عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
2

المشاهدات
3082
 
محمود عباس مسعود
أديب وباحـث ومترجــم

محمود عباس مسعود is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
59

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Sep 2011

الاقامة

رقم العضوية
10426
09-23-2011, 02:19 AM
المشاركة 1
09-23-2011, 02:19 AM
المشاركة 1
افتراضي حدّاد القرية: لونجفلو
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
هنري ودزورث لونجفلو



حدّاد القر ية


تحت شجرة السنديان ذات الأغصان المديدة
يقف صاحبنا حداد القرية ببنيته المتينة وكفيه الضخمين
وزنديه المفتولين القويين كقضبان الحديد
وشعره الأسود الخشن المسترسل على كتفيه
ووجهه الذي لوّحته الحرارة فاستحال أسمرا داكن
وجبينه المتصبب عرقا شريفا
فهو يكسب لقمة عيشه بتعب يمينه وعرق جبينه
ويمشي مرفوع الرأس لأنه ليس مَديناً لأحد بشيء.

على مدار السنة، من طلوع الفجر وحتى المساء
تسمع دوياً إذ يضرب الحديد بمطرقته الجبارة
بإيقاع بطيء ومنتظم كطنين أجراس القرية عند الغروب.

ولدى عودة الأولاد من المدرسة إلى بيوتهم
يتوقفون لينظروا إليه من خلال باب مشغله المفتوح
فيبتهجون لمرأى نيران كيره اللاهبة
ويصغون بافتتان لصوت منفاخه القوي
محاولين الإمساك بشرار اللهب المتطاير
الشبيه بتبن البيادر عند درس الحبوب.

وفي يوم من أيام الأسبوع يذهب إلى بيت العبادة
فيجلس مع أولاده مبتهلاً
ويستمع لصوت ابنته وهي تنشد في كورس القرية
فيغمر الفرح قلبه إذ يشعر ببهجة عظيمة تكتنفه.

وهذا الصوت الرقيق يعيد إلى ذهنه صوت أمها
المتجاوب في أجواء الفردوس
فيتذكرها من جديد ويذكر تلك اللحظة عندما وسّدها الثرى
وودعها الوداع الأخير
فتنهمر من عينيه دمعة ساخنة يمسحها بكفه الخشن.

وإذ يعمل ويفرح ويحزن
يواصل مشاور حياته يوما بعد يوم
فهو في كل صباح يبدأ عملا جديدا
وعند المساء ينهي ما بدأه في الصباح
فيعود إلى بيته مرتاح الضمير
وينام ملء جفونه.

لكَ الشكر الجزيل يا صديقي الكريم
على هذا الدرس الذي تعلمته منك
إذ أمام لهب الحياة المتأجج
يجب أن نعمل بجد ونكسب عيشنا بأمانة
وعلى سندان الحياة يجب أن نطرق
كل عمل من أعمالنا
ونصوغ كل فكر من أفكارنا.

_هنري ودزورث لونجفلو
ترجمة بتصرف: محمود عباس مسعود


غاية الحياة معرفة الذات
http://www.swaidayoga.com/

الحوار الذي أجراه معي الشاعر الجزائري الأستاذ ياسين عرعار على الرابط التالي

http://www.saddana.com/forum/showthread.php?t=10887