عرض مشاركة واحدة
قديم 11-20-2020, 12:35 PM
المشاركة 6
ياسَمِين الْحُمود
(الواعية الصغيرة)
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي
الحضور المميز الألفية الثانية الإداري المميز الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى وسام الإدارة التكريم الكاتب المميز 
مجموع الاوسمة: 9

  • غير موجود
افتراضي رد: حوارعلى نار هـــــادئة

قال تعالى: “وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا‏. مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ” (النازعات)
البعض يفهم من تلك الآية الكريمة أن الضمير في كلمة أرساها يعود على الجبال، من هنا اعتقدوا أن عملية الإرساء تتعلق بالجبال‏ على أساس من أن الضمير في العربية يعود على أقرب اسم إليه،‏ وانطلاقاً من ذلك فقد فهموا من قول الحق تبارك وتعالى‏: “وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا‏” معنى تثبيت الجبال في الأرض،‏ وجعلها كالأوتاد لتستقر وتسكن بمن عليها،‏ فلا تميد ولا تضطرب،‏ وهذا الكلام يحمل في طياته أيضاً تثبيت الأرض،‏ خاصة أن ضمير الغائب في الآيتين السابقتين ، والذي جاء أربع مرات‏‏ يعود على الأرض،‏ ولا يستبعد أن يكون كذلك في آية الجبال حيث يقول ربنا‏ ـ‏ تبارك اسمه‏ ـ : “‏وَالأرض بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا‏. أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا‏. وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا‏. مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ“‏
والصياغة هنا تحتمل دلالة وبالجبال أرساها،‏ فيكون المعنى إرساء الأرض بواسطة الجبال،‏ بينما المعنى الأول يتعلق بإرساء الجبال على سطح الأرض،‏ والمعنيان صحيحان صحة كاملة حسب معطيات علوم الأرض الحديثة،‏ فالجبال مثبتة في الغلاف الصخري للأرض،‏ وهي أيضا تثبت الأرض،‏

وهنا يتضح وجه من أوجه الإعجاز العلمي في القرآن الكريم الذي أُنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة،‏ وذلك في قول ربنا‏ ـ‏ تبارك وتعالى ـ :‏ “وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا” وفي تكرار المعنى في تسعة مواضع أخرى من كتاب الله وصفت فيها الجبال بأنها رواسي،‏ وهي حقائق لم يتوصل الإنسان إلى إدارك شئ منها إلا في القرنين الماضيين بصفة عامة،‏ وفي أواخر القرن العشرين بصفة خاصة،‏ ولا يمكن لعاقل أن يتصور مصدراً لهذا السبق العلمي إلا بيان الخالق ـ سبحانه وتعالى‏ .
وفي هذا من التأكيد القاطع،‏ والحسم الجازم بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق،‏ الذي أنزله بعلمه،‏ وأن خاتم الانبياء والمرسلين‏ ـ صلى الله عليه وسلم‏ ـ‏ تلقى هذا ‏(‏القرآن‏)‏ عن ربه بواسطة الوحي الذي بقي موصولاً به حتى أتاه اليقين،‏ وأنه ـ‏ عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم‏ ـ‏ ما ينطق عن الهوى.