عرض مشاركة واحدة
قديم 04-13-2014, 07:33 PM
المشاركة 29
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
ليلة عيد الميلاد السوداء

لقد بهت بسام وذهل خاصة وأنا أشر للحراس أن يخرجوه وأنا أقول بغطرسة >
لكن دون أذية فليس لآل خورى أن يؤذوا ضيوفهم..
مازل شادن الطيبة تقبع فى ركناً ما منى قلتها وأنا أستدير وأدلف للقصر ثم إلى حجرتى كنت أرقبه من وراء زجاج النافذة يمضى الهوينا منحنى الظهروقد تلبدت السماء واكفهرت ونزلت الأمطار كالسيول لتبلل قميصه الخفيف وضعت يدى على الزجاج ألتمس البردوة علىّ أشعر بشئ لم أجفل وصوت جانو يهتف من خلفى وهى ترنو إلى ساخرة
احترسى يا صغيرة لقد عصف الحب يوما بأمك وهى فى سنك فأضاعها استدرت إليها وأنا أنظر إليها نظرة ذات مغزى ثم جلست أمام المرآة وأنا أمشط شعرى وأقول لها
اخبرينى عن أمى جانو يبدو أنك كنت تعرفيها جيدا
جفلت وهى تحاول الانصراف
لا أعلم عن أمك الكثير ناتالى نهضت وامسكتها من ذراعها بقسوة وأنا أخرج صورة تجمعهما
أاليست هذه لك؟
فهتفت كيف تجرؤين
ضحكت بسخرية
منذ جعلتمونى ناتلى بالإكراه فأنا أفعل ما يحلو لى نظرت لى بحقد
تماما مثل لوسى .. إذا أرادت شيئا يجاب لها اضاعتنى واضاعت نفسها حينما انساقت بمشاعرها وراء الفتى المصرى بعدما قابلته فى باريس ثم جلست على الفراش وهى تنهار فى بكاء مرير هل تعاطفت معها.. كلا .. أبدا.. فقط علمت أنها تكرهنى حتى النخاع كما تكره لوسى وتمقتها مسحت دموعها بسرعة وهى تعود للهجتها الرسمية وتخبرنى بما لدى اليوم فقاطعتها وأنا أنظر إليها بتفحص
هل لدينا قرابة ما
فغصت والذهول يكتسى محياها ثم يتحول لغضب مرير وقد طارت عبر الغرفة لا تلوى على شئ مرت الأيام وقد توقف المطر ثم عاد بثلوج قوية غطت كل شئ حتى الأبدان الشائهة كانت ليلة عيد الميلاد ليلة باردة مرتعشة ملبدة بالغيم الرمادى ، تطلعت فى المرآة للصورة المنعكسة وتلك البراءة التى غادرت عينى وشعرى الأشقر المصبوغ والقرط الصاخب فى أذنى وفستانى الأرجوانى القصير فتاة أنيقة تنتمى لهذا القصر الكئيب تحفظ جدرانه صوتى لينضم لصوت ضحايا آخرين تنهدت فى خفوت محاولة تذكر ماضى بعيد لفتاة .. لصبية آخرى سعيدة وكأن عاما وبضعة أشهر قد صارت عشرات الأعوام اضيفت لنفسى المتعبة كان خورى يقف فى الأسفل ومعه تونى عراجى واضح أن ثمة مشكلة ما فقد بات العجوز غاضبا وقد انهى غضبه ببصقة على وجه كلبه الأليف تونى الذى مسحها فى برود وهو يسمع باقى الشتائم ضحكت فى سخرية وأنا أهمس
كان لابد أن تتلقى بعض دورس الاتكيت التى تتحفنى بها يا خورى
تنبه لوقع خطواتى على السلم فتهللت أساريره وهو يقول
ناتالى حفيدتى الجميلة
اومأت فى خفة وأنا أنظر نظرة ماكرة تعمدت أن يلحظها تونى على مكان البصقة فضاقت عينيه فى ضيق امسكنى خورى من ذراعى برقة لندلف بالسيارة وهم تونى أن يجلس فى المقعد الأمامى فصرخت فى حدة
لالالا
نظر لى العجوز متسائلا فقلت
فى غطرسة لن يركب أحد عمالك معنا متغاضية عن كون تونى مدير أعماله الذى وقف أمام السيارة محتارا فصحت فى غضب للسائق
أغلق الباب ففعل
بهت العجوز ثم افترت أساريره عن ضحكة شيطانية ساخرة وهو يردف
أنت فعلا حفيدة غسان خورى تجاهلته خشية أن يرى الدمعة المترقرقة فى عينى وأنا استغرب فى هذا الشر الغير مبرر لأذية الغير وتطلعت للمشاهد التى تمر بلا اهتمام .. أغوص فى أفكارى عن أبى ويعصف بى الغضب كيف لم يبحث عنى ..هل كنت عبئاً ثقيلاً حتى يتخلص منه أعرف أنه فى الثامنة والثلاثون من عمره .. مازال شابا .. لكنى ابنته .. هل تقبل خروجى من حياته كما تقبل خروج أمى أتساءل إين أنت يا لوسى أين أنت ثم يتراء بسام وفدوى وقد تلاشا من حياتى وعباراتى القاسية التى صدقها بسام جعلته يلفظنى من حياته الجميع لفظنى ووقعت فى قبضة الجبار غصت فى مقعدى والكأبة تأكل صدرى ثم ابتسمت فى مرارة فتاة جاحدة لديك أشياءا لم تحلمى بها فقط لو يأمن العجوز مسلكى .. هو مازال يشك بى رغم كل شئ نوعا ما يحيره تغيرى السريع ألمح فى عينيه رضاءه عنى لكنه مازال مصرا على سجنى عدا المرة الوحيدة فى الأسبوع الماضى الذى سمح لى بالخروج برفقة جانو ونادر للتبضع كنت أرقب الجمهور على أجد بسام بينه .. لكنه تلاشى وتركنى أستيقظ من أفكارى على يد العجوز وقد توقفت بنا السيارة أمام بناية ضخمة لم أتبينها فى البدء ثم عرفت وعينى تزداد اتساعا فأغمضها فى ذهول إنه اختبار خورى الكبير اختبار تشهده إحدى أكبر كنائس بيروت الشهيرة توقف فى حيرة وقد تجمدت قدماى إلا أن العجوز سحبنى من ذراعى وأنا أنظر فى لا وعى لنظرة تونى عراجى المتشفية وقد وصل فى سيارة آخرى كانت نبضات قلبى سريعة سريعة وعرقى بارد وعينى زائغة فاليوم أودع اخر خيوط تربطنى بشادن لأصير ناتالى خورى نهائيا
أنا ناتالى غسان خورى همست ثم هززت رأسى فى رفض ..
كلا شادن سميح محمود
بل ناتالى
وقد لاحت صورتى فى المرآة فأغمض عينى
بل شادن إيتها الغبية
أرقب الوجوه فى وجوم وقد وقفت تلك الراهبة الجميلة التى يبدو أننى رأيتها فى مكان ما تبكى وتتكأ على الجدار جلست فى مقعدى ودموعها تنهمر فى غزارة فإذا بخورى يشير لأحدهم فيحاول إخراجها من القاعة فترفض فى غضب وواضح أنه يطلب منها التوقف أنظر لخورى بألم أيها الطاغية
دعها تبكى دعها تبكى لأجلى

