عرض مشاركة واحدة
قديم 10-05-2010, 10:06 PM
المشاركة 33
حنان عرفه
الحـلــــــم

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
شك ويقين
مررتُ بمحنة قاسية مؤلمة ، سوَّدت كل شيءٍ في عيني ، وكرَّهت إليَّ الحياةَ و الأحياء ، فخرجت أهيم على وجهي ، أضرب في الأرض على غير هدى ، ولا أدري إلى أين تجرني قدمي ... حتى لقيني أحد الأصـدقاء المخلصين ـ أو هــكذا خُيِّل إلي ـ ولما رآني مغتماً ، ألحَّ في أن يصــحبني ، وسألني عما بي ، فشــكـوت له بثي وحزني ، وكان بيننا هذا الحوار الذي استوحيته من قصيدة ( ابتسم ) لإيليا أبي ماضي :
***********
قال : الســـماءُ جميـــلةٌ وتبسَّما قلـت : انتــظر إن التجهُّمَ في السما
رعدٌ وبــرقٌ والغــيومُ ســوادُها يخفي خــراباً ســوف يجتاح الحِمى
قال : السـماءُ بديــعةٌ أوَ لا تــرى تـلك الكــواكبَ زينـةً والأنجـما
قلــت : انتظر إن النجومَ رجــومُها وغــداً ستـحرقنا وتُفـني العـالمَـا
والكـوكـبُ الحـاني علــيك بنوره سيصير في غــده مخــيفاً مظــلِما
قال : الغــــدُ المشـئومُ ناءٍ فابتسم وافــرح فـإن الحــمقَ أن تتشاءما
قلت : انتظـرْ فالــدهرُ يمضي عاجلاً وغــداً سنجـرَعُ من مــرارٍ علقما
قال : الذي خــــلق الوجـودَ لِغايةٍ أعــطاك هـذا العــمر كي تتنعَّما
وحباك إحسـاساً وعقـلاً فامْــضِ في هـذي الحيـاةِ مـوافقاً كـي تسلـما
قلــت : انتـظر إن الوجودَ هو الذي قــد علَّــم الإنســان أن يتألمـا
وهو الذي قــد هـــدَّني وأمـضَّني وقـطعت فيـه العـمر بؤسـاً أسخما
لو لم أكــن حياً لَمَا ذقــتُ الجـوى نكــداً وتعذيــباً وشكــاًّ قـاتما
ما ضـــرَّ لو مضــت الحياةُ بغير ما آتي الحياةَ بـلا اختيــارٍ مُرغَــما ؟
قال : ابتســم واطـرحْ همومَك جانباً فالكــونُ حولــك ينتشـي مترنِّما
والطـــير يسـعى هانـئاً فـي كدِّه يغدو خميصـاً ثم يرجــع متخَــما
فـدع الأسـى كي لا تعيـشَ محطـَّماً مـاذا يفيــدك أن تعيـش محطَّـما ؟
قلـت : انتـظر فالـطير ليس كما ترى والصـقرُ يتخذ الحــمائمَ مطعــما
والأُسْـدُ في الغـابات تفـترس الظِّـبا والحــوتُ في الأعـماق يمخُرُ مجـرما
والناسُ فــوق الأرض هــذا شأنُهم وصـــغارُهم لكبارِهم مثلُ الــدُّمى
قتــلٌ وتعذيــبٌ وهتْـــكُ محارمٍ في كــلِّ شــبرٍ سـوف تُبصر مأتما
*** ***
وظللتُ أســخط وهـو ينظر في رضاً وظـللتُ أشـكو وهـو يسمع بـاسِما
وتركتُـــه وأنا أحــسُّ بخيــبةٍ ورأيـته يمــضي سعيــداً ناعِــما
ومضيتُ وحــدي فــي طريقٍ حائرٍ واللــيل يمـضي بـي ثقيــلاً مُبهَما
وسمعتُ صــــوتاً في الفضـاء يهزُّني ونظــرتُ لـكنْ لـم أجـد متكلما
ولمحتُ نوراً في الســماء يحــيط بي ويقـود خَـطْوي فامتثلْـتُ مسـالِما
شيئاً فشـيئاً ثـم راح يطُـــوفُ بي حــول الوجـودِ فخِلْتُ نفسي حالِما
أحسَسْتُ أني كنــتُ يوماً هــا هنا أو أنـني قـد زرتُ هــذا العــالَما
فيْــضٌ مـن الإيمان هَــدَّأ خاطري فشــعرتُ أنــي قد عـلَوْتُ الأنجُما
وبَصُرْتُ حـــولي بالملائك تزدهـي وتخــــصُّ بالتسبـيح ربًّا منعِــما
ووجـدتُ روحـي تستعـيدُ رضـاءَها وهنـاءَها وصـــفاءَها المتصــرِّما
أدركتُ غايـــــةَ خلقِنا ومصـيرِنا وفهــمتُ ســرًّا كان قبلُ مُطَلْسَما
" إن الذي خــلق الوجــودَ بحكمة ٍ قد أنشـأ الإنسـانَ كـي يتـعلَّـما "
فانظـرْ بعقلكَ إن رجَـــوتَ سعادةً واسْـتفتِ قـلبَك إن أردتَ تــنعُّما
******
تأليف : الدكتور شعبان عبد الجيد محمد علي