الموضوع: السقوط المروع
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-02-2013, 06:11 PM
المشاركة 12
آية أحمد
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
قصة هادفة ألقاها رحم الواقع، لذا فهي تدعو للكثير من التأمل والاعتبار...
جاءت صياغتها بطريقة متقنة محكمة، فكانت وتيرة السرد المتسارعة مناسبة تماما لأحداث القصة وبخاصة في جزئها الأول حيث كان مجالا لوصف البطل فاروق الممتلئ حيوية وعنفوانا وذكاء مما جعله يرتقي عتبات الحياة صعودا نحو القمة بكل قوة وجسارة ودون هيبة، الأمر الذي جعل الراوي ينتبه لكل ذلك ويتابع البطل بإعجاب لا نظير له، لكن القاص لا يفوته ذكر إحدى الصفات الذميمة لهذا البطل ألا وهي إدمانه على التدخين، ثم يعقبها باستمساكه بهذه العادة رغم علمه بمضارها ورغم نصح الناصحين، كل ذلك توثيقا في اعتزاز البطل برأيه وبقوته، بل إن الكاتب يحاول التلاعب على نفسية القاريء لإقناعه بمدى قوة هذا البطل حتى من خلال الألفاظ غير المباشرة كاسم البطل بـ: فاروق، الذي يحيل الاذهان مباشرة إلى الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله والمعروف عنه بالقوة خاصة،ثم وبذكاء يحاول مساعدة القاريء تذكر الفاروق عمر من خلال تسمية المدرسة بمدرسة عمر ابن الخطاب، كي تتكون لدى القاريء صورة نفسية لهذا البطل الذي أراد القاص أن يرفعه إلى القمة في ذهن القاريء لكي يكون السقوط -في ذهنه أيضا- مروّعا، وهذا ما نجح فيه القاص ببراعة، ولكن بعد أن هدّأ الأوضاع، وبطّأ من وتيرة السرد كي يعطي للقاريء متنفسا ليشحنه بطاقة أخرى لاستقبال النهاية المروّعة، ولقد لعب الراوي دورا مهما في تحريك الأحداث والانتقال بها من طور لآخر، فبعد تصعيدها نجدنا أمام البؤرة غير المتوقعة والصدمة التي تلقاها الراوي ومن ثمّ القاريء بهذا المُقعد على كرسي المرض وقد فقد كل شيء كان يدل على قوته بما في ذلك المنصب العسكري، والذي استبدله بتردد البطل على المسجد، وهو الذي كان لا يكاد يُرى في حيّه لانشغاله بمنصبه الراقي ، والمسجد كما نعلم مكان يوحي بانكسار النفس و تذللها، وهي صورة استعان بها القاص ليضاعف من قوة الأزمة ويعزز من صورة السقوط المروّع الذي كللّه بلقطة مباشرة ملموسة كانت في غاية الروعة، الا وهي سقوطه الحقيقي بينما كان يرتقي الرصيف، فهذا الذي ارتقى أعلى المراتب في المجتمع، صارت قدمه عاجزة على نقله بضع سنتيمترات إلى أعلى، لتأتي النهاية هادئة حزينة تلمّ الاحتدام الحاصل في نفس القاريء من خلال الراوي الذي جلس مفكرا وقد اختزل حياة هذا البطل والتي مرت خاطفة كالحلم ما بين القوة والوهن في لحظات من التفكير، تماما كتلك اللحظة الزمنية من خطبة الإمام والتي لا يعرف أكانت طويلة أم قصيرة.

كانت هذه قراءتي المتواضعة لهذا النص المليء بالدلالات التي تحتاج إلى المزيد من الوقوف عندها والنظر في معانيها...

رائع ما قرأت هنا...
بوركت أستاذ أيوب ...

أعطر التحايا...