لأننى لا أملك البكاء فإنك ستحول بكائى لدماء ايها الطاغية سحقا لك قرصت نفسى فى ذراعى
اصمتى إيتها الجاحدة أنت ناتالى فلتذهب الراهبة إلى الجحيم فليذهب الجميع للجميع أنت ناتالى خورى القوية الثرية لست شادن الضعيفة الضائعة التى لفظها الجميع
كانت تترائ على وجهى انفعالات أقرب للجنون .. وقد علت الترانيم لتخدر أعصابى وتبعث فى جسدى نشوة ..كانت رأسى تدور وتدور مازلت أذكر ليلة العيد ليلتى المترفة بالحلم والألم مازلت أسمع حثيث خطواتى صاخبة هادرة تقترب من الأب ..كانت الأجراس تكمل مشهد التأبين مراسم موتك يا شادن ..
هيا ارحلى فى سلام ..
لتتقدس روحك فى السماء ..
اعطانى الأب خبزا بعد أن قبله .. اخذت القطعة فى استغراب .. انتظر أن أكلها
ارحلى يا شادن ليتقدس اسمك فى السماء
ارحلى فى سلام
ثمة يد قاسية تغرس فى لحم يدى بأن أكل قطعة الخبز كلى ناتالى كلى أنظر إليه فى ذهول وهو يقول والعيون تتعلق بنا كلى إيتها الحمقاء لقد جعلتينا أضحوكة أسأله فى حيرة

ناتالى من ناتالى من..
أكاد أبصر فى وجهه وحشا مرعبا فألقى الخبز فى وجهه يلطمنى الوحش فى قسوة فأخمش أظافرى فى وجهه وتسيل دماؤه وهو يصرخ مذهولا وأنا أصرخ فى غل وهستريا

اذهبى فى سلام .. وأهاجمه مرة أخرى وقد اثارتنى الدماء وقد رفع شخص ما مسدسه فى وجهى إلا أن الراهبة الباكية اخذتنى فى أحضانها وأنا أصرخ فى هستريا
دعها تذهب فى سلام

ثم تتلاشى الأرض من قدمى ويسود الظلام

يتبع الحلقه القادمة........