الموضوع: وسام
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-10-2017, 02:47 PM
المشاركة 3
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نص غرائبي يبدو معقدا وعصيا على الفهم لكن التدقيق في مفرداته والتعمق في فهم معانيها تظهر ان النص وصف لحدث واقعي باسلوب غرائيبي استثنائي في جمالة ولغته وتراكيب جمله.
وهو حتما نص قصصي لانه يشتمل على كافة عناصر القصة القصيرة من حيث المكان والزمان وبطل النص والحدث او الحبكة.
صحيح ان الغموض يلف النص من اوله لآخره لكن القاص يسمح ببعض الإشارات والعبارات التي تشي بمقصد القاص وتوضح طبيعة الحدث وكيف يتطور.

لكن اسلوب الكتابة هنا ، وهو العلامة الابرز التي تميز النص ، فهو اسلوب مذهل بحق ويتطلب قدرة هائلة من الإمكانيات السردية واستحضار المفردات المناسبة لدى القاص وهذا ما يبدو ان الاستاذ عباس كان قادرا على فعله باقتدار.

اتصور ان الحبكة بلغة عادية يمكن صياغتها او ترجمتها كما يلي :
الراوي في النص يخبرنا بانه كان يرتدي ما هو مرعب وقد يكون ذلك إشارة لمقاتل في معركة وقد يكون المتحدث شرطي او جندي يحمل ادوات رعب ، المهم ان هذا المتحدث يحمل الرعب، لعله يقوم بعمل مثيرا للدهشة، قد يرسم مصائر لمجموعة من الناس ضمن دائرة الحدث الذي سيقوم به، وهو حدث تدرب عليه وكان ثمرة لجهده الذي بذله الى ان استحق لبس الزي الرسمي، ليقوم بعمله.
خاطبه احدهم واصفا اياه بالجلف وهذه إشارة الى طبيعة ما يقوم به من عمل يتصف بالقساوة ، لكنه لم يعر محدثه اي انتباه واكمل حديثه، مخبرا المتلقي بانه أمسكه ولوى عنقه وقام على تعذيبه فعصر خصيتيه واكفأ سيجارة في جسده ، محاولا تحطيمه ثم يسأل المتحدث سؤال استنكاري : هل يعقل انك وبعد كل هذا العذاب ما تزال حيا صامدا لم تنطفئ روحك ؟!
يشتاط غضبا فيحمل هراوة فحركت تلك الهراوة ما علق بالمكان من عفن وهذه إشارة ربما الى مكان منعزل قد يكون السجن، وما يلبث المتحدث ان يقع في فخ منصوب له حيث يخترقه مسمار، وفي ذلك إشارة على حدوث انفجار ربما وما يؤكد ذلك الركض واللهاث وتسرب الدخان وانحسار الرؤية واشتعال النيران. حيث يحاول المتحدث الخروج من المكان لكن الباب لا يفتح، فيشعر المتحدث بان الباب يتحداه فيجن جنونه ويثور كثور هائج يركل ألباب برجليه فينخلع الباب ويهوي فيشعر بقوته او لا شئ يستعصي عليه فاتح المغاليق.
وفي خارج المكان يجد طائرة تحوم في المكان التي تكون تلوح في سماء الحدث المزلزل الذي يصفه المتحدث بالفاجعة لكن المروحية تصادم في السور وتنشطر ثم تنفجر ويموت كنتيجة لذلك اناس يتحولون الى اشلاء ..ويموت هو حيث تفر روحه ويتحول الى عنكبوت ويسلق بما امتلكه من قدرا العنكبوت سورا يصارع الاسلاكك لكنه ما يلبث ان يقع وهنا يتحول هو الى الضحية بعد ان كان الجلاد فتتقاذفه الحجارة ويطعنه احدهم ويدوي عليه اخر ويضرب بالسكاكين فينزف دمه ثم ينطلق الرصاص فتأتي مدرعة لتنقذه فتدوس على خصومه وتشكر جدرانهم وتتراكم الجثث لكن المدرعة تتعرض الزجاجات الحارقة وتقع في حفرة. يحدث ذلك أمام ناظريه فيزحف من جديد وعلى الرغم من الخوف الذي ينتابه والجروح التي تنزف دما لكنه يهجم عليهم فيصتطم بهم، ليضربنك بقسوة ويغل فيهم ويشوه وجوههم ويشرب من دمائهم وقد تحول الى عنكبوت، لكن جراحه ودمه النازف تشعره بالوهن والبرودة وفي ذلك مؤشر على اقتراب الموت وفي تلك اللحظة يحن للسلام للعلم للوطن اي الحياة الرتيبة. لكن النبضات تتسارع في مؤشر على اقتراب النهاية وفي تلك اللحظة يسمع هتافا لا تركع ...
وهنا تنتهي الحبكة .

اذا النص عبارة عن وصف لأرض معركة دارت في مركز شرطة على الاغلب حيث كان الشخصية الرئيسية يلعب دورا بارزا مرعبا لكن هجوما يقع على المكان فيتحول الشرطي الجلاد الى ضحية عندما يصاب بجراح تأتي طائرة لتنقذه لكن الطائرة تسقط ويموت هو لكنه يظل في عنفوانه حتى اخر لحظة فتكون الكلمات الاخيرة التي يسمعها لا تركع ... ويموت قبل ان يسمع باقي الجملة .
ما يميز النص ايضا من الناحية الفنية هو البناء المميز للشخصية الرئيسية فهي شخصية دائرية متطورة حيث يتحول حالها عبر النص.
طبعا تظل هذه القرءاة محتملة وربما يشئ النص بمقاصد اخرى مقصودة او غير مقصودة . فنحن نعرف ان العقل الباطن اذا ما أرخي له حبل الابداع قد يولد نصوص كودية رمزية من الصعب فهمها واستنباط معانيها وقد يحاج ذلك جهدا جماعيا او وقتا ممتدا حتى يكون من الممكن فهم النص. وأظن هذا النص واحد من تلك النصوص.

اصفق لك استاذ العكري على هذا النص البديع الذي اشغلنا ...




*