عرض مشاركة واحدة
قديم 09-05-2020, 02:34 PM
المشاركة 1467
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
.... أَخْنَثُ مِنْ هِيتٍ ....

هذا المثل من أمثال أهل المدينة ، سار على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان حينئذ
بالمدينة ثلاثة من المُخَنَّثين : هيت ، وهرم ، وماتع ،
فسار المثل من بينهم بِهِيتٍ ، وكان المخنثون يدخلون
على النساء فلا يُحْجَبُونَ ، فكان هيت يدخل على
أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم متى أراد ،
فدخل يوماً دار أم سَلَمة رضي الله تعالى عنها ورسول
الله صلى الله عليه وسلم عندها ، فأقبل على أخي أم
سَلَمة عبدِ الله ابن أبي أمية يقول : إن فَتَحَ الله عليكم
الطائفَ ، فسَلْ أن تُنَفَّلُ بادية بنت غيلان بن سلمة
ابن معتب الثقفية فإنها مُبَتَّلَةٌ هيفاء ، شَمُوعٌ نَجْلاء ،
تَنَاصَفَ وجهها في القَسَامة ، وتجزأ معتدلاً في الوسامة ،
إن قامت تَثَنَّتْ ، وإن قعدت تبنت ، وإن تكلمت
تَغَنَّت ، أعلاها قَضِيب ، وأسفلها كَثيب ، إذا أقبلت
أقبلت بأربع ، وإن أَدْبَرَتْ أدبرت بثمان ، مع ثَغْرٍ
كالأقْحُوان ، وشيء بين فخذيها كالقَعْب المكْفَأ ، كما
قال قيس بن الخطيم :

تَغْتَرِقُ الطَّرْفَ وَهْيَ لَاهِيَةٌ
كأنَّمَا شَفَّ وَجْهَها نزف

بينَ شُكُولِ النِّسَاءِ خِلْقَتُهَا
قَصْدٌ فَلَا جَبْلَةٌ ولَا قَصَفُ


فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال
له : ما لَكَ ؟ سَبَاك الله ! ما كنتُ أحسبك إلا
من غير أولي الإرْبَةِ من الرجال ، فلذا كنت لا
أحْجُبُك عن نسائي ، ثم أمره بأن يسير إلى خَاخ ،
ففعل ، ودخل في أثَرِ هذا الحديث بعضُ الصحابة
على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أتأذن
لي يا رسولَ الله في أن أتبعه فأضرب عنقه ؟ فقال :
لا ، إنَّا قد أُمِرْنا أن لا نقتل المُصَلِّينَ ، فبلغ خبرُه
المخنثَ فقال : ذلك من النازدرين ، أي من مخرقي
الخبر، وبقي هِيتٌ بخاخ إلى أيام عثمان رضي الله عنه .
قلت : هذا تمام الحديث ، وأما تفسيره فقد فسره
أبو عُبَيْد القاسم بن سلام في غريبه فقال : أما قوله
" وإن قعدت تبنت " فالتبني : تباعُدُ ما بين الفخذين ،
يقال " تبنت الناقة " إذا باعدت ما بين فخذيها عند
الحلب ، ويقال " تبنت " أي صارت كأنها بُنْيَانٌ من
عظمها ، وقوله " تقبل بأربع " يعني بأربع عُكَن في
بطنها ، وقوله " وتدبر بثمان " يعني أطرافَ هذه
العُكَنُ الأربع في جنبيها لكل عكنة طرفان ، لأن
العُكَن تحيط بالطرفين والجانبين حتى تلحق بالمَتْنين
من مؤخر المرأة ، وقال بثمان وإنما هي عدد للأطراف
واحدها طرف ، وهو مذكر لأن هذا كقولهم " هذا
الثوب سبع في ثمان " على نية الأشبار ، فلما لم يقل
في ثمانية أشبار أتى بالتأنيث ، وكما يقولون " صُمْنَا
من الشهر خمساً " والصوم للأيام دون الليالي ، فإذا
ذكرت الأيام قيل " صُمْنا خمسة أيام " وقوله " تغترق
الطَّرْف " أي تَشْغَلُ عين الناظرين إليها عن النظر
إلى غيرها ، ويقال : بل معناه أنها يُنْظَر إليها بالطرف
كله ، وهي لا تشعر ، وقوله " شَفَّ وَجْهَهَا نَزَفُ "
أي جَهَده ، يريد أنها عَتيقة الوجهِ دقيقة المحاسن
ليست بكثيرة لحم الوجه ، والنَزَفُ : خروجُ الدم ،أي
أنها تضربُ إلى الصُّفْرة ، ولا يكون ذلك إلا من
النعمة ، والشُّكُول : الضروبُ ، والجَبْلَةُ : الكَزَّة الغليظة .
وأما اسم هيت فقد اختلفوا فيه ؛ قال بعضهم : هو
هنب بالنون والباء ، قال ابن الأعرابي : الهنب الفائِقُ
الحُمْقِ ، وبه سمي الرجل هنبا ، وقال الليث : قد صحف
أهلُ الحديث فقالوا هيت ، وإنما هو هنب ، وقال
الأزهري : رواه الشافعيّ رحمه الله وغيره هيت - بالتاء -
وأظنه صواباً ، هذا كلامهم حكيته على الوجه ، والله أعلم .
وأما قولهم :