الموضوع: واقع .. وحلم
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-07-2021, 03:49 PM
المشاركة 5
ثريا نبوي
المراقب اللغوي العام
الشعراء العرب

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية التميز الألفية الأولى القسم المميز شاعر مميز المشرف المميز 
مجموع الاوسمة: 8

  • موجود
افتراضي رد: واقع .. وحلم

ينتهي (مساسل) مُسلسلُ الكوارث، تُطفئ التلفزيون، تحمل جسدك المنهك إلى السرير، تعانق قلبك بعدما تعذّب بالمشاهد المتواترة بلا رحمة.
عالم يكسر (شبابيكك) نوافِذَك، يقتحم غرفة جلوسك لتشهد العنف والدمار وسيول الدماء.
تحضن قلبك، تهدهده " يا قلبي لا تحزن" لكن! أين المفر من الحزن؟
تأكل اللقمة، تتذكر أن هناك جياعًا فتصدها عن فمك، تدفأ في سريرك فتطفو أمام عينيك صور المشردين في الأصقاع الحارة والباردة بلا كساء، ولا غطاء.
تفتح كتابًا مسليًّا لتقرأ فتطل عيون الأطفال (أيتام) أيتامًا، ومرضى تقلق تفكيرك فلا تترتب جملة في عقلك.
تستل زجاجة الماء البارد لترشف منها، تحس أن الماء تلوّن بدم شهداء ذبحتهم سكين التطرف، أو دكّتهم آليات الحروب.
أين تذهب في ليلك الطويل؟ كيف تصد هجمات الأخبار الآتية إليك بلا تعثر ولا تباطؤ!
تغمض عينيك، تقول: لعلّ حلمًا جميلًا يرف إليك، يلامس برموشه وأطراف شفتيه وجنتك الملبدة بآثار الجحيم، لعلّ وعسى يزرع وردة ويرش رحيق العسل.
يجذبك عالم الحلم، يدسك في ثناياه ، يتلوى بك في الأزقة المدلهمة (و) أو المضاءة، تتعرج في سيرك، تشتهي شهقة طائر وحيد يبحث مثلك عن أليف، وما تكاد تحس رفيف أجنحته (تهامس) يهامسُ كل جهاتك حتى تنطلق بعمق فرحتك، جذلان (مترقبة) مترقبًا لحالة فريدة، إغماءة منعشة، توهانًا في صدور الأشجار، و(رفضة) ورقصة؟ النجوم، وما تكاد تهيئ روحك لانزلاقها في تجويف مغارة باردة لتعانق عصفورك الآتي حتى تدوي حولك ألغام شيطانية، تهدر الرعود، تهطل السماء رملًا ووحلًا، يتسرب الضيق إلى صدرك، تمتلئ أوعية رئتيك الرفيعة بالحبيبات حد الاختناق، تعصف الأنوار، تحولك ورقة، ريشة، غصنًا جافًا، يلوحك الهواء بعيدًا عن مغارتك وعصفورك، يذروك إلى حيث رمادُ الحرائق ما يزال لاسعًا رغم انطفاء الجمر، تناضل كي لا (يُمسك) يمسَّكَ الحريق، تشحن أعضاءك بقوة متخيلة، تجد نفسك تنجو..
تطير.. تغادر مكان العاصفة باحثًا عن بحيرة رقراقة ما تزال ألوان الشمس القزحية مفروشة على سطحها، تصب جسدك فيها، (يتطاشر) يتطايرُ الماء باردًا، تضحك والموج يسري بك إلى العمق، وحلمك بقلب محارة ناعم يكون السرير، الوسادة، حيث تلقى سمكة حائرة مثلك، (تتوسدان كل منهما) يتوسدُ كل منكما زعانف الآخر، (تدق) تُعزَفُ الموسيقى ويبدأ حفل الزفاف.
الحلم يخدعك، لا محارة، ولا سمكة رفيقة، أنت في مواجهة حيوان بحري يبدأ لعبته الخسيسة، يناورك، يتسلى بك قبل أن يفتح شدقيه ويلتهمك، أنت الذي لا تجيد السباحة لا في المياه الضحلة ولا في عمق المحيط، تفاجئك قوة هائلة حبا (بالحياة) في الحياة التي لا تريد أن تُحرم من حدائقها، تنبت لك أجنحة، أذرع، تتحدى الحيوان، تهب مرتفعًا برأسك حيث تطل على اليابسة، الرمل الأسمر الجميل، الأشجار الملونة بريش الطيور وأوراق طائرات الأطفال التائهة ، تصرخ فرحًا بالحياة، (ر) وبالنجاة، تندلق على الرمل، تتثاءب، تتمطى، تتبلل بوشوشة الماء المندس بين رؤوس الرمل، عيناك المغمضتان تحلمان أن قمرًا سيطل عليك، يلتوي حاضنًا (روحة) روحكَ الوالهة، لكن الصعقة تذعرك، شوكة عقرب تدس سمها، أين الخلاص؟!!
الواقع يلاحقك بالشرود، والحلم (نهابة) نهايةٌ تفجعك بالألم!
كيف ستمضي الحياة؟
تسأل نفسك.. تصحو.. والسؤال مشنوق في حنجرتك الجافة