عرض مشاركة واحدة
قديم 01-29-2014, 09:35 PM
المشاركة 9
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أراء الفريق الثاني:
_غياب الشاعر الوشاح المشروع:
أصحاب القصيدة العربية الأصل (الكلاسيكية) أحيوا عمود الشعر فيها كما فعل محمود سامي البارودي و من جاء بعده ، و أصحاب قصيدة التفعلية ممن قالوا بصلاحيتها و مواكبتها لروح العصر جاهدوا في نشرها و استماتوا حولها ، حتى ما يسمى قصيدة النثر و هذا ما لا يصدقه عاقل أن النثر يكون شعرا لمجرد الإضافة بذلوا و يبذلون ما في وسعهم لاقناع من يقتنع بأمرهم ، و المنتديات و الصحافة و الإعلام المسموع و المرئي يعج بكل هؤلاء إلا الموشحات فلا نصير لها اليوم.
فلم نسمع بشاعر وشاح طاف الأرض ينشر الموشحات في أمسياته أو فرض على الجمهور العام قضية التوشيح في لقاء صحفي أو ملتفز (مرئي) و اثار حولها ضجة تفيق النائم عن و تقوي القائم في هذا الأمر .

غياب الشاعر الوشاح طبعاً و ثقافة:

لا خلاف أن هناك من عباقرة القصيد العربي من تفنن في فرع من أغراض الشعر حتى صار ذكر هذا الشاعر مرتبط بهذا الغرض كجرير و الهجاء ، و أبي العتاهية و الزهد ، و قيس ليلى و الغزل العذري ، و أبي تمام و الحكمة ، و المتنبي و وصف الحروب ، و أبي نواس و المجون ، و مردّ هذا إلي الطبع و ثقافة العصر من حوله.
فالله خلق الناس متباينين شكلا و مضمونا و هم كذلك في الشعر فهذا العباس بن الأحنف مع كونه عباسي الأرومة هاروني العصر إلا أنك لا تجد في ديوانه مدحا أو هجاء ، بل كل ديوانه غزل ظريف و عفيف ،اللهم ما خلا قصيدة واحدة لا تتجاوز الثمانية أبيات مدح بها ابن عمه هارون الرشيد في رحلة طويلة من بغداد إلى خراسان و أظنه كان محرجا ، فطبعه غلبه فأجاب الطبع
فقدَم لنا روائع الشعر، منها:
أتأذنون لصبٍّ في زيارتكم = فعندكم شهوات السمع و البصرِ
لا يضمر السوء إن طال الجلوس به = عفُّ الضميرو لكن فاسق النظر
و قس على العباس بن الأحنف ما تجده من تبلور شخصية الشعراء في تمازج حروفهم و تشكيل أرواح من أبدعها وزنا و قافية،
و الأمر كذلك مع الموشح فظهور التشويح و غلبته على سائر الفنون الشعرية في عصر سالف كان من أبرز مقوماته:
ظهور مواهب فطرية طبعها قابل لهيئة الموشح و موسيقاه ، مع ثقافة بخبايا العربية و ظواهر الحياة و إقبال من المجتمع على الموشحات و انتظار لما يبدعه الوشاحون لهم .
أما اليوم فإن وجد الشاعر المطبوع قتلته فتن العصر و ضعف الهمم ، فلا موقف المسلمين اليوم الباهت ثقافيا و سياسيا و اقتصاديا و عسكريا يجعل الشاعر يركن إلى وصف الطبيعة و التغزل بالجمال فهو مشغول بحساب البقية الباقية من ديارنا التي لم تنلها جحافل الاستعمار و بالبكاء على ما سلب ومن لا يرفع رأسا بشأن مما سلف و لا احتفل بالدين و الوطن، تجده شاغل البال بلقمة العيال ، فخشونة العيش صيرت شعراء عصرنا جُفاة .
و زيادة على ما سبق تجد الشاعر يلهث خلف الظهور السريع فهو كما يقال يساير رغبة الجمهور لقلة النظر و ضيق الأفق فجمهور اليوم غير جمهور الأمس و سيكون غير جمهور الغد ، و الأحوط أن يرسم الشاعر لموهبته خريطة تضم أذواق الحاضرين و القادمين من الغيب في شتى صنوف الشعر و منها التوشيح.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا