية
يدان مرفوعتان إلى السماء
شمعة ساهرة
جبين ساجد يرنو إلى العلياء
أجفان جافاها النوم
و مقل مؤرقة بعبق الانتظار
كل شيء ساهر مع أرقي
عيناي و المصباح
أناملي و القمر
جرح يعاتب عهدا ذوى و اندثر
غيمة وفية لا تفارقني
رعشة تعانقني
و غصة حمقاء
و رسالة ما زلت أكتبها و تكتبني
و خاطرة معطرة بدمعة شوق
قلم مكسور
و دفتر مهجور
أنفاس مقطعة
كلمات مبعثرة
عاطفة لا تصحو و لا تنام
و عشق لا يموت و لا يبور
آه يا ليل الحنين
كم تخفي من الألوان و الآلام و الكلمات
كم تثير في القلب من شجن و من آهات
يا مخزن المشاعر
و يا كاتم الأسرار
من سكونك الكئيب تولد ثورة
و من ظلامك الرهيب تشرق بسمة حب
لا تنتهي ساعاتك
لا تنام آهاتك
تبعثرنا كنسماتك
تلملمنا بهمساتك
تعاتبنا إذا نمنا
و تغرقنا في بحور عبراتك
تحملنا إلى العلياء بسجدة
و تهوي بقلوبنا نحو وديان الأسى و الشوق
نرمي سهامنا في دجاك فلا تخطئ
و نستجير بمن يجيب
و نلوذ بمن نحب
آه يا ليل الحنين
كيف ينام فيك هذا القلب