عرض مشاركة واحدة
قديم 02-20-2021, 09:21 PM
المشاركة 270
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
[من ضن أولا ثم جاد آخرا]

قدم الحارث بن خالد المخزوميّ على عبد الملك فلم يصله، فرجع وقال فيه:

صحبتك إذ عيني عليها غشاوة ... فلما انجلت قطّعت نفسي ألومها

حبست عليك النّفس حتّى كأنّما ... بكفّيك يجري بؤسها ونعيمها

فبلغ قوله عبد الملك، فأرسل إليه فردّه وقال: أرأيت عليك غضاضة «2» من مقامك ببابي؟ قال: لا، ولكني اشتقت إلى أهلي ووطني، ووجدت فضلا من القول فقلت، وعليّ دين لزمني. قال: وكم دينك؟ قال ثلاثون ألفا. قال: فقضاء دينك أحبّ إليك أم ولاية مكة؟ قال: بل ولاية مكة. فولاه إياها.

وقدم الحطيئة المدينة فوقف إلى عتيبة بن النهاس العجليّ، فقال: أعطني. فقال:

مالك عندي حقّ فأعطيكه، وما في مالي فضل عن عيالي فأعود به عليك. فخرج عنه مغضبا، وعرّفه به جلساؤه، فأمر بردّه، ثم قال له: يا هذا، إنك وقفت إلينا فلم تستأنس ولم تسلّم، وكتمتنا نفسك، كأنك الحطيئة؟ قال: هو ذلك. قال: اجلس فلك عندنا كلّ ما تحب، فجلس فقال له: من أشعر الناس؟ قال الذي يقول:

ومن يجعل المعروف من دون عرضه ... يفره ومن لا يتّق الشّتم يشتم «1»

يعني زهيرا. قال: ثم من؟ قال: الذي يقول:

من يسأل الناس يحرموه ... وسائل الله لا يخيب

يعني عبيدا. قال: ثم من؟ قال: أنا ...

فقال لوكيله: خذ بيد هذا فامض به إلى السوق، فلا يشيرون إلى شيء إلا اشتريته له. فمضى معه إلى السوق، فعرض عليه الخزّ والقز، فلم يلتفت إلى شيء منه. وأشار إلى الأكسية والكرابيس الغلاظ والأقبية، فاشترى له منها حاجته؛ ثم قال: أمسك.

قال: فإنه قد أمرني أن أبسط يدي بالنفقة. قال: لا حاجة لي أن يكون له على قومي يد أعظم من هذه. ثم أنشأ يقول:

سئلت فلم تبخل ولم تعط طائلا ... فسيّان لا ذمّ عليك ولا حمد

وأنت امرؤ لا الجود منك سجيّة ... فتعطي وقد يعدي على النائل الوجد