عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
3

المشاهدات
3382
 
عدنان عبد النبي البلداوي
من آل منابر ثقافية

عدنان عبد النبي البلداوي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
44

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Oct 2012

الاقامة

رقم العضوية
11599
12-10-2015, 11:48 PM
المشاركة 1
12-10-2015, 11:48 PM
المشاركة 1
افتراضي الثقافة الموسيقية
الثقافة الموسيقية هل تكفي وحدها لتقديم نص إبداعي مؤثر..؟
عدنان عبد النبي البلداوي
إن تمتع الشعر بصفة التأثير والإثارة من ابرز أسباب تفضيله على النثر . قال أبو هلال العسكري في كتابه – الصناعتين- ( لاشئ اسبق الى الأسماع وأوقع في القلوب وابقي على الليالي والأيام من مثل سائر وشعر نادر) .
ولعل الذي عناه أبو هلال هو الشعر الذي تتوافر فيه عوامل الانسجام الموسيقي الى جانب توافر المعاني ذات المضمون الهادف المشبع بالحركة والحيوية . ان الشاعر يقول الشعر وهو حر في اختيار الألفاظ او الكلمات التي يجدها في رأيه تعبر عن الغرض المقصود ، وقد يكون هدفه إيصال الفكرة دون الالتفات الى ما ستؤديه تلك المفردات المختارة ، إذ أن التعبير عن الفكرة او الغرض بكلمات غير منتقاة تعد مرحلة غير جدية في المسيرة الشعرية ، في الوقت الذي يجب على الشاعر ان يتهيأ لاجتياز مراحل عديدة أخرى قبل إعلان قصيدته ، اذ ليس من اليسير منح القصيدة وسام الخلود مالم تكن بحق قصيدة شعرية مستلة من خلفية ثقافية مليئة بكل مقومات الجودة والرصانة .
إن الإلمام الشامل بما يؤديه كل حرف من الناحية الموسيقية ، من الأمور التي أصبحت جزءا من ثقافة الشاعر الجاد الذي ينشد الحفاظ على ديمومة إبداعه ، وتلك حقيقة قد أدركها النقاد في كل العصور الأدبية ، وبذلوا جهدهم في إسناد مهمة كل حرف في الكلمة وكل كلمة في الجملة ، فنبهوا الشعراء الى الحروف الثقيلة التي تعد من مسببات ( الجهد العضلي ) حين النطق بها ، مطالبين إياهم عدم تكرارها او تتابعها في مكان واحد ، كما وضعوا للحروف الأخرى صفاتها وميزاتها ودرجة تأثيرها الموسيقي ، وكأنهم يعرضون لوحا فنيا ذا قواعد وأصول ، ولا يسعنا في هذا الموجز عرض الأمثلة والشواهد ، ففي الدراسات الصوتية واللغوية مايفي بالغرض ، ابتداء من جهود العلامة الخليل بن احمد الفراهيدي .
ان وجوب اطلاع الشاعر على أصول الثقافة الموسيقية لايعني سدا لثغرة موسيقية في عالمه الشعري الخاص ، بل هو تعزيز لذوقه (الموهوب) في القدرة على توزيع الحروف والكلمات بعد حسن اختيارها ، وما تمييز الحرف الشديد من الرخو مثلا ، والمهموس من المجهور ، والمطبق من غير المطبق الا تهذيب للذوق ، لكي يمنح الصورة عالما متميزا من التجسيد الصوتي ، او إيقاعا يتناسب وجمالها المعنوي ، وفي كل الأحوال لايمكن تجاهل مستلزمات الموسيقى الشعرية ( المؤثرة ) ليس لأنها تموسق جو النص حسب ، بل لكونها جزءا مهما من صنعة الشعر ، وقد أكد أرسطو ذلك في كتابه (الشعر ) موضحا : ( ان الدافع الأساس للشعر يرجع الى علتين : أولاهما غريزة المحاكاة او التقليد ، والثانية غريزة الموسيقى او الإحساس بالنغم ..) .
لقد حظي ديوان الشعر العربي بنصيب وافر من الإيقاع الموسيقي المؤثر ، وان اختلفت درجاته من شاعر الى آخر بحكم ثقافته ومقدار مالديه من رصيد ، ولعل ابرز معلومة تؤشر مدى ثقافة الشاعر الموسيقية في القصيدة هي القدرة على وضع القافية وزنا ومعنى في مكانها المناسب ، لانها ( بمثابة خاتمة الجملة الموسيقية ) ثم عدم تحميل المفردات بحروف ثقيلة مثل حروف الاطباق( الصاد – الضاد – الطاء- الظاء) أكثر من المسموح به، أوشحنها بالحروف التي تسبب جهدا في التنفس حين النطق بها مثل الحروف المهموسة ( السين – التاء –الشين – الحاء – الثاء – الكاف – الخاء- الصاد – الفاء – الهاء ) وفي ضوء هذا المفهوم الموجز تميزت في ديوان الشاعر قصائد لاتخلو مما ياتي :
- انسجام صفات الحروف مع الغرض الذي نظمت القصيدة من اجله .
- التآلف التدريجي بين حروف شطري البيت وحروف القافية .
- معالجة الحروف الثقيلة بصياغة تعتمد الموازنة والتنسيق في حالة اضطرار الشاعر الى كلمة فيها هذه الحروف.