عرض مشاركة واحدة
قديم 04-10-2020, 01:24 AM
المشاركة 6
تركي خلف
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مَعْرفَة الله تَعاَلى تُجَنبُك ارْتكَابِ المَعَاصي و المُحَرمَات
إن أوَّل خطوة على العبد أن يتخذها في الطريق هي معرفة الله سبحانه وتعالى، لإنها المقصِد الأسمى للإنسان في الحيــــــاة ..

قال تعالى مخاطبًا نبيه {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ
إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} [محمد: 19] .. وقد ترجم الإمام البخاري في صحيحه بابًا بعنوان (العلم قبل القول والعمل) ..

وهذا العلم هو معرفة الله عزَّ وجلَّ ..
ومحله هو القلب .. يقول ابن القيم في (الفوائد) "أنزه الموجودات وأظهرها وأنورها وأشرفها وأعلاها ذاتاً وقدراً وأوسعها: عرش الرحمن جلَّ جلاله، لذلك صَلُحَ لاستوائه عليه، وكل ما كان أقرب إلى العرش كان أنوَّر وأنزه وأشرف مما بَعُدَ عنه، ولهذا كانت جنة الفردوس أعلى الجنات وأشرفها وأنورها وأجلَّها لقربها من العرش إذ هو سقفها، وكل ما بَعُدَ عنه كان أظلم وأضيق، ولهذا كان أسفل سافلين شر الأمكنة وأضيقها وأبعدها من كل خير . وخلق الله القلوب وجعلها محلاًّ لمعرفته ومحبته وإرادته، فهي عرش المثل الأعلى الذي هو معرفته ومحبته وإرادته" [الفوائد

فينبغي أن يمتلأ القلب بمعرفة الله عزَّ وجلَّ .. مما يدفع العبد إلى خشية الله قبل الإقدام على أي معصية؛ لأنه يعلم أن ربَّه سميع بصيـــــر .. ويستشعر قربه حين مناجاته .. ويكون حليمًا في معاملته للناس، رغبةً في حلم ربِّه سبحانه وتعالى ولطفه.

ولقد فطر الله عزَّ وجلَّ القلوب على معرفته .. وطالما كان القلب بعيدًا عن معرفة بارئه، فإنه يظل مستوحشًا .. لأن الله تعالى قد خلق جميع عباده حنفاء، قال الرسول الله ذات يوم في خطبته "ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا: كل مال نحلته عبدا حلال، وإني خلقت عبادي حنفــــاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا .." [صحيح مسلم

ومعرفة الله تُزكي النفس .. فتجعلك تتخلص من الآفات التي كنت تعاني منها قبل معرفته، كالغضب وغيره .. لأن الربَّ شكور وسُيثيبك على طاعتك، بأن يجعل للإيمان أثرًا في قلبك .. فإن لم تجد هذا الأثر، فاعلم أنك واهم وأن علمك وطاعتك لم ينفعاك بشيء !

يقول ابن القيم "والفطرة فطرتان: فطرة تتعلق بالقلب وهي معرفة الله ومحبته وإيثاره على ما سواه، وفطرة عملية وهي هذه الخصال (أي: سُنن الفطرة)، فالأولى: تزكي الروح وتطهر القلب، والثانية: تطهر البدن وكل منهما تمد الأخرى وتقويها" [تحفة المودود

ومن عرف الله حق المعرفة، فقد وجبت له سعادة الدنيا والآخرة .. قال مالك بن دينار: خرج أهل الدنيا من الدنيا ولم يذوقوا أطيب شيء فيها، قالوا: وما هو يا أبا يحيى؟، قال: معرفة الله تعالى. [حلية الأولياء
فمهما حصَّلت من متاع الدنيـــا، فإنه لا يعدِل شيئًا بجانب لحظة الأنس بالله تعالى،،

والجهل بالله تعالى يُوجِب الشقاء في الدنيـــــا والآخرة ..
فالجهل بالله هو أصل كل آفة .. فمن لا يعرف ربَّه لا يرضى بقدره، مما يوقعه في عذاب وآلام التسخُّط ..
ولا يعصي الله عزَّ وجلَّ إلا جــــاهل .. مهما أوتي من علومٍ ذهنية، فإن العلم الحقيقي هو الذي يجعل المرء يخشى ربَّه ويستحيي من معصيته ..

يقول تعالى {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 17] .. قال قتادة: عن أبي العالية: أنه كان يحدث: أن أصحاب رسول الله كانوا يقولون: كل ذنب أصابه عبد فهو بجهالة.

الكلم الطيب
المصدر
: https://kalemtayeb.com/safahat/item/20507

الابتسامة هي قوس قزح الدموع